تستعد دولة جنوب السودان بعد شهرين للاحتفال بالذكرى الرابعة عشرة لاستقلالها عن السودان، إلا أن هذه السنوات لم تشهد سلامًا حقيقيًا أو استقرارًا دائمًا.
في ظل التوترات السياسية والأمنية التي تمر بها بوركنا فاسو الدولة الواقعة غرب أفريقيا، عاد الجدل مجدداً إلى الواجهة عقب ظهور تقارير صحفية تتحدث عن طلب الرئيس البوركينابي من تشاد إرسال 200 جندي لتقوية جهازه الأمني. يأتي ذلك بعد أسابيع من إحباط محاولة انقلابية دبرها عدد من الضباط المشتبه بتورطهم في مؤامرة داخلية، لكن تشاد سارعت إلى نفي تلك المزاعم، عبر بيان عن إدارة الإعلام في الرئاسة، والذي أكد أن هذا الموضوع لم يطرح بين الرئيسين واصفاً التقارير الصحفية بالزائفة.
تسعى زامبيا وزيمبابوي بشكل مشترك إلى إعادة إحياء مشروع سد باتوكا جورج للطاقة الكهرومائية، بوصفه أحد أبرز المشروعات الاستراتيجية في قطاع الطاقة بالمنطقة، وذلك عبر تكثيف الجهود الرامية إلى جذب استثمارات دولية تغطي التكلفة التقديرية البالغة نحو 5 مليارات دولار، ويأتي هذا الحراك في سياق التحديات المتفاقمة التي تواجه البلدين على صعيد أمن الطاقة، إلى جانب الأزمات المالية والاقتصادية التي فاقمتها جائحة كوفيد-19.
عملت رواندا خلال السنوات الأخيرة على ترسيخ مكانتها على الساحة الدولية كمقصد للمهاجرين الذين تسعى الدول الغربية إلى ترحيلهم من أراضيها. فقد وقّعت كيغالي اتفاقيات مع عدد من الدول الأوروبية لاستقبال هؤلاء المهاجرين مقابل دعم مالي واستثماري في البنية التحتية والخدمات. رغم الانتقادات الواسعة التي وجهتها منظمات حقوق الإنسان، والتي عبّرت عن قلقها من سجل رواندا في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان، ترى بعض العواصم الغربية أن كيغالي تمثل شريكاً عملياً، يمكن التعويل عليه في ظل تصاعد أزمات الهجرة ورفض استقبال المزيد من اللاجئين.
في ظل استمرار الأزمات السياسية والأمنية في الصومال، تبرز أزمات إنسانية واجتماعية لا تقل خطورة، في مقدّمتها الفيضانات الموسمية المتكررة، التي تتجدد مع قدوم كل موسم نتيجة ارتفاع منسوب مياه نهري جوبا وشبيلي النابعين من المرتفعات الإثيوبية، وفيضانهما في المناطق المحيطة، مما قد يتسبب بأضرار جسيمة تطال آلاف السكان، بدءًا من النزوح الجماعي من المدن والقرى والمناطق الزراعية، مرورا بتفشي الأمراض بسبب فقدان المياه الصالحة للشرب، وانتهاءً بإتلاف المحاصيل وحرمان المزارعين من قطف ثمرة جهدهم الزراعي.
تشهد منطقة غرب أفريقيا في السنوات الأخيرة، تحوّلًا دراماتيكيًّا في بنيتها الاقتصادية والسياسية، يتجلّى في موجة غير مسبوقة من انسحاب أو طرد الشركات الغربية من قطاعات استراتيجية، لطالما شكّلت عصب العلاقة بين المركز الاستعماري السابق والهامش الأفريقي. ما يحدث ليس مُجرّد إعادة توزيع لحصص الاستثمار، بل هو تمظهر عميق لتحوّل في فلسفة الحكم والتعامل مع الموارد المحلية، يحمل في طياته ملامح "ثورة صامتة" ضد نظام اقتصادي عالمي غير متكافئ.
تشهد العلاقات المائية بين دول حوض نهر أومو تحولاً استراتيجياً خطيراً مع توسع إثيوبيا في إنشاء سلسلة من السدود على النهر، مهددةً بذلك الأمن المائي لكينيا؛ وخاصةً بحيرة توركانا. فقد عمدت إثيوبيا إلى إنشاء خمسة سدود على نهر واحد (بعضها قائم والبعض الآخر قيد الإنشاء)، مما تسبب في انخفاض منسوب المياه في بحيرة توركانا الكينية، وإحداث تغييرات جذرية في النظام البيئي للبحيرة، وسبل عيش السكان المحليين المعتمدين عليها.
نجحت الغابون في استعادة عضويتها بالاتحاد الأفريقي، كما أعلن الأخير رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على ليبروفيل، بعد الانقلاب العسكري على نظام بونغو في 30 أغسطس/آب 2023، بعد نجاحها في استكمال المرحلة الانتقالية، وتنصيب رئيس جديد للبلد. فيما لم تتم تسوية عودة خمس دول إلى حظيرة الاتحاد (مالي وبوركينافاسو والنيجر وغينيا والسودان)، بعدما فشلت المشاورات في مجلس السلم والأمن، بمبادرة مغربية، لإعادة إدماجها في المؤسسة، وحثها على تسريع الانتقال الديمقراطي. كما تراجعت الإيكواس عن عقوباته السابقة على دول الساحل دون أن تغيير قناعات قاداتها الجدد.
تشهد القارة الأفريقية تحولات جيوسياسية غير مسبوقة، وضعتها في صلب التنافس الدولي على النفوذ بين القوى الكبرى؛ فبينما تعزز الصين حضورها من خلال استثمارات استراتيجية ومشاريع حيوية، تعمل الولايات المتحدة على إعادة صياغة مقاربتها، متجاوزة التركيز الأمني الأحادي نحو استراتيجية شاملة متعددة الأبعاد. في صميم هذا التنافس، يبرز القرن الأفريقي، وخاصة صوماليلاند، كساحة مفصلية تعكس تغير موازين القوى العالمية، حيث لم تعد المواجهة مقتصرة على الجانب الأمني-العسكري، بل امتدت لتشمل الاقتصاد والدبلوماسية وأدوات القوة الناعمة.
جددت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مدغشقر في أواخر أبريل/نيسان الماضي الحديث عن موقف باريس من الفظائع التي ارتكبت في القارة الأفريقية إبان الحقبة الاستعماري، إذ أعلن ماكرون عن تشكيل لجنة مشتركة من مؤرخي البلدين للنظر في ع
توفي أثول فوجارد في 8 مارس/آذار 2025 في مدينة ستيلينبوش بجنوب أفريقيا، عن عمر ناهز 92 عاما، بعد أن خلّف إرثا مسرحيّا استثنائيّا. كان الراحل من أبرز الكتّاب المسرحيين الذين بلوروا مسرحا مقاوما ومركّبا في جنوب أفريقيا، خلال واحدة من أكثر الفترات قسوةً وظلمة في تاريخ البلاد، هي فترة الفصل العنصري. لم يتعامل مع المسرح كمنصة للخطابة السياسية أو التنديد الظرفي، بل مختبرا للكشف عن جوهر الإنسان في مواجهة الطغيان، ومجال لاستبطان التمزّقات الداخليّة التي يُحدثها القمع في الذات الفرديّة كما في الوعي الجمعي.
يقدّم جيسكا سلسلة من المراجعات والقراءات في إصدارات مختارة بعناية حول القرن الأفريقي، تجمع بين العمق العلمي والسرد الأدبي. في هذا السياق، يأتي كتاب فلورانس بيرنو ديمقراطيات ملتبسة في إفريقيا الوسطى، والذي يستعرض التحولات السياسية في الكونغو برازافيل والغابون بين 1940 و1965. ويكشف كيف تشكّلت ديمقراطيات هجينة بين الهيمنة والاستقلال بعد الاستعمار. كما يفكك السرديات الجاهزة حول الإثنية، والسيادة، والديمقراطية.
لم تكن أفريقيا، في المخيال القديم، مجرّد إقليم جغرافي بل كانت صورة ذهنية، وإسقاطًا رمزيًا لـ "آخر". ففي نظر الإغريق، تمتدّ خلف الصحراء و"أعمدة هرقل" أرضٌ غريبةٌ تتلاشى فيها القوانين البشرية لتفسح المجال للتوحّش والغرابة والقداسة. أفريقيا هذه، التي كانت أكثر تخيّلًا منها مشاهدة، غذّت خيال الجغرافيين والشعراء والفلاسفة في المتوسّط القديم الباحث عن الآخر المختلف. إنها موطن لشعوب تعيش في الكهوف ونساء محاربات وكائنات هجينة، وأصوات موسيقية ليلية تنبعث من اللامكان، وغابات مسكونة، وكلها مؤشرات على تجاوز عالم التحضّر إلى عالم حدودي مقلق وجاذب في آنٍ معًا.
في ظل الأحداث الدامية التي شهدتها العاصمة السودانية الخرطوم، نتيجة الصراع العنيف بين الجيش السوداني ومليشيات الدعم السريع، زخرت منصات التواصل الاجتماعي في أفريقيا بمنشورات ونقاشات تعكس مدى اهتمام النشطاء الأفارقة بمصير جامعة أفريقيا العالمية، الواقعة في جنوب الخرطوم.
حين تُذكر الإمبراطوريات الاستعمارية، تقفز إلى الأذهان فورًا بريطانيا وفرنسا وهولندا، فيما يبقى الاستعمار الإيطالي هامشيًا في الذاكرة الجمعية، محصورًا في سطور قليلة من كتب التاريخ. غير أن كتاب "الاستعمار الإيطالي" (Italian Colonialism) يأبى إلا أن يعيد تشكيل هذا الحضور المنسي، مُقدّمًا قراءة نقدية تُقارب الاستعمار الإيطالي في الصومال وإريتريا لا بوصفه استثناءً ناعمًا، بل مشروعا أيديولوجيا لم يخلُ من العنف والرمزية والفشل البنيوي.
ارتبط المسرح الأفريقي بتجذّره العميق في الطقوس والممارسات الجماعيّة التي كانت تشكّل نسيج الحياة الاجتماعية والروحيّة للمجتمعات الأفريقيّة. لم يكن هذا الارتباط مجرّد انتقال من طقوس دينيّة أو احتفاليّة إلى شكل مسرحي محض، بل هو استمرارية لبنية دراميّة متكاملة، تنطوي على أداء جماعي يتفاعل فيه الجمهور مع العرض بشكل مباشر.
"...يا إلهي، لكنني أشعر بابتعادي عنهم أكثر فأكثر! كيف سما أولئك القديسون المبتهجون بأنفسهم؟ وباتوا آخرين؟ وتماهت هويتهم مع الحب؟ هل هذا زمني أم موطني الذي يقتلني ببطء؟ كم أشعر بالوحدة! لسنوات ألفتُ النظر لمصلوب تلو الآخر؛ بلا جدوى!.." فقدت أفريقيا في أبريل/ نيسان الجاري المفكر الكونغولي فالنتين موديمبي (1941- 2025)؛ الذي عُد بجدارة واحدًا من أهم مفكريها وأكثرهم انخراطًا في قضايا ما بعد الاستعمار، ونقد الهيمنة الغربية بكافة أوجهها، لاسيما التي باتت تتجلى راهنًا في موطنه جمهورية الكونغو الديمقراطية.
منذ منتصف القرن العشرين، برزت الفلسفة الأفريقية بوصفها حقلا معرفيا ناشئا، يسعى إلى استعادة الفضاء الفكري الأفريقي من تهميش مزدوج: خارجي يتمثل في الاستعمار وخطاب الهيمنة المعرفية الغربي، وداخلي يتمثل في تردد بعض المفكرين الأفارقة عن الاعتراف بقيمة التقاليد الثقافية المحلية، بوصفها مصادر معرفية وفلسفية.
حفل نشاط البروفيسور البريطاني الأفريقي حكيم آدي في الأسابيع الأخيرة بزيارات مختلفة عقب الاحفاء بحصوله على جائزة التفوق في الدراسات الأفريقية في كمبردج مطلع سبتمبر الجاري ثم مشاركة هامة في الاحتفال بمئوية مولد الزعيم الراحل أميلكار كابرال في كيب فيرد قبل توجهه إلى القاهرة لإطلاق الترجمة العربية لكتابه Pan-Africanism: A History (2018) ومشاركته في عدد من الفعاليات ذات الصلة اختتمها بزيارة إلى مقر الجمعية الأفريقية بالقاهرة لحضور جلسة ثقافية رفقة مجموعة من الشباب الأفريقي، وكان هذا الحوار معه حول عدد من اهتماماته ورؤاه وأفكاره
قضى إسماعيل عمر غيله، رئيس جيبوتي، نحو ربع قرن في كرسي الرئاسة، منذ انتخابه لأول مرة عام 1999، خلفًا لقريبه حسن جوليد، أول رئيس للبلاد، بعد الاستقلال عام 1977، ومقارنةً بسلفه يعتبر غيله أكثر انفتاحًا وتقبلًا للتنوع العرقي والثقافي في البلاد، دون اختلاف في جوهر الحكم غير الرشيد بين الرجلين.
في حوار لأندرو هاردينغ، المراسل المخضرم في هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) في باريس مع جيسكا عن كتابه "عمدة مقديشو"؛ يصف هاردينغ مدينة مقديشو «بالمدينة المتلونة كالحرباء»، في إشارة إلى صعوبة الإمساك بجوهرها أو تعريفها بسهولة حتى بالنسبة لمن يعرفها جيدًا. غالبًا ما تُصوَّر المدينة من خلال الظروف التي صادفتها منذ سقوط الصومال في أتون حرب أهلية بشعة بداية التسعينيات، عندما انهار نظام محمد سياد بري العسكري.
في ظلّ استمرار الحرب في السودان، وتداعياتها المتفاقمة على المستويين الإقليمي والإنساني، تبرز الحاجة الملحّة لفهم أعمق لرؤية الحكومة السودانية إزاء المشهد الراهن، واستراتيجياتها لمواجهة التحديات المتصاعدة. في هذا الحوار الخاص، نستضيف في المنصة سعادة سفير جمهورية السودان لدى جمهورية جيبوتي، الأستاذ محمد سعيد حسن، للوقوف عند أبرز تطورات الوضع السوداني، واستعراض الجهود الحكومية على الصعيدين الداخلي والدولي.
عندما زرتُ أنجمينا، أخبرني الكاتب السوداني عاطف الحاج، بأن هنالك شباب تشاديون يكتبون بالعربية، وكتاباتهم ناضجة جدا. قدم لي أعمال بعضهم، وكان من ضمنها رواية "مزرعة الأسلاك الشائكة" للكاتب طاهر النور، وقد صدق عاطف، فعند قراءتي لنماذج من الرواية التشادية المكتوبة بالعربية، وجدتها مذهلة جدا، رغم أنها كُتبت متأخرة، لأن العربية ليست اللغة الرسمية للدولة، وليست لغة الثقافة السائدة أيضا.
لقد كان فرض ترامب للرسوم الجمركية تأثير كبير زعزع الاقتصاد العالمي، ما أدخل العالم في حقبة جديدة من عدم اليقين. في هذا السياق، تتحدث جيسكا إلى عبد الله نداي، الاقتصادي السنغالي والأكاديمي، حول الكيفية التي ستؤثر بها هذه الإجراءات على أفريقيا.
آن بوريل روائية وقاصة فرنسية، تستكشف في كتاباتها موضوع العنف، أحيانا تكتب للمسرح وتستلهم أعمالها المسرحية من الحركة والرقص، تناصر الحوار بين الثقافات بشدة، وتدعو إلى التواصل بين الشعوب عبر الترجمة، من أعمالها المترجمة إلى العربية: "حانة جران مدامز" و "غواية الثلج" و"ملك الليل والنهار". كانت سعيدة بلقاء الجمهور العربي في معرض القاهرة الدولي للكتاب، حاورتها لأقف على تجربتها ونظرتها لما يدور في عالم الثقافة، فكان هذا الحوار: