الثلاثاء 11 نوفمبر 2025
لوّح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإمكان تنفيذ "هجمات" داخل نيجيريا ردًا على ما وصفه بـ"فظائع ضد المسيحيين"، معلنًا أنه وجّه وزارة الحرب، وفق تسميته الجديدة، إلى "الاستعداد لعمل محتمل"، مهدِّدًا بقطع المساعدات الأميركية فورًا إذا "واصلت الحكومة النيجيرية السماح بقتل المسيحيين"، على حد تعبيره. جاءت تصريحاته في منشور على منصاته صباح السبت 1 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بعد يوم من إعلان إدراج نيجيريا على "قائمة البلدان ذات القلق الخاص" المرتبطة بحرية الدين.
الحكومة النيجيرية ردّت سريعًا عبر بيانين صدرا عن الرئاسة ووزارة الخارجية، شدّدت فيهما على أنّ الدولة "تحمي جميع مواطنيها بغض النظر عن العِرق أو الدين"، وأن توصيف نيجيريا بأنها "غير متسامحة دينيًا لا يعكس الواقع"، مؤكدةً أن الأجهزة "تواصل التصدي للتهديدات الأمنية" التي تطاول مواطنين "من مختلف الديانات والمناطق". وقال الرئيس بولا أحمد تينوبو إن بلاده "ترفض الاضطهادً الديني وتضمن دستوريًا حرية المعتقد"، مرحّبًا بالتعاون مع الولايات المتحدة لحماية المجتمعات كافة.
في المقابل، يرى خبراء أمنيون وحقوقيون أنّ استعارة «إبادة المسيحيين» تبسيطٌ مخلٌّ لمشهد عنفٍ معقّد، تتورط فيه جماعات مسلّحة عدة من «بوكو حرام» إلى تشكيلات إجرامية وميليشيات محلية تستهدف مسلمين ومسيحيين على السواء، وتضرب أسواقًا ومساجد وكنائس على حد سواء. ويحذّر محللون من أنّ لهجة التهديد بالتدخل العسكري قد تغذّي الانقسام، وتُضعف التعاون الضروري بين واشنطن وأبوجا في مكافحة الجماعات المتطرفة، وبناء قدرات إنفاذ القانون.
يحمل التلويح بعمل عسكري في دولة تعد شريكة إقليميًا ومحورية اقتصاديًا وديموغرافيًا كلفة سياسية وأمنية عالية، وقد يفتح نقاشًا في الكونغرس حول أدوات الضغط المناسبة، ومشروعية أي استخدام للقوة خارج تفويض واضح. كما أنّ أي تجميد واسع للمساعدات قد ينعكس على برامج إنسانية وتنموية وأمنية مشتركة، تتولاها وكالات أميركية وشركاء دوليون داخل نيجيريا.
دستوريًا وقانونيًا، يبقى أيّ تحرّك عسكري خارجي رهين مسارات تفويض معروفة في واشنطن (الكونغرس/قرارات سابقة لاستخدام القوة)، إلى جانب حسابات العلاقة الاستراتيجية مع دولةٍ تُعد أكبر اقتصاد أفريقي وسوقًا حيويًا للطاقة والاستثمار. وتُشير قراءة أولية إلى أن التهديد العلني قد يهدف سياسيًا إلى إرسال رسالة ضغط قصوى، أكثر من كونه إعلانًا وشيكًا لعمل عسكري، خصوصًا في ظل تحذيرات خبراء من كلفته وتعقيداته الميدانية والسياسية في بلد مترامي الأطراف ومتعدد الهويات.
على المستوى الميداني، تستمر التحديات الأمنية في نيجيريا على جبهات عدّة: شمال شرقي البلاد (بوكو حرام/داعش ولاية غرب أفريقيا)، وأحزمة الوسط حيث تتكرر الاشتباكات بين مزارعين ورعاة وسط تغيّر مناخي وأنماط تهريب سلاح، وأعمال خطف مسلّح وقطع طرق في الشمال الغربي. وترى منظمات حقوقية أن المقاربة الأنجع لخفض العنف تدمج بين الأمني والتنموي، وتعزيز الشرطة المحلية، وإصلاح قطاع العدالة، وفتح مسارات مصالحة محلية، وتجفيف مصادر تمويل الجماعات عبر تتبع شبكات الفدية والتهريب.