تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الاثنين 28 أبريل 2025

  • facebook
  • x
  • tiktok
  • instagram
  • linkedin
حوارات

ترامب وضربات المسيّرات في الصومال.. مقابلة مع أماندا سبيربر

18 فبراير, 2025
الصورة
Trump
US president Donald Trump announced the airstrikes on his social media platform, Truth Social.
Share

يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يكرر السياسة السابقة بشأن الصومال: الاعتماد على الضربات الجوية، لحل معضلة البلاد مع حركة الشباب وتنظيم الدولة الإسلامية في الصومال. فقد أعلن، بعد عشرة أيام فقط من ولايته الثانية، عن شن غارات جوية على فرع الصومال من ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية، حيث دمر بعض الكهوف المستخدمة كمخابئ، وقتل 14 متمردًا. كما ذكر الرئيس في تغريدة، عدم إصابة أي مدني بأذى، وفقًا للجيش الأميركي.

بطبيعة الحال، لا يسع المرء إلا أن يتساءل: هل تراجع ترامب عن موقفه بشأن إنهاء "الحروب الأبدية"، أم أننا نشهد إحياءً لحملته القاتلة بالمسيّرات منذ ولايته الأولى في المنصب، والتي شهدت قيام الولايات المتحدة بتنفيذ أكثر من 200 مسيّرة غارات جوية على الصومال، كما وثقتها منظمة"Airwars" ومقرها لندن؟ علمًا أن هذا الرقم يفوق عدد الغارات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة في الصومال، خلال فترات جميع الرؤساء الأميركيين السابقين مجتمعين.

لقد دفعت شدة القصف الجوي الأميركي على الصومال، خلال ولاية ترامب الأولى، جماعات حقوق الإنسان الدولية عام 2019 إلى اتهام واشنطن بارتكاب جرائم حرب في الصومال. واعترفت أفريكوم (القيادة الأميركية في أفريقيا) بوفاة خمسة مدنيين فقط جراء غاراتها الجوية على الصومال، ولم يتم تعويض أي منهم. 

يُعتقد أن العدد الحقيقي للضحايا المدنيين أعلى من ذلك بكثير، وأن الرقم الحقيقي لا يزال غير معلومًا، ويعزى ذك إلى كون الغالبية العظمى من الغارات الأميركية تقع في مناطق تسيطر عليها حركة الشباب، حيث لا يستطيع الصحفيون المستقلون ومنظمات حقوق الإنسان الوصول إليها، مما يجعل التحقق من تقارير "أفريكوم" تحديًا.

للوقوف على ذلك، تحدثنا مع أماندا سبيربر، وهي صحفية استقصائية حائزة على جوائز غطت الحروب الخفية التي تشنها أميركا في الصومال بشكل مباشر. وقامت سبيربر بتعقب بقايا الذخائر المنفجرة والغارات الليلية كما تحدثت مع الرعاة البدو الرازحين تحت وطأة قصف "الطيور" كما يطلق الصوماليون على الطائرات بدون طيار الأميركية، لإلقاء الضوء على هذه المسألة.

 

محمد غابوبي: نفذ ترامب أول عملية عسكرية له في الخارج بعد 10 أيام فقط من توليه منصبه، في شكل غارات جوية على الصومال. ما الذي يوحي به هذا حول الكيفية التي يعتزم بها دونالد ترامب التعامل مع الصومال أمنيًا؟

أماندا سبيربر: من الصعب الجزم بذلك في هذه المرحلة. لا يتم التعامل مع الصومال - وأفريقيا بشكل عام - كأولوية قصوى عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية الأميركية. لا أستطيع أن أتخيل أن هذا سيتغير مع احتمال انتهاء وقف إطلاق النار في غزة والمفاوضات بين روسيا وأوكرانيا. ولكن مع وضع ذلك في الاعتبار، فإن الرواية القائلة بأن تنظيم الدولة الإسلامية قد تأسس حديثًا في ركن بعيد من الصومال، وأصبح خلية قوية تنقل الأموال من القرن الأفريقي عبر القارة والشرق الأوسط، رواية يبدو أنها تترسخ على نطاق كبير. لذا، بالإضافة إلى حقيقة أن ترامب قد غرد حول الأمر، وشارك لقطات الفيديو للهجوم (وهو ما يعني بالنسبة لي أنه كان شيئًا أثار حماسه)، فإن ذلك يشير إلى أن استهداف داعش في الصومال قد يكون محورًا عسكريًا لإدارة ترامب. في هذه المرحلة، لا أتصور أن الانخراط الأمريكي سيتوسع إلى ما هو أكثر من الضربات الجوية أو تقديم مزيد من الدعم المحتمل لقوات بونتلاند الخاصة، التي سلحتها الولايات المتحدة سابقًا. (اقرأ/ي هنا).

غبوبي: هل يتناقض نهج ترامب تجاه الصومال مع مزاعمه بإنهاء "الحروب الأبدية" في مناطق الصراع الأخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؟

سبيربر: يبدو الأمر كذلك، ولكن شعوري أنه وبغض النظر عن الجهة التي تعد بإنهاء "الحروب الأبدية"، إذا كان هناك قلق - سواء حقيقي أو متخيل - بشأن المصالح الأمريكية، فإن ذلك له الأولوية. لذا، إذا كان هناك شعور بأن تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال يشكل تهديدًا، فأنا أتوقع أن يحوز هذا مزيدًا من الاهتمام الأمريكي.

غبوبي: تسيطر حركات مسلحة غير حكومية على مساحات كبيرة من الأراضي في الصومال. وهذه المناطق هي التي تشهد غالبية الضربات الجوية الأمريكية، والتي يواجه الصحفيون والمنظمات الإنسانية والمنظمات غير الحكومية صعوبة في الوصول إليها أو يُمنعون من القيام بذلك. في مثل هذه البيئة، إلى أي مدى يمكننا أن نعطي مصداقية للتقارير الصادرة عن القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا، والتي تقول إنه لم يلحق أي أذى بالمدنيين، كما يُزعم غالبًا بعد الضربات؟

سبيربر: هذا سؤال مهم للغاية، وسأجيب عليه بسؤال آخر وهو: من يعتبر مدنيًا في هذه المناطق التي تسيطر عليها جهات غير حكومية؟ في هذه الأراضي، لديك أطفال تدفع لهم الميليشيات لحراسة الأراضي الزراعية، وأشخاص قد يبيعون الوقود لمتشددين لأنهم الأشخاص الوحيدون المتواجدين في الأنحاء - هل هذا يجعلهم مقاتلين؟ هذه قضية واجهتها كثيرًا أثناء تغطيتي للضربات الجوية الأميركية. وسأتناولها بالتفصيل.

إنني أتلقى رسائل إلكترونية من عشرات الأقارب والأصدقاء لأشخاص قُتلوا، وسيشهدون لك جميعاً بأنهم لم يكونوا من المتشددين، وفي بعض الأحيان، ترسل لي المنظمات غير الحكومية والشركات مستندات عن أوراق شخص ما لإثبات أنه عمل معهم سابقاً، ثم تعترف القوات العسكرية الأميركية بالتقارير، وتقول إن لديها معلومات استخباراتية تجعل ذلك الشخص هدفاً مشروعاً. لذا، فمن المحتمل أن يكون الأشخاص الذين قُتلوا قد عملوا مع حركة الشباب في أوقات فراغهم، عندما لا يعملون لصالح المنظمات غير الحكومية أو الشركات الصومالية الخاصة. أو من المحتمل أن تكون هذه المجتمعات كلها كاذبة. والاحتمال الأخير هو أن نطاق من يُعتبر هدفاً مشروعاً فضفاضٌ للغاية.

روابط تقاريري عن السياسات الغامضة لمن يُعتبر هدفًا مشروعًا من عدمه. (1,2

غبوبي: ماذا علمتك سنواتك في إعداد التقارير عن الغارات الجوية الأمريكية عن تصريحات أفريكوم التي تقول مرارًا وتكرارًا أنه لم يصب أي مدنيين في الضربات الأمريكية؟

سبيربر: أود القول، إن سنوات إعداد التقارير علمتني أننا بحاجة إلى فهم أكثر وضوحًا لمن يعتبر "مدنيًا" ومن يعتبر "مقاتلًا".

غبوبي: على الرغم من الاعترافات بوفاة مدنيين في الصومال بسبب الغارات الجوية، لم تعوض أفريكوم الضحايا بعد. ماذا يقول هذا عن الشفافية من جانب الولايات المتحدة؟ أم أن الأمريكيين محصنون ببساطة من المساءلة؟

سبيربر: قبل بضع سنوات، قمت بإعداد تقرير عن العائلات التي قُتل أقاربها في الغارات الجوية الأمريكية، والذين اعترف الجيش لاحقًا بأنهم مدنيون. لقد مر العديد منهم بتجارب مروعة وسريالية، بما في ذلك رجل تحدثتُ معه، سمع عن الاعتراف الأمريكي على محطة "بي بي سي" وقال: "أوه، لا بد أن تكون هذه الضربة هي التي قتلت أختي". لا يزال من غير الواضح لماذا لم يتم تعويضهم، على الرغم من تخصيص مبالغ لهم. أشعر أيضًا بالفضول لمعرفة سبب عدم قيام الحكومة الصومالية بمزيد من الجهد للدفاع عنهم. أعتقد أن هذه الديناميكية غالبًا ما يتم التقليل من شأنها.

هنا رابط التقرير.

غبوبي: عندما يُقتل مدنيون في غارات جوية أمريكية، غالبًا ما يكون ذلك في أيدي الجهات الفاعلة المسلحة غير الحكومية، التي تستخدم هذه المظالم للتجنيد. ما هي أفكارك حول الأهداف المعلنة لهذه الضربات المتمثلة بإضعاف الحركات الإرهابية بالنظر إلى النتائج التي تخلفها على المجتمعات المتأثرة عليها؟

سبيربر: الضربات الجوية مرعبة ومروعة للمجتمعات، حتى عندما تكون دقيقة و"جراحية". إنها تصيب الأشجار وتشعل النار في المنازل. إنه لأمر مخيف أن تحلق مسيرة فوق رأسك ليلًا ونهارًا. من خلال تقاريري، قيل لي إن الضربات تضيف طبقة أخرى من معاناة الحرب في المناطق المنكوبة بالفعل.

غبوبي: بناءً على الاستجابة السريعة لترامب المستهدفة لفرع داعش في الصومال، والتي شهدناها بعد 10 أيام فقط من توليه منصبه، هل تعتقد أنه بذلك قد يخفف قواعد الاشتباك، ويعيد إحياء حملة الطائرات بدون طيار الضخمة التي شوهدت في الصومال خلال فترة ولايته الأولى في المنصب؟

سبيربر: نعم، لا شك في ذلك.