السبت 8 نوفمبر 2025
قدّمت لجنة تقصّي حقائق إبادة تيغراي (CITG) حصيلةً جديدة لحجم الدمار الذي ألحقته حرب تيغراي بالبنية الاجتماعية في الإقليم منذ اندلاعها في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، مقدِّرةً الكلفة الإجمالية للخسائر والتدمير بنحو 10.86 مليار دولار. وتشمل التقديرات قطاعات الصحة والتعليم والرفاه الاجتماعي والمؤسسات الدينية والتراث الثقافي، مع توصيف لِما حدث بوصفه «تفكيكًا منهجيًا» لشبكات الخدمات الأساسية تحت أثر الحصار والإغلاق طويلَي الأمد.
وبحسب التقرير، تكبّد قطاع التعليم أكبر الخسائر بقيمة 5.38 مليارات دولار، تلاه قطاع الصحة بنحو 3.59 مليارات دولا. ويفيد التقرير بانهيار شبه شامل في القدرة على تقديم الخدمات. فقد تراجعت التغطية بالتحصين من مستويات قاربت 100٪ إلى نحو 20٪ فقط، وارتفعت وفيات الأمهات بفعل تعطّل المرافق الصحية أو تدميرها، فيما خرج أكثر من 1.2 مليون طفل من المدارس مع هبوطٍ في الالتحاق يفوق 80٪ كما وثّقت اللجنة أضرارًا جسيمة لحقت بمواقع تراثية عمرها قرون وشبكات التكافل المجتمعي، ما تسبب في خسائر ثقافية ونفسية وصدوعًا في تماسك المجتمع.
تربط الخلاصة بين انهيار الخدمات وموجات النزوح والفقر وانعدام الأمن الغذائي، مع اعتماد متزايد للأسر على المساعدات. وتأتي هذه الحصيلة متزامنةً مع تقرير منفصل نشرته اللجنة نفسها في 16 أكتوبر/تشرين الأول يوثّق عنفًا جنسيًا واسع النطاق خلال عامي الحرب؛ إذ شمل مسحًا على 481,201 مُجيب، أفاد 59.5 ٪ منهم بالتعرّض لشكل واحد على الأقل من العنف القائم على النوع الاجتماعي، من بينهم 58.4٪ تعرّضوا لاعتداءات جنسية مباشرة مثل الاغتصاب الجماعي والاستعباد الجنسي والتشويه المتعمد المؤدي للعقم.
ويورد تقرير اللجنة ملخصًا لنتائج نشرتها منظمة The Sentry في يونيو/حزيران عن عمليات قتل وعنف جنسي وتدمير استهدف مدنيين من إثنية تيغراي، بينها مجزرة أكسوم في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2020 التي قُتل فيها مئات الأشخاص خلال يومين، إضافة إلى نهب واسع لمستشفيات ومصانع ومواقع دينية وثقافية في شمال تيغراي نُسب إلى قوات إريترية، ضمن ما اعتُبر "إفقارًا مُمنهجًا" للبنية الاقتصادية والاجتماعية للإقليم.
وتطرح التقديرات تحدّيات عملية لإعادة الإعمار وتحقيق العدالة معًا. فمن جهة، تحتاج القطاعات الاجتماعية إلى تمويل مُستدام لاستعادة الوظائف الأساسية مثل ترميم المدارس والمرافق الصحية، وإعادة بناء سلاسل الأدوية واللقاحات، وإطلاق برامج نفسيّة–اجتماعية موسّعة لمعالجة آثار الصدمة الجماعية. ومن جهة أخرى، تبقى المساءلة عن الانتهاكات شرطًا لإقناع المانحين والشركاء بأن التمويل لن يُهدر في بيئة غير آمنة أو مفتوحة لتكرار العنف. ويشير محلّلون إلى أن توفير حزم متكاملة تربط التعافي الخدمي بالحوكمة المحلية ومشاركة المجتمع، هو السبيل الأجدى لإغلاق فجوة الخدمات التي وصفتها اللجنة بأنها «قريبة من الانهيار التام".
وتتوافق الصورة العامة مع تراكم أدلة مستقلة على انتهاكات ممنهجة ضد المدنيين في تيغراي، ما يعزّز دعوات أممية وحقوقية لإجراء تحقيقات وملاحقات قضائية بالتوازي مع خطط الإنعاش المبكر. ويخلص التقرير إلى أن تكلفة الدمار الاجتماعي تصل نحول 10.86 مليار دولار، وأنها لا تختزل إلا جزءًا من «الفاتورة الباهظة» للصراع، إذ تتجاوز الخسائر المادية إلى خسارة رأس المال البشري والمعرفي وشبكات الثقة التي تحتاج سنوات لإعادة بنائها.