الأحد 16 نوفمبر 2025
كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن معدات عسكرية مُصنَّعة في المملكة المتحدة عُثر عليها داخل مواقع تابعة لقوات "الدعم السريع" في الخرطوم وأم درمان، استنادًا إلى مواد ووثائق رُفعت لأعضاء في مجلس الأمن الدولي. وتقول الصحيفة إن الأدلة تشمل أجهزة تدريب على الأسلحة الخفيفة صُنعت في ويلز، فضلًا عن محركات بريطانية وُجدت مركبة على ناقلات جنود مدرعة إماراتية من طراز "نمر أجبان" ظهرت في مناطق القتال.
وبحسب "الغارديان"، تُشير الوثائق إلى أن جزءًا من هذه الشحنات مُنح عبر تراخيص مفتوحة بريطانية، تتيح تصدير فئات من المعدات إلى وجهات محددة عدة مرات، مع رقابة أقل صرامة على الاستخدام النهائي مقارنةً بالتراخيص الفردية. وتؤكد الصحيفة أن هذا يثير أسئلة حول صادرات السلاح البريطانية إلى الإمارات في ضوء التحذيرات الأممية المتكررة، من احتمال تحويل العتاد إلى السودان، حيث يظل حظر السلاح قائمًا على أطراف النزاع.
تنقل "الغارديان" عن خبراء في مراقبة تجارة السلاح أن الأنظمة البريطانية توجب وقف أي ترخيص عندما يوجد "خطر واضح" من استخدام العتاد في انتهاكات جسيمة أو تحويله إلى مناطق نزاع. وبرأيهم، فإن سجلّ نقل الأسلحة إلى مسارح قتال إقليمية، ومنها ليبيا واليمن، كان يستدعي مراجعة مسبقة ومشددة لهذه التراخيص، خصوصًا للفئات التدريبية وملحقات العربات المدرعة المعرضة للتحويل.
في المقابل، شددت الحكومة البريطانية، وفق ما نقلته الصحيفة، على أن نظام الرقابة على صادرات السلاح في المملكة المتحدة "من بين الأكثر صرامة وشفافية في العالم"، مؤكدةً أنها تقيّم مخاطر الاستخدام النهائي قبل إصدار أي ترخيص، وتتخذ إجراءات عند ورود أدلة على إساءة الاستخدام. كما نفت السلطات الإماراتية تزويد «الدعم السريع» بدعم عسكري، فيما طالبت منظمات سودانية في بريطانيا بفتح تحقيق مستقل لتتبع مسارات وصول هذه المعدات وتحديد المسؤوليات.
يتجاوز الجدل الجانب القانوني إلى المخاطر الإنسانية المباشرة؛ إذ يأتي الحديث عن ظهور معدات أجنبية في السودان على وقع تقارير عن انتهاكات جسيمة في دارفور والفاشر، بينها قتل على أسس عِرقية ونهب مرافق طبية، ما يضاعف كلفة الحرب على المدنيين، ويجعل سدّ ثغرات التصدير والتحويل جزءًا من جهود الحماية وفتح الممرات الإنسانية.
وتخلص "الغارديان" إلى أن المعضلة تكمن في حلقة التوريد الوسيطة، فحتى لو كان التصدير الأول قانونيًا، يظل خطر التحويل عبر طرف ثالث قائمًا، ما لم تُشدَّد آليات التتبّع بعد الشحن (Post-Shipment Verification)، وتُنشر بيانات وجهات الاستخدام النهائي بصورة تمكّن من الرقابة البرلمانية والقضائية. وبين نفي أبوظبي وتطمينات لندن ومطالبات النشطاء، تبدو الحاجة ملحّة لإجراءات شفافة وقابلة للتحقّق؛ لأن أي ثغرة في منظومات الرقابة قد تتحول عمليًا إلى وقود إضافي، لصراعٍ يدفع المدنيون ثمنه الأكبر.