تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الاثنين 28 أبريل 2025

  • facebook
  • x
  • tiktok
  • instagram
  • linkedin
رأي

شروط كوسوفو والدعوة لاعتراف أمريكي أحادي بصوماليلاند

12 مارس, 2025
الصورة
geeska cover
Share
تتناول هذه المقالة بإيجاز الصلة بين ما يعرف "بشروط كوسوفو" واستخدام الولايات المتحدة الاعتراف الأحادي بصوماليلاند دولة مستقلة عن الكيان الذي قام تاريخيا تحت اسم الجمهورية الصومالية. تقوم مقاربتها على محاولة بسط تناص تاريخي بين تجربتي إقليم كوسوفو (الذي اعترفت واشنطن باستقلاله عن صربيا عام 2008)، وبين سعي صوماليلاند لنيل اعتراف دولي باستقلالها، غير أن ميزة الورقة التي نروم تخليصها هنا باعتبارها جزءا من التراكم المعرفي عن منطقة القرن الأفريقي، لا تبحث عن أوجه الشبه بين حالتي كوسوفو وصوماللاند تحديدًا، وإنما سعت إلى تقديم "ورقة سياسات" للإدارة الأمريكية للإقدام على الاعتراف بصوماليلاند، لاعتبارات شروط كوسوفو، وفي القلب منها مصلحة الولايات المتحدة، والدفاع عن الديمقراطية والأمن والاستقرار في القرن الأفريقي، حيث تمثل تجربة صوماليلاند استثناء واضحًا في مجمل الأوضاع في هذا الإقليم سياسيًا على الأقل.
مقدمة

بادرت الولايات المتحدة، منذ بداية الألفية الحالية، بإعلان اعترافها بسيادة أربعة دول، هي: تيمور الشرقية (2002)، والجبل الأسود (2006)، وكوسوفو (2008)، وجنوب السودان (2011). وانضمت واشنطن في ثلاث من هذه الحالات للإجماع الدولي؛ فيما ظلت حالة كوسوفو الاستثناء. وبعد خمسة عشر عامًا لم تحظ الأخيرة سوى باعتراف نصف دول العالم.

تمثل كوسوفو القاعدة وليس الاستثناء، في الاستخدام الاستراتيجي للاعتراف بالسيادة لتلبية احتياجات المصلحة الوطنية الأمريكية. وكان اعتراف إدارة جورج و. بوش بكوسوفو، حتى في ظل غياب الإجماع الدولي أو داخل الكونجرس الأمريكي في ذلك الوقت، قد وضع أربعة معايير مرشدة في الاستخدام الناجح لهذه القوة، وهي: فرصة تحقيق مصالح الولايات المتحدة بشكل ملموس؛ ووجود سيطرة إقليمية كأمر واقع من قبل الدولة الطامحة (للاستقلال)؛ والفرصة المحدودة في إعادة تكاملها السلمي؛ والجدوى الواضحة لنظام ديمقراطي محلي (في السياقين الداخلي والخارجي حسبما يفهم من هذا السياق). توضح شروط كوسوفو تلك سياقات تمدد هذه القوة السياسية، لكن قراءتها تكشف ملاءمتها التامة لحالة صوماليلاند والاعتراف الأمريكي (المتوقع حسب تقارير محلية بها) بسيادتها بشكل أحادي.     

شروط كوسوفو

بداية يثار سؤال بديهي يتعلق بما إذا كانت صلاحيات الاعتراف لدى الرئيس الأمريكي لا تحدها قيود الكونجرس أو المجتمع الدولي، فمتى يتم إطلاقها؟ إن التداعيات الاقتصادية والقانونية العميقة للاعتراف بسيادة دولة ما، تتضمن تلقائيًا ضرورة ألا يتم منحها في شكل نزوة.

يجسد اعتراف إدارة بوش بكوسوفو نموذجًا لخطة موجهة لاستخدام مسؤول تنفيذي ما للاعتراف بالسيادة في العصر الحالي. وخلافًا للجمهوريات اليوغسلافية السابقة التي حققت استقلالها في تسعينيات القرن الماضي، والتي كانت جميعها جمهوريات مؤسِسة داخل جمهورية يوغسلافيا الفيدرالية الاشتراكية، فإن كوسوفو لم تكن سوى إقليما تمتع سابقًا بوضع الحكم الذاتي داخل جمهورية صربيا الاشتراكية.

عقب انهيار المفاوضات الرامية لإنهاء حرب كوسوفو (1998-1999)، ووسط اتهامات بارتكاب جرائم حرب، سرعت حملة قصف لمنظمة معاهدة شمال الأطلسي من عملية انسحاب نظام سلوبودان ميلوسيفتش من الإقليم، ثم ما تلاها من تكليف الأمم المتحدة بمهمة تطوير مؤسسات إدارة الحكم الذاتي الديمقراطية.

في غضون أقل من عقد، بعد تبخر مؤسسات يوغسلافيا في كوسوفو، يسرت الأمم المتحدة تبني جمعية كوسوفو إعلانًا بالاستقلال في 17 فبراير/ شباط 2008، الذي اعترفت به الولايات المتحدة في اليوم التالي من صدوره.

ما بعد كوسوفو

يمكن القول أن صياغة هذه الشروط الأربعة قد جرت في سياق كوسوفو، غير أن سلطة الاعتراف في حد ذاتها لا تظل -بطبيعة الحال- قاصرة على حالة كوسوفو؛ فتأكيد وزيرة الخارجية الأمريكية حينذاك، كوندوليزا رايس، على "مجموعة العوامل غير المعتادة"، أكثر من الخصوصية الملازمة لحالة كوسوفو.

يفيد ذلك بأن ظهور مثل هذه الشروط في سياق مغاير، ربما يؤهل لاعتراف بالسيادة في حالات أخرى، مثل صوماليلاند في السياق الحالي. أي أن تفسير رايس لشروط كوسوفو يتضمن إشارة لإمكان استخدام صلاحيات الاعتراف في سياقات أخرى مستقبلًا (بيتر رادان: تفكك يوغسلافيا والقانون الدولي، لندن-2002).

إذا كانت حالة كوسوفو ترسي شروطًا مرشدة لاستخدام صلاحيات الاعتراف، فإن الضرورة تستوجب تفسير العوامل التي وضعها الرئيس بوش ووزيرة الخارجية رايس، كشروط يمكن نقلها لسياقات أخرى.

أولها، الحاجة لتحقيق مصلحة الولايات المتحدة الوطنية. فقد ذكر الرئيس بوش أنه "مع بدء كوسوفو فصلًا جديدًا في تاريخها كدولة مستقلة، فإنني أتطلع للمضي قدمًا في تعميق صداقتنا الخاصة وتقويتها".

لا يزال هناك، في كوسوفو وصوماليلاند، بقايا إرث عميق من جرائم الحرب التي قام بها حاكم مستبد من أجل بسط سيطرته على السكان المحليين. وفي كلا الحالين لا تتوفر إلا فرصة ضئيلة للغاية لحدوث إعادة اندماج سلمية

أما الشرط الثاني، كما بسطته الوزيرة رايس، فإنه "سياق تفكك يوغسلافيا". فعقب إعلان سلوفينيا وكرواتيا الاستقلال في يونيو/ حزيران 1991، مضت عملية تفكك يوغسلافيا إلى الأمام (نورمان سيجار: الحرب الصربية الكرواتية 1991: الأبعاد السياسية والاقتصادية- سبتمبر/ أيلول 1993).

وتمثل الشرط الثالث في "تاريخ التطهير العرقي والجرائم ضد المدنيين في كوسوفو؛ حيث أن الغالبية العظمى من ضحايا جرائم الحرب من ألبان كوسوفو على يد الدولة اليوغسلافية أو القوات شبه النظامية الحليفة لها (كارستن ستان: الاتفاق حول القضايا اللاحقة لجمهورية يوغسلافيا الفيدرالية الاشتراكية السابقة- أبريل/ نيسان 2002).

أما الشرط الرابع فقد تمثل في تمديد فترة إدارة الأمم المتحدة في كوسوفو، مع قرار مجلس الأمن بتعليق حكم بلجراد في كوسوفو، ووضع الأخيرة تحت إدارة أممية انتقالية. وبنت كوسوفو منذ ذلك الوقت مؤسساتها الديمقراطية بشكل منفصل عن سيطرة بلجراد (فريد أبراهامز وبنيامين ن. وارد: جرائم الحرب في كوسوفو- هيومان رايتس ووتش، 2001).

حالة صوماليلاند

كما سبق الإشارة، تُقدم هذه الشروط الأربعة إطارًا مرشدًا لاعتراف الولايات المتحدة الدبلوماسي الأحادي، يمكن مده لسياقات أخرى. يتحقق السياق الأول في "مجموعة العوامل غير المعتادة" -باستخدام لغة رايس- في جمهورية صوماليلاند التي أعلنت الاستقلال من جانب واحد عن الصومال منذ عام 1991.

تمتعت صوماليلاند بسلام واستقرار نسبيين، وديمقراطية في ظل سوء الإدارة والفوضى مع حكم مقديشو. ورغم التطلعات المحلية لاستقلال صوماليلاند كأمر واقع، للتمتع بوضع قانوني، فإن الولايات المتحدة لم تنظر في أكثر التجارب الديمقراطية نجاحًا في القرن الأفريقي بعين الاعتبار رسميًا، إلا في سياق كون صوماليلاند خاضعة لسلطة مقديشو (في إطار جمهورية الصومال الفيدرالية).

كما تجسد شروط كوسوفو وتطبيقها على صوماليلاند أيضًا مسألة هامة، وهي: كيف يمكن تطبيق صلاحيات الاعتراف استراتيجيًا بالرغم من الثقافات السياسية الإقليمية التي تكن العداء لحركات الاستقلال المحلية. على سبيل المثال تجتاح أوروبا، من كتالونيا في إسبانيا إلى جزر فاروي في الدانمارك، العديد من حركات الاستقلال التي تفتقر إلى دعم الدول الأوروبية أو الاتحاد الأوروبي. وهي حالة لها نظيرها في أفريقيا، إذ افتقرت حركات موازية في القارة السمراء، مثل: حركة استقلال بيافرا في نيجيريا أو أمبازونيا "Ambazonia" في الكاميرون، بشكل كبير تأييد الدول الأفريقية أو الاتحاد الأفريقي.

وسط ثقافة سياسية إقليمية تعزز الوضع القائم، واحترام الحدود الموروثة عن الاستعمار، تذعن لها الولايات المتحدة بشكل كبير، فإن شروط كوسوفو ترشد استخدام صلاحيات الاعتراف، بحيث تكون متسقة مع المبادئ الديمقراطية الأمريكية، والحاجة البرجماتية للاعتراف بالدول التي يمكن أن تعمل مستقبلًا دون اعتراف جيرانها في الإقليم -مثل كوسوفو وصوماليلاند- مع قدرتها على ترسيخ سيطرة أمر واقع.    

الشرط الأول: مصلحة الولايات المتحدة الوطنية

ثمة ملاحظة أولية هنا، فبينما تتوفر للولايات المتحدة مصلحة عامة في دعم الديمقراطية والتنمية، وفي منع الجرائم ضد المدنيين، فإن استقرار صوماليلاند يتداخل بشكل فريد مع عدد من هذه المصالح الأمريكية. إذ تقع صوماليلاند قرب مضيق باب المندب ومدخل البحر الأحمر وقناة السويس، وتتمتع صوماليلاند بوصول سهل إلى القارة الأفريقية وشبه الجزيرة العربية وأحد أكثر طرق النقل البحري ازدحامًا في العالم. وبالنظر لموقعها الاستراتيجي الهام، تبقي الولايات المتحدة والصين وفرنسا واليابان قواعد عسكرية دائمة في جيبوتي المجاورة.

إضافة إلى التكلفة البشرية للاضطراب والتفكك السياسي في صوماليلاند، فإن الفشل في حفظ النظام واستدامته في الدولة المستقرة بشكل كبير، يهدد بتطورها إلى أرض انطلاق عمليات القرصنة داخل خطوط التجارة العالمية أو الاضطراب الإقليمي، الذي يمكن بدوره أن يربك نقطة مرور تجارة عالمية. كما تمثل صوماليلاند اهتمامًا كبيرًا لدى المعنيين برعاية المصلحة الوطنية الأمريكية، بالنظر لمساعي الأولى (صوماليلاند) تمثين علاقاتها مع تايوان (الكونجرس الأمريكي: قانون العلاقات مع تايوان، القسم 2(ب) 1 (1979).

تجسد شروط كوسوفو وتطبيقها على صوماليلاند أيضًا مسألة هامة، وهي: كيف يمكن تطبيق صلاحيات الاعتراف استراتيجيًا بالرغم من الثقافات السياسية الإقليمية التي تكن العداء لحركات الاستقلال المحلية

سعى الكونجرس، في السنوات الأخيرة، لتقييم وإعادة توجيه مقاربة الحكومة الأمريكية مع الدولة التي أعلنت استقلالها من جانب واحد، ما يؤكد على المصالح الأمريكية الكامنة في سلام واستقرار صوماليلاند. فعلى سبيل المثال، وجه قانون ترخيص الدفاع القومي "NDAA" للعام المالي 2023 وزير الخارجية بتقديم تقرير سنوي عن تفاصيل المساعدات الأمريكية والتدريب الأمني والسفر الرسمي لصوماليلاند، وما يعنيه ذلك من احتمالات مراجعة هذه المساعدات بشكل دوري.

سيكون الاعتراف الأمريكي بسيادة صوماليلاند معمقًا للمصالح المتبادلة بين الجانبين، لاسيما بين الفاعلين من القطاع الخاص. ويقدم قانون الفرصة والنمو الأفريقي "أجوا" حزمة من المكاسب التجارية للدول الأفريقية التي ترسخ اقتصادات السوق وحكم القانون. ورغم أن صوماليلاند وأعمالها المحلية ستكون مؤهلة لمثل هذا الوصول للسوق الأمريكية، فإن الصومال ليس مشاركًا في البرنامج بعد. كما أن عدم انضمام الصومال لمنظمة التجارة العالمية، يؤدي لمواجهة الشركات الموجودة في صوماليلاند عقبات تجارية كبيرة مقارنة بأقرانها في الدول الأفريقية المستقرة والديمقراطية الأخرى.

الشرط الثاني: سيطرة الأمر الواقع على الأرض

نشير هنا إلى أن الحركة الوطنية الصومالية "SNM" كانت قد أعلنت استقلال جمهورية صوماليلاند في مايو/ آيار 1991، وسط تداعيات سقوط نظام سياد بري الاشتراكي. ومنذ ذلك الوقت مدت سلطات صوماليلاند سيطرة شاملة على أغلب الأراضي التي أعلنت سيطرتها عليها. كما تمكنت صوماليلاند، خلافًا للوضع في جمهورية الصومال الفيدرالية، من منع أنشطة حركة الشباب داخل حدودها. غير أن هذه السيطرة لم تكن دون تحديات خطيرة، مثلما كان الحال بشكل كبيرة في كوسوفو.

تطبيقا لذلك في حالة صوماليلاند، بينما يأتي أغلب سكانها من عشيرة الاسحاق، فإن أغلب سكان مدينة لاسعانود الشرقية ينحذرون من عشيرة البهانتة. تطالب سلطات صوماليلاند في هرجيسا بلاسعانود بسبب موقعها داخل حدود صوماليلاند الموروثة من الاستعمار، خلال استقلالها لفترة وجيزة. كما يفرض إقليم بونتلاند الصومالي سيطرته على المدينة وما يجاورها، بسبب الصلات العشائرية بين سكانه والبهاتنة؛ مما يفرض تحديًا أمام سيادة صوماليلاند على أراضيه وفق تصوره (ماركوس فيرجيل هوهن: أزمة في لاسعانود: النزاعات الحدودية، وتصعيد عدم الأمن ومستقبل صوماليلاند- 6 فبراير/شباط 2023).

الشرط الثالث: فرصة ضئيلة بإعادة الاندماج السلمي

يتطلب تناول آفاق إعادة الإندماج السلمي في صوماليلاند نظرة في سبب وكيفية تكون صوماليلاند نفسها. وبينما دحض أيديولوجية سياد بري بما يعرف بالاشتراكية العلمية على يد الانتماءات العشائرية الراسخة، والتي وظفها بري نفسه، فإن الأخير كون تحالفًا مع المريحان وأوجادين والبهاتنة لشغل الوظائف الرئيسة في نظامه العسكري (صمويل م. ماكيندا: السياسة والتنافس العشائري في الصومال- مارس/آذار 1991).

نتيجة لذلك، أدى تهميش عشيرة الاسحاق -الذين يشكلون أغلبية السكان في صوماليلاند- لتكوين "الحركة الوطنية الصومالية" من قبل شتات الاسحاق عام 1979 لمعارضة نظام بري. وبينما كان هدف الحركة الأصلي هو إعادة تكوين نظام نيابي في مقديشو، فإن الفوضى التي تلت سقوط نظام بري، جعلت هذا الهدف غير ذي جدوى، ومن ثم بادرت بإعلان استقلال صوماليلاند.

سيكون الاعتراف الأمريكي بسيادة صوماليلاند معمقًا للمصالح المتبادلة بين الجانبين، لاسيما بين الفاعلين من القطاع الخاص. ويقدم قانون الفرصة والنمو الأفريقي "أجوا" حزمة من المكاسب التجارية للدول الأفريقية التي ترسخ اقتصادات السوق وحكم القانون

قاد تشابك تاريخ الإبادة بحق الإسحاق والحركة الوطنية الصومالية ودولة صوماليلاند إلى القضاء على أية فرصة لإعادة الاندماج السلمي (في جمهورية الصومال الفيدرالية) في المستقبل المنظور. ولا يزال هناك، في كوسوفو وصوماليلاند، بقايا إرث عميق من جرائم الحرب التي قام بها حاكم مستبد من أجل بسط سيطرته على السكان المحليين. وفي كلا الحالين لا تتوفر إلا فرصة ضئيلة للغاية لحدوث إعادة اندماج سلمية.

الشرط الرابع: الجدوى الواضحة لنظام ديمقراطي محلي

يتميز النظام السياسي في صوماليلاند بتناقض واضح مع الحكومة في مقديشو، بالديمقراطية والاستقرار. ويمكن إرجاع هذا الاستقرار إلى شيوع المقاربات التقليدية للحكم داخل مؤسسات ديمقراطية. وفي ظل غياب موارد طبيعية كبيرة لاستغلالها، كان الاستعمار البريطاني لصوماليلاند شحيحًا. وعلى النقيض من ذلك كان الاستعمار الإيطالي في الصومال يميل لسمة الاستيطان، وبذل جهود عميقة لتغيير المجتمع الصومالي على نمط القواعد الاجتماعية والثقافية الإيطالية (أوليفر ماكفرسون- سميث: صوماليلاند، الإرث المؤسساتي، والازدهار- أبريل/ نيسان 2021).

مع قدرة كبار العشائر في صوماليلاند على التوصل لتسوية سياسية فيما بينهم، شهدت البلاد إجراء ثلاث انتخابات رئاسية في الأعوام 1991 و1993 و1997. أقر الاستفتاء الدستوري في عام 2001، مبدأ شخص واحد، صوت واحد وفق التصويت الشامل. كان إجراء الانتخابات وفق هذه القواعد الشاملة صعبًا في البداية، لاسيما عام 2003، لكنها أخذت في التحسن عامًا بعد آخر، وأُجريت منذ ذلك الوقت انتخابات برلمانية واحدة وثلاثة انتخابات رئاسية. وعلى نقيض ذلك كان عجز النظام في مقديشو عن إجراء الانتخابات العامة، وفق قاعدة شخص واحد صوت واحد.

الدعوة لاعتراف أمريكي أحادي بصوماليلاند

إن القدرة على الاعتراف بسيادة دولة أجنبية تظل كامنة بالأساس في الرئاسة التي تحتكر هذه الصلاحية. ورغم عدم الحاجة إلى إجماع دولي أو بين المشرعين في الكونجرس الأمريكي، وكذا التداعيات الاقتصادية العميقة المتوقعة، فإن سلطة الاعتراف لم تستخدم إلا في حالات نادرة للغاية في القرن الحادي والعشرين. وإذا كان للرؤساء سلطة استعمال هذه الأداة في السياسة الخارجية فمتى يستخدمونها؟

إن اعتراف الولايات المتحدة بكوسوفو عام 2008 يمثل مثالًا دالًا؛ ففي ظل غياب إجماع من الكونجرس أو المجتمع الدولي، مارست إدارة جورج دبليو بوش هذه السلطة الأحادية. وفي المقابل فإن جمهورية صوماليلاند تلبي شروط السياسة الأمريكية الأربعة في حالة كوسوفو. كما يمثل اعتراف الولايات المتحدة بصوماليلاند تقدمًا في المصالح الأمريكية بدعم نظام ديمقراطي زميل، وتعزيز الاستقرار قرب باب المندب وتيسير النمو الاقتصادي – لاسيما مع تعميق صوماليلاند علاقاتها مع تايوان.