تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

السبت 8 نوفمبر 2025

  • facebook
  • x
  • tiktok
  • instagram
  • linkedin
  • youtube
  • whatsapp
راهن

قرع طبول الحرب: تصعيد متدرّج يهدد بإشعال الحدود الإثيوبية–الإريترية

25 أكتوبر, 2025
الصورة
قرع طبول الحرب: تصعيد متدرّج يهدد بإشعال الحدود الإثيوبية–الإريترية
إدواردو سوتيراس/وكالة فرانس برس عبر غيتي إيمجز
Share

تتزايد مؤشرات الانزلاق إلى مواجهة جديدة بين إثيوبيا وإريتريا، مع تآكل "توازن الردع بالغموض" الذي كبَح الاشتباك المباشر خلال العام الماضي. ويحذّر مراقبون من أنّ التحوّلات السياسية والأمنية داخل إقليم تيغراي الإثيوبي تُبدّل حسابات الطرفين، وتُغري كلًّا منهما باختبار خطوط الآخر الحمراء، بما يرفع خطر سوء التقدير والتدهور السريع من حوادث حدودية إلى صدام أوسع.

تعود الخلفية المباشرة لهذا التوتّر إلى انهيار التقارب الذي أعقب اتفاق سلام 2018 بين رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد والرئيس الإريتري أسياس أفورقي، ثم حرب تيغراي (2020–2022) وما تبعها من استبعاد أسمرا عن محادثات بريتوريا التي أنهت القتال رسميًا. اتفاق "وقف الأعمال العدائية" الموقّع في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 ثبّت إطارًا لوقف النار وترتيبات إنسانية، لكنه لم يبدّد شكوكًا إريترية عميقة تجاه نوايا أديس أبابا، ولا هواجس إثيوبية من دور أسمرا على الحدود الشمالية.

على خط موازٍ، فجّر خطاب أبي أحمد في أكتوبر/تشرين الأول 2023 بشأن "حاجة إثيوبيا الوجودية" إلى منفذ بحري على البحر الأحمر موجة قلق إقليمية؛ فبينما أكّد لاحقًا أنه لا ينوي «غزو» أي دولة، قرأت أسمرا التصريحات بوصفها تهديدًا ضمنيًا، وردّت وزارة إعلامها برسائل علنية تحذّر من "الانجرار إلى الاستفزاز". هذا الملف البحري بات عقدة رئيسية في العلاقة الثنائية، مع تنامي التقارير عن تعبئة وانتشار عسكريين على مقربة من ميناء عَصَب الإريتري الاستراتيجي.

داخل تيغراي، تتقاطع السياسة مع الأمن في شكلٍ يزيد الهشاشة. فبعد تشكيل إدارة انتقالية برئاسة غيتاتشو رضا في 2023، أعلنت الحكومة الإثيوبية في 8 أبريل/نيسان 2025 تعيين الجنرال تادِسّي ووردي على رأس الإدارة، وسط انقسامات داخل "جبهة تحرير شعب تيغراي" وتحديات تتعلق بعودة النازحين ونزع السلاح وإعادة الدمج. هذه السيولة تزيد احتمالات الحسابات الخاطئة على الحدود، وتوفّر بيئة قد يراها طرف ما «نافذة سانحة» لفرض وقائع بالقوّة.

رغم تصاعد نبرة التحذير، يحاول آبي أحمد احتواء المخاوف؛ ففي مارس/آذار 2025 قال صراحةً إن بلاده "لن تخوض حربًا مع إريتريا" بشأن الوصول إلى البحر، مؤكدًا أولوية الحلول الدبلوماسية. غير أن رسائل النفي لا تنهي القلق من دينامية حافة الهاوية التي تديرها العاصمتان: تعبئة متبادلة، وخطابات حادّة، ونشاط استخباري على حدود طويلة وعِرة. وبحسب تحليلات متقاطعة، فإنّ السيناريو الأرجح في المدى القريب ليس حربًا شاملة بل مسارا تصعيديا متدرّجا، يبدأ باشتباكات موضعية وتبادل قصف محدود، قبل أن يتسع إذا فشلت قنوات الاحتواء.

غير أن الرهانات أكبر من حدود البلدين. فموقع البحر الأحمر وممرّاته الحيوية يجعل أي اضطراب واسع عاملَ تهديد إقليميّ ودوليّ؛ كما أن انخراط قوى خارجية في ملفات التسليح والتموضع البحري قد يضيف طبقات من التعقيد. داخليًا، تواجه إثيوبيا تحدّيات اقتصادية بعد سنوات حرب وجفاف، وارتفاع كلفة الاستيراد عبر مرافئ الجوار، بينما تنظر إريتريا إلى أي صيغة تمنح أديس أبابا موطئ قدم دائمًا على الساحل بوصفها تهديدًا وجوديًا، يعيد إلى الذاكرة موازين ما قبل استقلال 1993. هذه المعادلة تجعل إدارة الردع أصعب، وتُحوّل أي حادث حدودي أو طلعة استطلاع إلى اختبار سياسي وعسكري عالي المخاطر.

عمليًا، يُجمع مراقبون على ثلاث خطوات عاجلة لتفادي الانزلاق لحرب شاملة؛ يتمثل أولاها بإعادة تفعيل خطوط اتصال عسكرية وسياسية مباشرة تقلّل مخاطر سوء الفهم، وتؤمّن آليات "وقف إطلاق النار الموضعي" عند الضرورة؛ ثانيًا، ضبط الخطاب الرسمي والإعلامي وخفض سقف التهديدات العلنية، بما ينسجم مع التزامات بريتوريا؛ وثالثًا، دور وساطة إقليمي (الاتحاد الأفريقي/إيغاد) لتقديم ضمانات عملية حول أمن الحدود ورسم خارطة طريق لمعالجة ملف المنافذ البحرية، بعيدًا عن منطق التلويح بالقوة، بما يراعي مصالح دول الجوار، ويأخذ في الحسبان حساسية السيادة الإريترية. دون ذلك، سيبقى "توازن الردع بالغموض" هشًّا، وقد ينقلب إلى دوّامة تصعيد يصعب احتواؤها متى ما اشتعل فتيلها في نقطة تماس واحدة.