تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الأحد 20 أبريل 2025

  • facebook
  • x
  • tiktok
  • instagram
  • linkedin
سياسة

قمة الذكاء الاصطناعي في رواندا.. طموح أفريقي نحو الإقلاع الرقمي

6 أبريل, 2025
الصورة
Geeska Cover
Share

شهدت العاصمة الرواندية كيغالي، في 3 و4 أبريل/ نسيان الجاري، أشغال القمة العالمية الأولى للذكاء الاصطناعي في أفريقيا، من تنظيم مركز رواندا للثورة الصناعية الرابعة (C4IR) ووزارة تكنولوجيا المعلومات والابتكار بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي، تحت شعار "الذكاء الاصطناعي والعائد الديموغرافي في أفريقيا: إعادة تصور الفرص الاقتصادية للقوى العاملة الأفريقية".

عرف المنتدى مشاركة وازنة ضمت رؤساء دول وحكومات ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ورئيس الاتحاد الدولي للاتصالات ورجال أعمال وخبراء ومستثمرين من 95 دولة، إضافة إلى أكثر من 100 شركة في مجال الذكاء الاصطناعي، ما يعد خطوة مهمة من أجل تقليص الفجوة بين القارة الأفريقية والتكنولوجيا، وبصفة خاصة الذكاء الاصطناعي.

يشكل الحدث فرصة كبيرة للحوار بين رجال السياسة ورجال الأعمال والمبتكرين من مختلف دول العالم لاستكشاف الدور التحويلي للذكاء الاصطناعي في الدفع بعجلة التنمية، والبحث في كيفيات الاستفادة من إمكانياته بغية المساهمة في تحويل الاقتصاد وتأهيل مهارات الشباب في القارة الأفريقية.

أفريقيا وسباق الذكاء الاصطناعي

تحدث الرئيس الرواندي، مستضيف القمة، في كلمة الافتتاح عن سعي أفريقيا الحثيث لتفادي التأخر في السباق العالمي من أجل الذكاء الاصطناعي. يعزز السعي نحو تحقيق هذا الطموح ما تكشفه توقعات الخبراء في المجال، ممن يقدرون مساهمة الذكاء الاصطناعي في انتشال 11 مليون أفريقي من الفقر، وخلق 500 ألف منصب شغل سنويا.

تستدعي هذه الخطوة التركيز على ثلاثة أولويات قصد تحقيقها، تتمثل أساسا في تحسين البنية التحية الرقمية في القارة، لا سيما ضمان تدفق الكهرباء وسرعة الأنترنت. وتطوير يد عاملة ماهرة ومؤهلة بمقدورها الاستفادة من الفرص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، خصوصا فئة الشباب التي تشكل جزءا كبيرا ومتزايدا من السكان. فضلا عن ضرورة تعزيز التكامل القاري لتوحيد السياسيات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في أفريقيا، ما يجعل منه محركا للمساواة والفرص في القارة.

تفيد تقارير حرص كيغالي على تتويج القمة باستراتيجية شاملة لتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في أفريقيا، وبشكل خاص في مجالات حيوية مثل الرعاية الصحية والتعليم والزراعة... فمثلا موضوع استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الإنتاجية الزراعية يحظى بالاهتمام في أجندة القمة، في ظل التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخي وسبل تعزيز الأمن الغذائي في أفريقيا.

تسعى بالموازاة إلى تطوير البنية التحتية التكنولوجية، وذلك عبر الدفع بتسريع وثيرة تطوير شبكات الإنترنيت فائقة السرعة، وتزويد الشركات الصغيرة والمتوسطة بالأدوات الرقمية اللازمة لمساعدتها على النمو، ما يساهم في التحول الرقمي في القارة. فالأرقام تكشف عن أن قرابة نصف سكان القارة لا يمكنهم الولوج بعد إلى شبكة الأنترنت التي لا تتوفر سوى على أقل من 2٪ من البيانات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي".

موضوع استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الإنتاجية الزراعية يحظى بالاهتمام في أجندة القمة، في ظل التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخي وسبل تعزيز الأمن الغذائي في أفريقيا

تسعى القمة العالمية للذكاء للاصطناعي في أفريقيا إلى استثمار الامكانيات لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام وتسريع التحول الرقمي، ما يجعلها محطة رئيسية لرسم ملامح المستقبل الرقمي في أفريقيا، كما أكد ذلك الخبير جيمس ساروشيرا، المؤسس المشارك لمنصة "أفريك" بتأكيده على أن "القمة تبرز الحاجة إلى أن تتولى أفريقيا زمام ملامح المرحلة المقبلة من نمو القارة".

مجلس أفريقي للذكاء الاصطناعي

عرفت القمة إطلاق "مجلس الذكاء الاصطناعي الأفريقي" إحدى مخرجات "المنتدى الأفريقي للأمن السيبراني"، ما بين 3 و5 فبراير/ شباط في العاصمة المغربية الرباط، فحينها أعلن تحالف "أفريقيا الذكية" التي تأسس على يد 7 دول عام 2013 برواندا، ثم تحول إلى منظمة حكومية أفريقية تضم 40 دولة، عزمه تنفيذ المبادرة في قمة كيغالي، بغية التنافس حول امتلاك أدوات وآليات الذكاء الاصطناعي.

المجلس هيئة متعددة الأطراف ترمي توجيه أجندة الذكاء الاصطناعي في القارة بالعمل على ضبط معايير الحكامة وتوحيد الضوابط الأخلاقية وبلورة رؤية استراتيجية بخصوص الاستثمارات. بصيغة أخرى، يسعى المجلس إلى توحيد الدول الأفريقية حول التحديات والفرص بشأن الذكاء الاصطناعي، فضلا عن ضمان الوصول العادل لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتعزيز الابتكار المحلي وحماية سيادة البيانات.

أدرك الأفارقة أن الإدارة هو أساس تحقيق أي حلم، لذلك بدا العزم أكبر على سد الفجوة بالكشف، في قمة كيغالي، عن أول مصنع للذكاء الاصطناعي في القارة الأفريقية

إن أبرز تحد يواجه مجلس الذكاء الاصطناعي هو معضلة الفجوة الرقمية بين بلدان القارة، فالنجاح في تقليص الفوارق يمثل أولى العقبات أمام رهان الرقمنة، حيث قطعت بلدان أشواطا في هذا المجال، فالتقارير تتحدث عن تصدر موريشيوس ومصر وجنوب أفريقيا وتونس ورواندا والمغرب والسنغال، بينما أخرى لا تزال متأخرة بالنظر لغياب أو ضعف البنية الرقمية، وثقافة استعمال التكنولوجيا، ففجوة استخدام الأنترنت عبر الهاتف المحمول في القارة مثلا تصل إلى 60٪، ما يؤدي إلى يعطل النمو الاقتصادي والذكاء الاصطناعي معا.

سبق لتقرير جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي لعام 2024، الصادر عن جامعة أكسفورد البريطانية، التأكيد على أن دولا أفريقية قليلة حصلت على درجات أعلى من 40٪، مما يبين بجلاء حجم الفجوة إن على مستوى البنية التحتية أو نقص المهارات أو الفجوات الرقمية.

نحو أفريقيا رقمية

تراهن أفريقيا كثيرا على هذا المجلس الذي طال انتظاره، من أجل تحويل الدول الأفريقية من مستهلكة لتقنيات التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، إلى منتجة لها. خصوصا وأن التوقعات الاقتصادية تفيد بأن الذكاء الاصطناعي، وإلى حدود عام 2030، سيضيف إلى الاقتصاد العالمي نحو 20 تريليون دولار، يشكل نصيب القارة الأفريقية منها 2,9 تريليون دولار.

إن أبرز تحد يواجه مجلس الذكاء الاصطناعي هو معضلة الفجوة الرقمية بين بلدان القارة، فالنجاح في تقليص الفوارق يمثل أولى العقبات أمام رهان الرقمنة، حيث قطعت بلدان أشواطا في هذا المجال

حصة يمكن لأفريقيا تحقيقها، وربما حتى تجاوزها متى حشدت ما لديها من إمكانيات وقدرات، فالمؤشرات تؤكد ذلك، لأنها تمتلك 30٪ من الموارد المعدنية في العالم، وصاحبة إمكانيات هائلة في مجال الطاقة المتجددة، إلى جانب قوة عاملة شابة ومتنامية. لم يبق أمام هذا سوى التحرك الجماعي من أجل حسن الاستغلال لضمان إقلاع رقمي لأفريقيا.

أدرك الأفارقة أن الإدارة هو أساس تحقيق أي حلم، لذلك بدا العزم أكبر على سد الفجوة بالكشف، في قمة كيغالي، عن أول مصنع للذكاء الاصطناعي في القارة الأفريقية، بقيادة شركة كاسافا تكنولوجيز (Cassava Technologies) بشراكة مع شركة نفيديا، والذي يتيح إنشاء بنية تحتية للحوسبة الفائقة عبر مراكز بيانات كاسافا في كل من جنوب أفريقيا ومصر وكينيا والمغرب ونيجيريا.

من شأن مثل هذه الخطوات تعزيز السيادة الرقمية بالدول الأفريقية التي لا تتوفر على قاعدة بيانات أو منصات رقمية لوضع البيانات الأفريقية الضخمة، فجميع دول القارة حاليا تضع بياناتها لدى كبار الشركات التكنولوجيا الغربية، مثل: غوغل وأمازون وغيرها، ما يعني وجود تبعية.

لكل ذلك يعتبر الكثير من المراقبين أن القمة فرصة تاريخية، وغير مسبوقة، أمام القارة الأفريقية لدخول في عصر تحول رقمي شامل، يعزز مكانتها في عالم التكنولوجيا. يكفيها محفزا على ذلك أنها القارة الوحيدة في العالم حيث أزيد من 60٪ من السكان دون سن 25 عاما، ما يمثل في حد ذاته فرصة لإقلاع رقمي أفريقي بسواعد وعقول أفريقية.