تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الثلاثاء 11 نوفمبر 2025

  • facebook
  • x
  • tiktok
  • instagram
  • linkedin
  • youtube
  • whatsapp
راهن

قبيل انتخابات 2026: جلسة دستورية عاجلة تمهّد لهندسة السباق الرئاسي في جيبوتي

25 أكتوبر, 2025
الصورة
قبيل انتخابات 2026: جلسة دستورية عاجلة تمهّد لهندسة السباق الرئاسي في جيبوتي
الرئيسُ إسماعيل عمر غيله ورئيسُ الجمعيةِ الوطنيةِ دليتا محمد دليتا في الذكرى الثلاثين لاستقلالِ جيبوتي. © باتريك روبرت عبر غيتي إيمجز
Share

أعلن رئيس الجمعية الوطنية، دليتا محمد دليتا، عقد جلسة برلمانية استثنائية يوم الأحد 26 أكتوبر/تشرين الأول لمناقشة مقترحات لإجراء تعديلات على دستور البلاد. وجاءت الدعوة عبر تعميم رسمي موجّه إلى جميع النواب لحضور الجلسة، من دون الكشف عن تفاصيل المواد المطروحة أو نطاقها، الأمر الذي فتح الباب أمام تكهّنات واسعة بشأن طبيعتها، وتداعياتها على قواعد اللعبة السياسية في الشهور الفاصلة عن الانتخابات الرئاسية المقرّرة في أبريل/نيسان 2026.

وبحسب الرسالة الموقّعة من رئيس الجمعية، فإن الجلسة المرتقبة تُوصَف بأنها من بين الأكثر حساسية في السنوات الأخيرة، نظرًا لتوقيتها السياسي الحرج، وطبيعة الموضوع الذي يتصل مباشرة بالبنية الدستورية للنظام. لغة الدعوة التي خاطبت النواب بـ"فائق الاحترام والتقدير" لم تُبدّد الأسئلة الجوهرية حول مضمون المقترحات. لكنها عزّزت الانطباع بأن النقاش قد يتجاوز تعديلات تقنية إلى تغييرات ذات أثر مباشر في شروط الترشح وحدود الولاية الرئاسية. هذا الغموض زاد من منسوب الاهتمام العام، وأطلق نقاشًا محتدمًا داخل الأوساط السياسية والإعلامية في العاصمة.

أشدّ ردود الفعل جاءت من أليكس محمد، المستشار السابق للرئيس إسماعيل عمر غيله، والذي كان محسوبًا لسنوات على دوائر الحكم قبل أن يعلن ابتعاده عنها. فقد نشر على منصة «إكس» سلسلة رسائل حذّر فيها مما وصفه بـ"انقلاب دستوري قيد التحضير"، داعيًا القيادات السياسية إلى التحلّي بالمسؤولية التاريخية والوفاء للجمهورية لا للأشخاص. وخاطب رئيس الجمعية بالاسم مطالبًا إياه ألّا يكون "هامشًا في التاريخ السياسي لجيبوتي"، وألّا يضع توقيعه على ما وصفه بـ"السطو الأخير". وكشفت هذه اللغة التصعيدية عمق الارتياب داخل بعض النخب السابقة من دوافع التعديل وتوقيته، وأشّرت إلى أن الجلسة قد تتحوّل إلى محطة فاصلة في مسار الاستحقاق الرئاسي المقبل.

السياق الأوسع يخصّ مكانة الرئيس إسماعيل عمر غيله الذي يحكم البلاد منذ عام 1999، وقد أعيد انتخابه في 2005 و2011 و2016 و2021. يُحسب لعهده ترسيخ قدر من الاستقرار السياسي واستقطاب استثمارات استراتيجية بفضل موقع جيبوتي عند مدخل البحر الأحمر، وما يرتبط به من بنى موانئ وقواعد عسكرية لقوى دولية. في المقابل، تتهم منظمات حقوقية دولية الحكومة بتقييد الحريات السياسية والإعلامية، والتضييق على المعارضة والصحافة، وغياب شروط تنافسية عادلة خلال الدورات الانتخابية السابقة، وهي انتقادات تضع أي تعديل دستوري مقبل تحت مجهر مضاعف داخليًا وخارجيًا.

كذلك أعاد توقيت الدعوة إلى المراجعة الدستورية طرح سؤال الترشّح. ففي مقابلة حديثة ألمح الرئيس إلى أنه لم يحسم خياراته بصورة نهائية، من دون أن يقطع الطريق على فرضية التقدّم مجددًا. لذلك يرى مراقبون أن أي تعديل يطال مدد الولاية أو شروط الأهلية سيُقرأ، بحكم الظرف، باعتباره جزءًا من هندسة المشهد الانتخابي لما بعد 2025، سواء عبر فتح الباب أمام إعادة الترشّح أو إعادة تعريف معايير وشروط الدخول إلى السباق الرئاسي. وعلى الرغم من أن النصوص المقترحة لم تُعلن بعد، فإن مجرّد إدراجها على جدول جلسة استثنائية قبل أشهر قليلة من انتخابات مفصلية يرفع منسوب الحساسية السياسية، ويزيد الضغط على البرلمان لعرض صياغات واضحة قابلة للتدقيق العام.

عمليًا، تمثّل جلسة الأحد اختبارًا متعدد المستويات؛ لمدى تماسك مؤسسات الدولة حول إصلاحات تمسّ العقد الدستوري، ولقدرة المعارضة والمجتمع المدني على التأثير في المسار التشريعي، ولحجم الكلفة السياسية التي قد تترتّب على تمرير نصوص خلافية بسرعة. كما أنها اختبار لثقة الشركاء الدوليين الذين يراقبون جيبوتي بوصفها عقدة لوجستية عالمية؛ إذ إن أي تغييرات تُفهَم على أنها تُعيد ترتيب السلطة من خارج التوافق الوطني قد تنعكس على تقييمات الاستقرار والحوكمة. وبين مخاوف "انقلاب دستوري" كما يصفه منتقدون، وحجّة "التكيّف المؤسسي" التي قد تسوقها الأغلبية، تبدو البلاد على أعتاب مفترق طرق دستوري ستكون نتائجه حاسمة لمسار 2026 وما بعده.