السبت 8 نوفمبر 2025
صعّد أعضاء في الكونغرس الأميركي من ضغوطهم على الإدارة الأميركية للمضي في تصنيف قوات «الدعم السريع» منظمة إرهابية أجنبية، وذلك عقب تقارير موسعة عن فظائع ذات طابع عِرقي وعمليات قتل ونهب في مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور. ودعا رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري جيم ريش إلى "تسمية الأشياء بأسمائها"، معتبرًا أن "الدعم السريع ارتكبت إرهابًا وجرائم تصل إلى الإبادة"، فيما أبدت السيناتورة الديمقراطية جين شاهين تأييدًا "مرجحًا" للمسعى، وطالبت بتحرك أشد ضد الداعمين الخارجيين للميليشيا.
تأتي الدعوات بعد أيام من تأكيدات ميدانية وتقارير إعلامية عن سقوط الفاشر في قبضة «الدعم السريع» عقب حصار طويل، وما تلا ذلك من انتهاكات واسعة ضد المدنيين. وقد وثّقت تحليلات بالأقمار الصناعية، وشهادات منظمات إنسانية أنماطًا من القتل على أسس عِرقية، وعمليات إعدام ميداني ونهب لمرافق طبية، بينما حذّرت هيئات أممية من محاصرة مئات الآلاف داخل المدينة دون ممرات آمنة.
تقول تقارير أممية وإغاثية إن الفاشر أصبحت "مركزًا للأزمة" في دارفور، مع تفاقم الجوع وانهيار الخدمات الأساسية، وتأكيدات عن هجمات بطائرات مُسيّرة وقصفٍ لمناطق سكنية ومخيمات نزوح. وقد أفاد مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بمقتل عشرات المدنيين خلال أيام من الهجمات في محيط مخيم النازحين بالمدينة، مشددًا على وجوب اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية السكان.
وصف رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، في بيان نشره على منصة «إكس» فظائع الفاشر بأنها "ليست عرضًا جانبيًا بل جزء من خطة"، مطالبًا رسميًا بإدراج «الدعم السريع» على قائمة (FTO).
يتطلّب من الناحية الإجرائية، تصنيف أي كيان على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية استيفاء معايير قانونية لدى وزارة الخارجية الأميركية، أبرزها تورّط الجماعة في نشاط إرهابي أو امتلاك القدرة والنية على ذلك، وأن يشكل نشاطها تهديدًا للأمن القومي أو لمواطني الولايات المتحدة. ويؤدي الإدراج، في حال حدوثه، إلى تجريم الدعم المادي للجماعة داخل الولايات المتحدة، وتقييد الحركة المالية والدبلوماسية لأي جهات تتعامل معها أو تموّلها. وقد سبق لواشنطن أن فرضت عقوبات على قيادات في «الدعم السريع»، واتهمت عناصرها بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لكن خطوة تصنيفها كمنظمة إرهابية لم تُحسم بعد.
في الخلفية، تتقاطع معركة الفاشر مع مسار دولي أشمل لتوثيق الانتهاكات في دارفور منذ اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023. وتبرز تحذيرات أممية من أنّ أنماط العنف الممنهج -القتل الجماعي، العنف الجنسي الواسع، سياسة التجويع، التهجير القسري- قد ترقى إلى جرائم إبادة، وأن أي تساهل في المحاسبة سيُكرّس "تقسيمًا بالأمر الواقع" عبر خطوط تماسّ طويلة بين الجيش و«الدعم السريع».
يرى مراقبون أن التصنيف الأميركية -إن حدث- سيحمل آثارًا ردعية على مسارات التمويل والتسليح والتحرك الخارجي لـ«الدعم السريع»، لكنها لن تُعفي المجتمع الدولي من واجب تأمين ممرات إنسانية وحماية المدنيين، والدفع نحو تحقيقات مستقلة شاملة في فظائع الفاشر وسواها. كما ستختبر الخطوةُ علاقات واشنطن الإقليمية، في ظل اتهامات متكررة - تنفيها أبوظبي- بوجود إمداد خارجي للميليشيا.