الأحد 16 نوفمبر 2025
شنّت حركة «الشباب» المرتبطة بالقاعدة، فجر الثلاثاء، هجومًا ليليًا على أطراف العاصمة مقديشو استهدف قوة عسكرية كانت تنفّذ عمليات تمشيط جنوب المدينة. ووفق مصادر أمنية محلية، اندلعت اشتباكات متقطعة استمرت لساعات مع استخدام أسلحة خفيفة ومتوسطة، فيما دُفعت تعزيزات من الجيش والشرطة إلى محاور الاشتباك، وأُغلقت طرق فرعية قريبة كإجراء احترازي.
بدأ الهجوم في منتصف الليل، واستهدف نقطة تمركز للحيش قبل أن يمتد إلى محيط أحياء سكنية مجاورة. وشهدت بعض المناطق انقطاعًا متقطعًا للكهرباء، وحركة نزوح محدودة داخل الأحياء، بينما طلبت السلطات من السكان تجنّب الطرق المؤدية إلى مسرح العمليات. وقالت مصادر طبية أهلية إن فرق الإسعاف تلقّت بلاغات متفرقة عن إصابات، من دون تقديم أرقام مؤكدة.
أغلقت القوات الأمنية مداخل جنوب العاصمة، وأطلقت عمليات تمشيط واسعة، مع إقامة نقاط تفتيش إضافية وتعزيز الدوريات الليلية. وأفادت مصادر ميدانية بأن القوات استعادت السيطرة على الشوارع الرئيسة في محيط الاشتباكات قبيل الفجر، فيما استمرت ملاحقة المهاجمين في الأحزمة الخارجية.
يعكس الهجوم اعتماد «الشباب» على التكتيكات القائمة على الضربة المباغتة في الأطراف، ثم توسيع الاشتباك لإرباك الاستجابة قبل الانسحاب إلى المناطق الريفية. ويستهدف هذا التكتيك إظهار قابلية العاصمة للاهتزاز، ورفع كلفة الطمأنة الأمنية على الحكومة من دون السعي إلى احتفاظ طويل بالأرض. وتبقى فاعلية الرد الحكومي مرهونة بسرعة الربط بين الإنذار الاستخباري والتحرك الميداني، وقدرة القوات على حصر الاشتباك في نطاق ضيق وتقليص أمده.
يأتي هذا التطور بعد ثلاثة أسابيع من هجوم نوعي للحركة على سجن «غودكا جلعو» شديد التحصين قرب القصر الرئاسي، وما تلاه من حصار لساعات قبل إعلان القوات الحكومية إنهاء العملية. كما سبقته خلال الأشهر الماضية سلسلة هجماتٍ وتفجيرات داخل العاصمة وضواحيها، بينها تفجير انتحاري استهدف مركز تجنيد للجيش في مايو/أيار. وتُظهر هذه الوقائع أنّ «الشباب» ما زالت قادرة على تنفيذ عمليات عالية المخاطر داخل مقديشو رغم المزاعم الحكومة في إحراز تقدم في رفع درجة الاستنفار الأمني.
خلفية المشهد الأمني تشير إلى أن الحركة استفادت، خلال 2025، من تشتت الجهد السياسي والأمني واتساع جبهات القتال، ما مكّنها من إعادة التموضع على محاور قريبة من العاصمة. تقديرات صحافية دولية تحدثت مؤخرًا عن أن مقاتلي الحركة تقدّموا في بعض الجيوب إلى مسافة عشرات الكيلومترات من مقديشو، قبل أن تستقر الجبهات نسبيًا بدعم من الشركاء الدوليين والقوات الأفريقية. لكن هجوم الليلة الماضية يوحي بأن القدرة الهجومية للحركة لا تزال حاضرة، وأن تدابير «الطمأنة» التي تعلنها الحكومة تحتاج إلى اختبارات ميدانية.
حتى إصدار بيان تفصيلي من السلطات، تبقى رواية ما حدث أسيرة مصادر ميدانية أولية ومقاطع متفرقة على الشبكات. المؤكّد أن مشهد الأمن في العاصمة ما زال هشًّا، وأن أي إعلان عن «استقرار دائم» يحتاج إلى ترجمة عملية في القدرة على منع الهجمات استباقيا، وإغلاق ثغرات الأطراف الجنوبية والشرقية للعاصمة.