السبت 8 نوفمبر 2025
علّق الاتحاد الأفريقي مشاركة مدغشقر في أنشطته عقب تغييرات اعتبرها "غير دستورية" أسفرت عن سيطرة عسكرية على السلطة في العاصمة أنتاناناريفو. وجاء القرار بعد اجتماعات طارئة لمجلس السلم والأمن للاتحاد، تخلّلها تأكيد سياسة "عدم التسامح" مع الانقلابات، والتلويح بإيفاد بعثة رفيعة لمساندة العودة إلى النظام الدستوري عبر انتقال مدني وعقد انتخابات نزيهة.
على الأرض، دخلت الأزمة مرحلة أكثر تعقيدًا منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول، مع اتساع رقعة الاحتجاجات وانضمام عناصر أمنية وعسكرية إلى المتظاهرين في بعض المواقع، وفرض حظر تجول في العاصمة ومدن أخرى. وترافق ذلك مع انقطاعات للكهرباء والمياه وارتفاع في الأسعار، ما غذّى غضبًا شعبيًا واسعًا وأضعف قدرة السلطات المحلية على ضبط الإيقاع الأمني والخدمي، فيما سُجّلت إصابات وسقوط قتلى خلال مواجهات متفرقة.
إقليميًا، عقد "جهاز السياسة والأمن والدفاع" في مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي (سادك) اجتماعًا طارئًا دعا إلى العودة السريعة للمسار الدستوري وتنسيق الجهود مع الاتحاد الأفريقي. وتبحث العواصم الإقليمية إمكانية توفير "مظلّة ضمانات" لمرحلة انتقالية تشمل حماية الحق في التظاهر السلمي، وضمان سلامة الفاعلين السياسيين والإعلاميين، ووضع جدول زمني واضح لانتخابات مراقَبة.
حتى الآن، بدت الاستجابة القارية أقرب إلى إدارة اللحظة؛ بيانات إدانة، وتعليق عضوية، وإشارات إلى بعثة تقصّي/وساطة، من دون تفاصيل مكتملة حول آليات التنفيذ ومواعيد ملزمة. ويشير مراقبون إلى فجوة مألوفة بين أدوات الضغط المعيارية المتاحة على المستوى القاري وبين متطلبات التهدئة السريعة داخل بلد تتبدّل فيه موازين القوة يومًا بيوم. ففعالية التعليق والبيانات ترتبط بمدى إرفاقها بخطوات عملية على أرض الواقع مثل جدول انتقالي مُعلن، آلية تحقق مشتركة، وخطوط حمراء واضحة لمنع الانتهاكات ضد المدنيين.
اقتصاديًا، تضع الاضطرابات عبئًا إضافيًا على اقتصاد هش أصلًا، مع تراجع ثقة المستثمرين وتعطّل الخدمات الأساسية ومخاطر على سلاسل التوريد الداخلية. ويرى خبراء أن أي مسار انتقال ناجح يحتاج إلى حزمة دعم مشروطة بإصلاحات ملموسة، وربط أي تمويل طارئ بإطلاق موقوفين على خلفية الاحتجاجات، فتح المجال العام، واستقلال نسبي لإدارة العملية الانتخابية، بما في ذلك تحديث السجلّ الانتخابي وتمكين الرقابة المحلية والدولية.
في المحصّلة، تحرّك الاتحاد الأفريقي سريعًا بالتعليق والإدانة، لكن ترسيخ مسار قابل للحياة في أنتاناناريفو يحتاج ما يتجاوز البيانات. المطلوب، كما يرى مراقبون، خطة انتقال بمراحل محددة زمنيًا، تحت رقابة مشتركة مع الشركاء الإقليميين، مقرونة بحوافز وضغوط اقتصادية تُربط بتقدّم ملموس وقابل للقياس. من دون ذلك، ستظلّ مدغشقر مثالًا على اتساع الهوّة بين لغة البيانات القارّية وميزان القوة المحلي المتحوّل.