تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الخميس 17 يوليو 2025

  • facebook
  • x
  • tiktok
  • instagram
  • linkedin
ثقافة

ما الذي أساءت موسيقى الريغي فهمه عن إثيوبيا؟

4 يوليو, 2025
الصورة
ما الذي أساءت موسيقى الريغي فهمه عن إثيوبيا؟
Share

كيف يتعارض احتفاء موسيقى الريغي بالإمبراطور الإثيوبي هيلا سيلاسي وبصهيون مع حقائق التاريخ الإثيوبي المعقدة والجانحة على الأرجح نحو القسوة- ومع الحقائق المضطربة التي تغاضت عنها العقيدة الراستافارية.

رسخت إيقاعات موسيقى الريغي، منذ بدء تكون ذاكرتي الموسيقية، في ذهني أكثر من أي ضجيج آخر. وكان ثمة أمر متعلق بطريقة ذبذباتها، وشيء في بطئها، وتصاعدها الواثق الذي أسرني. أما الإيقاع، الذي يشبه كثيرًا أسلوب ذانتو الصومالي، ويحاكي هيبة الإبل، ومشيتها المتأنقة، فقد هز قلبي حتى الذروة. وكم كان الاستماع لها جميلا ومحببا للقلب، وخلفيتها الموسيقية السخية. وحتى عندما كنت لا أفهم الكلمات، فإن موسيقى الريغي أشبعت عقلي المراهق، والمتململ بحالة من الهدوء والثبات. لقد استمتعت بها قبل أن تكون لدي أية فكرة عما تحاول قوله.   

لقد وعيت على موسيقى الريغي منذ أن ذكرت أمي للمرة الأولى أغنية بوب مارلي "Get up, Stand Up"، التي عدتها من الأغاني الأجنبية الرائجة بين مقاتلي جبهات التحرر خلال الحرب الأهلية، ثم الشكل الموسيقي الذي يقترب من "الترانس" في أغنية "Natural Mystic" التي يشار لها "بالأغنية التي يزداد صخبها"، وصياح البومة الحكيمة في أغاني ألفا بلوندي الإنسانية الداعية للتحرر من النظام الاستهلاكي، ثم أغنية "إثيوبيا" الشهيرة لهيلا روتس والتي لم تكتف بمباركة إثيوبيا، بل تضمنت الثناء على موسيقى الريغي نفسها.

اكتشفت أن أغلب أغاني الريغي لا تقتصر على الإمتاع فحسب، بل إنها تعبدية. وكانت وسيلة لفلسفة، ويمكن القول أن هذه الفلسفة هي الراستافارية

كان الفاصل الموسيقي للوشيانو Luciano في أغنية "إثيوبيا" لهيلا روتس، ورفعه العلم الإثيوبي مع شعار أسد يهوذا في الوسط، وغناؤه "نحن المختارون، الذين يغنون أغان الانعتاق، الذين يبقون (العلم ذو الألوان) الأحمر والذهبي والخضر عاليًا وقويًا"، وعند نهاية الفاصل يدخل هيلا روتس فيما يختتم الكورس صدحه بعبارة "يا إثيوبيا، أنظري لأعلى،" تكريمًا لأحد أكثر سطور الكتاب المقدس اقتباسًا في موسيقى الريغي: "كوش (إثيوبيا) تسرع بيديها إلى الله" (مزامير68 : 31). كان ذلك المقطع المفضل لدي في الألبوم. لكني فوجئت لاحقًا بأن الكثيرين في أفريقيا لا يضعون هذا الشعار على قدم المساواة مع "الحب" الذي تدور حوله الأغنية كلها تقريبًا.                               

كلما استمعت للريغي، كلما بدأت أسمع رسائلها على وقع الإيقاع: إذ ترد كلمات مثل: بابل وصهيون وهيلا سيلاسي الأول، وإثيوبيا مرارًا وتكرارًا. وهناك أغاني تمدح الإمبراطور هييلا سيلاسي باعتباره "أسد قبيلة يهوذا الغازي"، والمسيح العائد. ثم اكتشفت أن أغلب أغاني الريغي لا تقتصر على الإمتاع فحسب، بل إنها تعبدية. وكانت وسيلة لفلسفة، ويمكن القول أن هذه الفلسفة هي الراستافارية. وهنا مكمن تعقيد هذه المسألة.

الراستافارية ليست دينًا بقدر ما هي تاريخ وجرح وتوق متدثر باصطلاح روحي. وقد نمت الراستافارية، بحكم نشأتها في أزقة جامايكا المعزولة، وفي قلوب الفقراء والمحرومون الذين يحيون بها، وأغلبهم من حفدة العبيد، من التشرد البالغ الذي عاناه السود المتفرقون على أطراف الأطلنطي. إن ما وفره الريغي لي في النهاية ليس موسيقى بقدر ما وفر نافذة على الشتات والحلم الذي ينبع منه.

من أجل فهم صائب للريغي علينا العودة إلى القصة التي منحتها الحياة- قصة الأفارقة الذين اقتلعوا من ديارهم، وعذبوا وألقى بهم في غياهب حياة جديدة، ثم تلقوا ممن استرقوهم كتابًا مقدسًا. بالفعل، كان الكتاب المقدس من أجل تهدئة روعهم أو ترويضهم، لكنه بات وسيلة للأمل. ووجد العبيد أنفسهم في كلماته، وليس في تعاليمه فحسب، لكن في قصصه. لقد وجدوا استرقاقهم في عبودية بني إسرائيل في مصر، وبحثوا، كما فعل بنو إسرائيل في عهدهم، عن موسى خاص بهم.

وقد سمعت آذانهم  آية "يأتي شرفاء من مصر. كوش (التي ترجمت إلى إثيوبيا) تسرع بيديها الى الله" (مزامير 68: 31) كنبوءة واحتضنتها قلوبهم الجائعة. لم تكن أفريقيا، وخاصة إثيوبيا، بالنسبة لهم مجرد مكان، لكن رمزًا للفخر بوطن رباني متحرر من هيمنة البيض.

انطلاقًا من هنا، ظهر لاهوت اسمه الإثيوبيانية قبل وقت طويل من بزوغ الراستافارية. وحملت كنائس السود، لاسيما في الأمريكيتين، أسماء من قبيل الكنيسة الأسقفية الميثودية الأفريقية والكنيسة الأرثوذوكسية الإثيوبية. وكانت رسالتها بسيطة: إن الرب ليس أبيضًا. وأن الخلاص لن يأتي من أوروبا.

كان ماركوس غارفي، الوطني الأسود الجامايكي ونبي الأفريقانية، هو الذي منح هذا التوجه شكله المعروف. ونادى غارفي بالفخر بالعرق الأسود والتضامن معه والعودة إلى أفريقيا، وشجع، في خطبه النارية في أرجاء عالم الأطلنطي الأسود، على "التطلع لأفريقيا، عندما يتم تتويج ملك جديد، من أجل اليوم الذي يكون فيه الخلاص في متناول اليد. وسواء أقال غارفي ذلك على وجه اليقين أم لا فإن الأمر ثانوي قياسًا لحقيقة أن الكلمات كانت بديعة، وقاموا بمشاركتها وكتابتها وتذكرها.

لم تكن أفريقيا، وخاصة إثيوبيا، بالنسبة لهم مجرد مكان، لكن رمزًا للفخر بوطن رباني متحرر من هيمنة البيض

عام 1930 تم تتويج راس تافاري مكونن باسم إمبراطور إثيوبيا هيلا سيلاسي الاول. وكان الحدث، بالنسبة لغالبيتهم، تجل إلهي بقدر ما أنه كان تتويجًا. وكان ثمة ملك أسود، يعود نسبه، كما قالوا، للأسرة السليمانية وملكة سبأ، وحكم أمة لم تستعمر قط. ومثل الأمر، بالنسبة للسود وأطفالهم في شوارع جامايكا وهارلم (بنيويورك) وترينداد ولندن، تحقيقًا لنبوءة.

وتم اعتناق الراستافارية ليس كدين فحسب، ولكن كأمر داعم لشعب لطالما واجه إنكارًا لتراثه الثقافي. وأطلقوا على أنفسهم اسم "الراستا" تيمنًا بلقب هيلا سيلاسي قبل تتويجه: راس بمعنى أمير أو رأس، وتافاري بمعنى "مهاب الجانب". وبالنسبة لآخرين فإن كون المرء راستا أكثر من مجرد إجلال لاسم ما؛ بل إنه استرداد للكرامة وإعلان أن السواد "Blackness"، الذي لطالما بخس شأنه، سمة ملكية. ولم يروا في هيلا سيلاسي ملكًا، لكنهم رأوه إلهًا حيًا، ومجيئ ثان للمسيح، ليس في شكل روح تجوب السحب، لكن (في هيئة) رجل أسود يمشي على الأرض.

ورد هيلا سيلاسي على هذا الولع به ، والذي تمكن من الراستافاريين، بمنحهم أراضِ في شاشامين (Shahamene) بعد استعادته عرشه في نهاية الحرب العالمية الثانية. وخصص الإمبراطور أرضًا مساحتها 500 آكر "لسود العالم"، والتي بدأت تجتذب الراستافاريين عقب زيارته لجامايكا في منتصف الستينيات.

وهكذا، باتت إثيوبيا هي صهيون وأرض الميعاد، وتجسيد الخير والأمل. وأصبح الغرب، أو الإمبراطوريات الاستعمارية التي استرقتهم وجردتهم من الإنسانية، هي بابل التي جسدت الانحلال. ولم تعد بالنسبة لهم مسألة العودة إلى أفريقيا مجرد خيال، لكن مفهومًا دينيا، وزادوا من ضفائر شعرهم ليس كموضة، ولكن كتمرد واحتجاج ضد معايير بابل. وجعلوا شعورهم مثل شعر الأسد. ولم يأكلوا إلا الطعام الطاهر، اقتداء بنهج إيتال Ital للحفاظ على أبدانهم نقية ومتناغمة روحانيًا. كما تغيرت طريقة كلامهم. وحلت جملة "أنا وأنا" محل "أنا وأنت"،  ولهجة منطوقة أزالت العوائق بين الأفراد، ويتم التحدث بها بتفرد روحاني.

لم تكن "الريغي" دينًا فحسب، بل دواء. ومثلت للأفارقة إيمانًا بأنهم أعظم شأنًا مما أخبرهم به العالم عن أنفسهم؛ وكانت الريغي صوت هذا الإيمان.

وعندما غنى بوب مارلي أغنية "الخروج! حركة شعب جاه (يهوذا)". لم تكن مجرد آية، بل كانت لاهوتًا وتاريخًا وسياسة على وقع موسيقى. لقد كانت الريغي موسيقى شعب أراد استعاد مكانته في العالم. ولم يعد الآن ثمة عبيد أو أبناء عبيد، بل إسرائيليون فحسب. مختارون، وقد وصل ملكهم.   

ومع مواصلتي القراءة، اكتشفت أن تاريخ إثيوبيا وهيلا سيلاسي الأول الوارد في موسيقى الريغي ليس صحيحًا تاريخيًا بالمرة.

ومن المثير للسخرية أن إثيوبيا، التي طالما وصفت بأيقونة الكرامة والمقاومة الأفريقيتين، لم تقم في واقع الأمر على الوحدة أو الحرية، لكن على عنف إمبريالي. وقد نمت الدولة الوطنية الإثيوبية الحالية مع توسع أباطرة حبشيين من مثل منليك الثاني ثم هيلا سيلاسي نفسه لاحقًا، في أراضي مملكتهم جنوبًا، وضم أممًا كثيرة ومتنوعة، مثل: الأورومو والسيداما والصومالي وغيرهم بالقوة العسكرية وعبر الاستيعاب القسري. وإن كان هيلا سيلاسي قد تصدر المشهد العالمي بفضل دوره في الوحدة الأفريقية، ودعمه للنضال التحرري، ومعارضته للفاشية الإيطالية، والمساعدة في تكوين منظمة الوحدة الأفريقية، فإن عهده في داخل إثيوبيا يظل مسألة مغايرة تمامًا.     

وغنى بوب مارلي قائلًا: "إنها الحرب... حتى التخلص من فلسفة تفوق عرق ما، ودونية آخر في النهاية وبشكل دائم (فإنه ليس هناك سواها)" متأثرًا بكلمة هيلا سيلاسي في الأمم المتحدة عام 1963 التي بارك فيها الملك (نفسه) كرسول ومدافع عن حقوق الإنسان.

بأي حال فإن هيلا سيلاسي لم يواصل فحسب سياسة الاستيعاب الثقافي وملكية الأرض بشكل استغلالي (لصالحه شخصيًا) كما حال أسلافه، بل قام بمأسستها. وتم منع استعمال اللغات الوطنية (Native languages) في المدارس وسائل الإعلام والحكومة،  وتمت إعادة تسمية المدن والبلدات بالأمهرية في جهد منه للقضاء على الهويات المحلية؛ وتمت مناقشة مسألة فرض الأمهرية (Amharization) إلى حد ما في الدراسات الأفريقية، وبما يتفق مع عمليات استيعاب ثقافي مشابهة، مثل التعريب في شمال أفريقيا والفرنسة في غرب أفريقيا. ولذا فإنه من الشائع للغاية أن نجد أفرادًا من جماعات إثنية أخرى يعرفون أنفسهم بأنهم أمهريون لمجرد أن يكسبوا حقوقًا مثل الحق في التعليم.     

كما ساد القمع السياسي، وتم سجن المنشقين السياسيين أو قتلهم، وإسكات المجتمعات المحلية. وردت حكومته على المعارضة السياسية باستخدام العنف، بالقمع العنيف لحركات تمرد مثل تمرد أورومو بال (Bale Oromo) في الستينيات حيث تم قتل الآلاف وتشريدهم.

يغني داميان مارلي مع أخيه ستيفن في أغنية "The Mission" قائلًا: "إن حب يهوذا (هو) من أجل الفقراء". لكن خلال مجاعة واللو الكارثية في مطلع السبعينيات أقدم هيلا سيلاسي على القيام بجولة أوروبية منكرًا الكارثة، وقام باستعراض قناع الكرامة الإمبراطورية، فيما مات عشرات الآلاف من الفلاحين جوعًا في هذه المجاعة.

لقد كانت الريغي موسيقى شعب أراد استعاد مكانته في العالم. ولم يعد الآن ثمة عبيد أو أبناء عبيد، بل إسرائيليون فحسب. مختارون، وقد وصل ملكهم

بينما كانت الريغي تمجد هيلا سيلاسي؛ ومن ذلك تغزلها: "إن ملك هذه الأرض، البعيدة، اسمه الملك سيلا سيلاسي ملك الملوك ورب الأرباب. إنه ملك هذه الأرض التي تقع في الشرق". تفجر الثقافة في تراتيلهم المخلصة بالعاصمة الإثيوبية، ومدحها كعصارة للفخر الأفريقي، ونسب هيلا سيلاسي الإمبراطوري.   

لكن تحت هذا الفخر والشرف يوجد تاريخ مقهور يذكرنا أن الأرض التي قامت عليها مدينة أديس أبابا في الأصل كانت ملك أورومو التولاما الذين كانوا يسمونها فينفيني (Finfinne)، وعدت أرضًا مقدسة ذات عيون دافئة وذاع بها نشاط رعي الماشية. وفي نهاية القرن التاسع عشر صادر الإمبراطور منليك الثاني هذه الأرض في سياق حملاته العسكرية الجنوبية، وضمها بالقوة في إمبراطورية إثيوبيا المتنامية حينذاك. ولم يتم تشريد الأورومو فحسب، بل تدنت أحوالهم ليصبحوا أقنانًا بالأرض كدحوا في ظل أبنية سلطة إقطاعية أغنت طبقة النبلاء والنخب الإمبراطورية في الشمال. ونظر الراستا لإثيوبيا على أنها صهيون، أو وطن مقدس وملجًا من الهيمنة البابلية، لكن مما يثير السخرية أن إثيوبيا التي تاقوا إليها كانت، بالنسبة لأغلب أهلها، رمزًا للغزو وليس للخلاص. إن البلاد التي ترمز للانعتاق بالنسبة للراستافارية كانت في حد ذاتها ناشئة عن الغزو وليس الرضا.   

لا تنظر أغلبية الإثيوبيين لهيلا سيلاسي كمخلص، لكنهم يرونه حاكما منعزلًا لنخبة مدينة بثقافتها لأوروبا. وقد استخدمت النخب الإثيوبية للطبقة الملكية لرفض التماه مع القارة المستعمرة. وقد حافظوا على التقاليد الإمبريالية، وفهموا  السواد Blacknessعلى نحو مختلف عما فعله أهل جامايكا.

هنا يوجد التناقض: إن الرجل الذي رآه المقموعون في جامايكا إلهًا، يتذكره عدد كبير من بني وطنه إمبراطورًا لإمبراطورية توسعية.

بالنسبة لي كان سقوط هيلا سيلاسي عام 1974، الدليل الأوضح عما كان عليه بالفعل. إن رجل تم الإيمان به كإله ومحرر للشعب الأسود قد أُسقط من قبل شعبه الأسود، وأُخمد عهده بهدوء مجلس عسكري، وتم دفنه تحت القصر الذي امتلكه يومًا ما.

جلست أشاهد عرضًا اسمه محام الشيطان (Devil's Advocate) قدمه داركوس هوي حول هيلا سيلاسي، ولم أستطع فهم كيف يمكن لداعية للراستا أن يعلن بيقين تام أن هيلا سيلاسي إلهًا، فيما شهد مقربون من الملك، مثل ابن عمه الثاني وأحد كبار رجال الدين في عهده، ضد مثل هذه الادعاءات.

بينما شرح ابن عم هيلا سيلاسي الثاني كيف تم استخراج جثمان هيلا سيلاسي من الأرض بعد عقود، فإن الراستا لا يوقنون أنه مات. واعتقدوا أنه اختفى، أو حل في جسد آخر، أو اُختير للانتقال للسماء. ولم يكن بمقدوري سوى مشاهدة هذا التناقض. ولقد كانت الراستافارية، اعتمادًا على المعاناة الشنيعة التي مر بها السود في الغرب، أمرًا طبيعيًا حينذاك – كيف لا يريدون الإيمان بمسيح أسود وأفريقي مخلصًا لهم؟

لكن عجزهم عن رؤية المعاناة التي سببها هيلا سيلاسي للآخرين- الذين لا صوت لهم، والجوعى، والذين تم القضاء عليهم- يجعلني أشعر بالارتياب. ويجسد ذلك كيف يمكن  أن يصبح التاريخ، عندما يفهم فقط من زاوية الأمل أو الألم، شيئًا مشوهًا. إذ يجعل الطاغية بطلًا، ويجعلنا ننسى معاناة من ليسوا بقصتنا. وعندها وجدت نفسي في رحم التناقض؛ تناقض نجم عن التضارب بين الشكل والمضمون. لقد أحببت موسيقية الريغي لكنني رفضت أخلاقيًا أغلب رسائل أغانيها التي حاولت التبشير بها، ولاسيما الأغاني المسماة "الشعورية".

لا زلت أهز رأسي وأدخل في حالة سكينة عندما أشعر بإيقاع جاه راستافاري (Jah Rastafari)، لكن سرعان ما أشعر بالإدانة تمامًا على نحو لا يمكنني الفكاك منه، وهي إدانة سببها عدم القدرة على نسيان المعاناة التي تذكرني بها موسيقى الريغي.