الثلاثاء 11 نوفمبر 2025
تستعد العاصمة الكينية لاستقبال نائب الرئيس الأميركي جيه. دي. فانس في زيارة رسمية بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني، في إشارة إلى سعي واشنطن لإعادة تنشيط حضورها السياسي والاقتصادي في شرق أفريقيا، وتعزيز قنوات التواصل مع حكومة الرئيس وليام روتو. وتعد الزيارة من أبرز التحركات الأميركية تجاه نيروبي خلال العام الجاري. تحمل الزيارة، بحسب مصادر دبلوماسية، طابعًا عمليًا، يوازن بين الملفات الثنائية والقضايا الإقليمية الملحّة.
على المستوى الثنائي، ستتمحور المحادثات حول توسيع الشراكات الاستثمارية، ورفع وتيرة التعاون في البنية التحتية والطاقة والتحول الرقمي، إلى جانب بحث سبل تحفيز القطاع الخاص عبر أدوات تمويل التنمية الأميركية، وتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة من الاستفادة من الأسواق بين الضفتين. كما يُنتظر أن يتصدر جدول الأعمال ملف التجارة، بما في ذلك الاستفادة القصوى من الأطر التفضيلية القائمة، ومناقشة المسارات التي تتيح توطيد سلاسل القيمة الصناعية في مجالات الزراعة والدواء والخدمات الرقمية، بما يخفف كلفة النقل، ويعزز توطين الوظائف في كينيا.
أمنيًا وإقليميًا، تحضر قضايا القرن الأفريقي بقوة، من أمن الحدود والبحر الأحمر إلى الوضع في الصومال ومكافحة التنظيمات المتطرفة وشبكات الجريمة العابرة. وستتناول المباحثات مقاربات دعم قدرات إنفاذ القانون الكينية وتبادل المعلومات وبرامج بناء القدرات، مع إبقاء ملف الاستقرار في القرن الأفريقي ضمن منظور تنموي يتكامل فيه الأمن مع خلق فرص اقتصادية. كما ستُطرح مستجدات السلم الإقليمي، وتأثير التوترات الجيوسياسية على طرق الملاحة، وحاجات الدول المتأثرة بالأزمات المناخية والجفاف.
في السياق نفسه، تراهن نيروبي على أن تمنح الزيارة دفعة لعاصمتها كمركز تكنولوجي ومالي إقليمي، مستندة إلى منظومة مدفوعات رقمية رائدة واستثمارات ناشئة في مراكز البيانات والخدمات السحابية. وتبحث الدوائر الاقتصادية الكينية عن تأكيدات عملية تتعلق بتمويل مشاريع النقل والطاقة المتجددة، وتوسيع الوصول إلى التمويل بالدولار مع تخفيف المخاطر، إضافة إلى دعم برامج التدريب والمهارات الرقمية للشباب. ويأمل صانعو السياسات أن تُترجم المناقشات إلى اتفاقات زمنية محددة وجداول تنفيذ واضحة.
بالنسبة لواشنطن، تمنح الزيارة فرصة لإعادة صياغة خطاب الشراكة مع أفريقيا من منطق المساعدات إلى منطق الاستثمار والتصنيع المشترك، وتثبيت روابط اقتصادية أكثر توازنًا. كما تتيح مخاطبة جمهور الأعمال الكيني مباشرة، وطمأنة شركاء المنطقة بأن الالتزام الأميركي طويل الأجل، وأن الحضور الدبلوماسي والاقتصادي سيتكئ على أدوات تمويل مرنة، وتعاون في سلاسل الإمداد، ودعم للحوكمة والشفافية. وتراهن الإدارة الأميركية على أن بناء مشروعات نوعية صغيرة ومتوسطة الأثر السريع قد يترك بصمة ملموسة لدى الرأي العام.
على مستوى الصورة العامة، ستُقاس نتائج الزيارة بقدرتها على إنتاج مخرجات تتمثل في اتفاقات تمويل ومشروعات بنية تحتية ذات جداول زمنية واضحة، ومسارات تعاون أمني تُعلي كفاءة المؤسسات مع احترام حقوق الإنسان. كما سيُنظر إلى الزيارة بوصفها اختبارًا لمرونة العلاقة بين نيروبي وواشنطن في مرحلة تتشابك فيها أولويات الأمن والاقتصاد والمناخ. وفي حال تبلورت خريطة طريق مشتركة تُوازن بين العائد الاقتصادي ومتطلبات الاستقرار الإقليمي، يمكن للزيارة أن تؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة العملية بين البلدين، تتجاوز الرمزية السياسية إلى نتائج تنموية ملموسة.