تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الخميس 15 مايو 2025

  • facebook
  • x
  • tiktok
  • instagram
  • linkedin
حوارات

كينيا: أن تُرى كأنّك الإمبراطوريّة

18 يناير, 2025
الصورة
geeska cover
Share
مقابلة جيسكا مع سمر البلوشي، أستاذة الأنثروبولوجيا في جامعة كاليفورنيا بإرفين، حول كتابها الجديد عن كينيا وما يسمى بالحرب على الإرهاب.

عندما وقف الرئيس الكيني ويليام روتو إلى جانب الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال مؤتمر صحفي في واشنطن في مايو/ آيار، من المرجح أنه تحسّس في ذلك فرصة للتألق، بصفته الزعيم الأفريقي الوحيد الذي زار البيت الأبيض خلال إدارة بايدن. كانت كينيا قد خَطَت للتو على المسرح العالمي، ناظرةً إلى تعيينها حليفا رئيسيا للولايات المتحدة غير عضو في حلف الناتو، وكانت قد قررت إرسال فرقة من ضباط الشرطة إلى هايتي في محاولة لاستعادة النظام في العاصمة بورت أو برانس. ها هو روتو يتنكر في هيئة زعيم عالمي، ويحمل على كتفيه نصيبَه من المسؤولية أمام التحديات التي تثقل كاهل العالم.

بين الحشود، أيوب عبد القادر، صحفي من كينيا سافر مع وفد روتو لتغطية الزيارة، وأخذ الصحفي على عاتقه ألاّ تكون هذه جولة نصر سهلة: "هل يمكنك أن تشرح لنا الغاية الجيوسياسية، على بعد 12000 كلم من نيروبي؟"، سأل عبد القادر متحيّراً عن الدافع الذي استوجب على كينيا مساعدة بلدٍ هو على مرمى حجر من أغنى وأقوى دولة في العالم. "أليس من الغريب أن تطفئ النار في منزل جارك البعيد، بينما يحترق منزلك؟". من الواضح أن روتو لم يستحضر رداً، فارتجف، فأدلى برد غير متماسك مليء بذلك النوع من العبارات المبتذلة التي نسمعها عادة من رؤساء الولايات المتحدة حول الدور المهم الذي يلعبونه في العالم. وإن كانت تلك العبارات، لسبب ما، أكثر استساغاً عندما تخرج من أفواههم أكثر منه.

سلطت هذه اللحظة الضوء على التوتر المهم بين الدور الذي كانت كينيا تتطلع إليه باعتبارها ركيزة أساس في النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، والتضحيات ثمّ التكاليف التي قد يستلزمها ذلك، بالنظر إلى التحديات الكبيرة التي تواجهها في الداخل. كما أظهرت كيف أن محاولات كينيا لإقحام نفسها في القضايا العالمية تعني غالباً دعم المصالح الأمريكية.

طالما سعت النخب الكينية ما بعد الكولونيالية إلى كسب ود القوى الغربية، غالباً على حساب الأمة، وأحياناً بتعريض مواطنيها المهمشين للخطر بشكل مباشر. يستكشف كتاب سمر البلوشي الجديد "الحرب كصناعةٍ للعالم" هذا الأمر بتفصيلٍ، حيث توظّف تكوينها الأنثروبولوجي لتوضيح كيف خلق ما يسمى بالحرب على الإرهاب الظروف لحرب كينيا. 
أشعل إعلان الولايات المتحدة الحرب على الإرهاب صراعاً عالمياً، حيث قامت بتجنيد دول في جميع أنحاء العالم، وقدمت كينيا كمشارك متحمس. يبني كتاب البروفيسورة سمر البلوشي على هذه الحادثة لإلقاء الضوء على الدور التاريخي للدولة الكينية في عمليات الإمبراطوريتين البريطانية ثم الأمريكية، وكيف أثر ذلك على علاقاتها مع سكانها المسلمين.


فيصل علي: تشاركين، على طول الكتاب، العديد من الحكايات الشخصية، بدءاً بتجربة والدك مع الحظر في كينيا بسبب اسمه المسلم، إلى الناشئة التي وقعت في شباك ما يسمى بالحرب على الإرهاب. بم شعرت وأنت تكتبين عن موضوع يمسّك شخصياً ويمسّ، في الوقت نفسه، العديد من الأشخاص الآخرين؟

سمر البلوشي: كانت غايتي، عندما بدأت البحث أول مرة حول هذا الموضوع، تسليط الضوء على منطقة من العالم ظلت إلى حد كبير مهملة من قبل الباحثين الذين يدرسون الكلفة الإنسانيّة لما يسمى بالحرب على الإرهاب. شكّلت على نحوٍ أكيد روابطي العائلية بشرق أفريقيا رغبتي في معرفة المزيد، والقصص التي سمعتها من العديد من المسلمين الذين حاورتهم تقاطعت مع قصة تجربة والدي الخاصة مع هذه المضايقات العموميّة في السبعينيات. حالما يستثمر المرء شخصياً في البحث كما فعلتُ، سيغمره إحساس قوي بالمسؤولية والمساءلة تجاه الأشخاص الذين تكرموا بلطفهم وشاركوا معه قصصهم. وأنا لم آخذ هذا الأمر أبداً باستهتارٍ، وخاصة لأن البحث في حد ذاته قد يُفهم كشكل من أشكال المراقبة غير المرغوب فيها، وكنت أدرك بشكل مؤلم أن العديد من محاورِيّ يتعرضون بالفعل لمراقبة شديدةٍ في حياتهم اليومية.

فيصل علي: كيف غيرت الحرب على الإرهاب الطريقة التي تعاملت بها الدولة الكينية مع السياسة الخارجية، والطريقة التي أدارت بها علاقاتها مع مجتمعاتها المسلمة؟

سمر البلوشي: استغلت الحكومات في جميع أنحاء العالم، منذ إطلاق الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على الإرهاب، هوس الحكومة الأمريكية بـ "الأمن" لملاحقة مصالحها الاستراتيجية الخاصة. وكان الأمر، كما وُصف على نحوٍ خاص، بالنسبة للدول التي تجمعها شراكة أمنيّة هامّة مع الولايات المتحدة مثل كينيا، التي تعد من بين أكبر المتلقين للمساعدات الأمنية الأمريكية في القارة الأفريقية. وهذا شجّع كينيا، كما أحاجج في الكتاب، على ممارسة قوتها بأساليب جديدة. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2011، على سبيل المثال، أرسل الجيش الكيني آلاف القوات عابراً الحدود إلى الصومال، تحت مظلّة "قمع التهديد الذي تشكله جماعة الشباب الصومالية المسلحة"، وجاء غزو الصومال بمثابة إشارة إلى تحول غير مسبوق نحو سياسة خارجية أكثر عدوانيةً. ومن المهم ملاحظة أن صرامة كينيا تجاه مسائل الأمن الإقليمي تتصادف مع عزم الجيش الأمريكي تخفيف حضوره في القارة. ومن هنا، خلق هذا التقارب في المصالح بين البلدين فرصة للولايات المتحدة لتدريب وتجهيز قوات الأمن الكينية، ولتعزيز قدرات كينيا في مجال حفظ الأمن وصناعة الحرب في الداخل والخارج. وأركّز بشكل خاص في الكتاب على وحدات الشرطة الكينية التي دربتها الولايات المتحدة، وحصلت على ترخيص للمشاركة في عمليات هجومية من ضمنها عمليات التسليم والاختفاء والقتل خارج نطاق العدالة، والتي تستهدف في المقام الأول أعضاء الأقلية المسلمة في كينيا، مما تسبب في خلق جو من الخوف وتفاقم التوترات وانعدام الثقة بين المسلمين والدولة الكينية.


فيصل علي: لقد تتبعت بمهارة عملية إقصاء المجتمعات المسلمة والصومالية في كينيا، منذ العصر الاستعماري إلى السنوات الأولى بعد نهاية الاستعمار، ولقد استقت كينيا بعضاً من ذلك الماضي خلال الحرب على الإرهاب. بصفتك مفكرة وأكاديميةً من البلاد، وبالنظر للتحول في الديناميكيات العنصرية بين النخبة الحاكمة من العصر الاستعماري (الأبيض) إلى العصر ما بعد الاستعماري (الأسود)، هل فاجأك ذلك؟

سمر البلوشي: قدرة الدولة الكينية على حشد الدعم الشعبي لمحاربة "الإرهاب"، تسبق حدث الحرب على الإرهاب بعد 11 من سبتمبر/أيلول. فقد ورثت النخبة السياسيّة في كينيا، كما بيّن المؤرخ إي. أس. أتينو أوديامبو، الهوس بالقانون والنظام من الاستعمار البريطاني. وعليه، فليس من المستغرب وجود تاريخ طويل من استراتيجياتٍ للحكم بُلورت على أفكار توجّسية عنصرية، مما طمس الحدود بين السلطة العسكرية والمدنيّة- تاريخ ممتد من الحملة الاستعمارية البريطانية على "جيش الأرض والحرية" المناهض للاستعمار (المعروف شعبياً باسم "ماو ماو") إلى محاولات الدولة الكينية المستقلة حديثاً قمع حركةٍ انفصالية يقودها بعضٌ من الإثنيّة الصومالية في شمال شرق البلاد. 
كان تقديم الحكومة الكينية لـ "حرب شيفتا" في ستينيات القرن العشرين، بصفتها صراعاً بين ما يُزعم أنّه "الدولة الشرعية" ومتمردين "خارجين عن هذه الشرعية"، سبباً في تبرير عقابها الجماعي لكامل الإثنيّة الصومالية، وسيكون هذا الحدث، من نواح عديدة، بمثابة بداية لتشكّل قلق شعبي على طول الحدود، وبداية لظهور توجّس تجاه الصوماليين باعتبارهم دُخلاء. يشكل هذا التاريخ جزءاً لا يتجزأ من قدرتنا على تقدير كيف صُنّف الصوماليون حتّى الآن على أنهم تهديداً؛ أي جعلهم في صورة عدوٍ لا لبس فيه للدولة الكينية.

فيصل علي: يدرس كتابك وينتقد الطريقة التي تخلق بها الإمبراطورية - النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة في هذه الحالة - الحوافز لسلوكيات معينة بين الفاعلين العالميين، والطريقة التي تكافئ فيها أفعالهم بالمساعدات، وبرامج المجتمع المدني والتعاون الأمني، بحثًا عن شركاء - في هذه الحالة الحرب على الإرهاب. بيد أنّك تظهرين أن هذه ليست علاقة تبعيّةٍ. لم تعتقدين أنه من المهم تبيان أنّ النخبة الكينية ليست معدومة الوكالة كما أنّ لها دوافعها الخاصة؟

سمر البلوشي: يوجد ميل لا يكلّ لرفض وكالة قادة الجنوب العالمي -وخاصة في سياق الحرب على الإرهاب- ومرد ذلك في الغالب إلى غياب التكافؤ في الشراكة الأمنية مع الولايات المتحدة. من المهم الاعتراف بهذه الاختلالات في القوة، فهي حقيقية، وليس من دليل أكثر وضوحاً من حقيقة أن الدين الوطني الكيني تضاعف خمسة أضعاف منذ عام 2013؛ والذي يجد تفسيره في أنّ عملية صنع القرار في كينيا قد تشكلت دونما شكٍ من خلال الاعتبارات المتعلقة بالوصول إلى الائتمان. بيد أنني أحاجج أنّ صرامة كينيا المتصاعدة تجاه قضايا الأمن ليست مجرد حساب سياسي–اقتصادي، بل إنها تمثل أيضاً ادعاءً وطموحاً عالميّاً بالانتماء إلى العالم "المتحضر"، ولهذا بذل الزعماء الكينيون جهوداً كبيرة لإقناع المواطنين الكينيين بأن الحرب ضد الإرهاب هي "حربنا"، أي حربٌ يتحمل الأفارقة مسؤولية خوضها. ولفعل ذلك، عملت الحكومة على تجنيد الكينيين ثقافياً في مشروع الحرب والإمبراطورية، كون الموافقة الشعبية ضروريّة في المساعي التي تبتغي الحرب. ومع ذلك، فإنّ الميل المستمر إلى حصر تحليلنا للسياسة الأفريقية في حدود قارتها، يعني أننا نملك عدداً محدوداً من الأدوات التحليلية للتعامل مع التداعيات ذات الأثر الكوني لهذه الديناميكيات.

فيصل علي: جزء مهم من بحثك هو عن كيف نُقاربُ "الحرب على الإرهاب"، وفي تحليلك، هي ليست فقط عاملاً قمعياً، بل أيضاً عامل منتج، بمعنى أنّها تساهم في خلق أنماط محددة من الحكم، وتؤثر على سلوك الناس. هل يمكنك توضيح هذه المقاربة؟

سمر البلوشي: في حين أهدف على نحوٍ أكيد إلى أن يعرف القراء عن تأثير الحرب على الإرهاب من الناحية الإنسانية في شرق أفريقيا، فإن هذا لا يسلم من مخاطرةٍ، كونك ترسم صورةً لمكانٍ يقال إنّ العنف الإمبريالي يُشكّل كلّ معالمه. غير أنّ ذلك ليس هو الحال ببساطةٍ، ففي أكثر الظروف قمعيةً، ستعثر على أمثلة على محدودية القوة الإمبريالية. يكشف إنصاتٌ إثنوغرافي لواقع الناس اليوميّ عن مجالٍ اجتماعي وسياسي شديد الاحتدام حيث يجتمع الناس في المحاكم ومراكز الشرطة وغرف المعيشة وزوايا الشوارع للاستفسار وجمع المعلومات عن أصدقاء وجيران أو أفراد من الأسرة، استهدفتهم وحدات الشرطة المدربة من قبل الولايات المتحدة. إنّ ما يظهر لذلك الإنصات الإثنوغوافي هو مكان حقيقي بأشخاصٍ حقيقيين اجتمعوا بحثاً عن أحباءَ لهم، وسعياً وراء ذلك، يُظهرون إرادةً للحياة. هذه الديناميكيّة وروح التضامن هي ما آمل أن أنقله، لأن هذا يفتح إمكانيات لتخيل عوالم جديدة مسالِمة.

فيصل علي: تزعمين أن الشعارات الليبرالية مثل "الاندماج" هي أيضاً إشكالية، بسبب كيفية تأثير أمننة مجتمعات معينة على المجتمع المدني. لاحظت أن بعض المجتمعات تُمنح شروطاً قبل منحها الإذن بالتحدث: "هل تدين [أدخل فعلاً أو منظمة إرهابية]؟" تجربةٌ مشتركةٌ بين المسلمين على مستوى العالم. هل يمكنك التحدث قليلاً عن ذلك في الفضاءات الكينية؟

سمر البلوشي: تزامن صعود "مكافحة التطرف"، في كينيا، كشكلٍ من أشكال القوة الناعمة مع الاحتفاء بالتعددية والاندماج - يُحتفى على وجه التحديد بأن المسلمين الكينيين بموجب الدستور المعدل لعام 2010 يتمتعون الآن (نظريًا) بحمايةٍ حقوق- إنسانيّةٍ أكثر من السابق، وبالتالي فهم أصبحوا يشعرون بانتماء واندماج أكبر. بيد أنّ المنظمات غير الحكومية في كينيا فهمت أن تبني أجندة "مكافحة التطرف" التي حددتها الحكومات المانحة، مثل الولايات المتحدة هي السبيل الوحيد للحصول على التمويل الذي يُحتاج إليه، فأصبح فضاء المجتمع المدني، في هذه الظروف، مجالاً للمراقبة المشددة، لأنه شجّع المواطنين الكينيين -تحت لواء مكافحة التطرف- على مراقبة بعضهم البعض بحثاً عن علاماتٍ "للتطرف". وفي الواقع، أصبحت المواطنة المتساوية الآن مشروطة بالاستعداد للمشاركة في مشروع الأمن والحرب على الإرهاب. إن إثارة الأسئلة أو تحدي الفرضية التي بنيت عليها "الحرب على الإرهاب" قد يدعو إلى الشك والمتابعة، مما يعني أن المساحة المتاحة للمناقشة والحوار تتضاءل بسرعةٍ في بلد يزعم أنه ديمقراطي.

فيصل علي: تستثمر كينيا، كما لاحظت، الكثير في تصوير نفسها كدولة أفريقية استثنائية، على عكس بقية الدول أو الأشرار المسلمين الإرهابيين. بهذه الطريقة يبرر قادتها سياسات قمع مواطنيهم، تدخلهم في شؤون جيرانهم، وحتى إرسال بعثة شرطة إلى أماكن بعيدة مثل هايتي. لسنا أول من انتقد هذه القرارات، لكنني أتساءل ما هي المسؤوليات التي تتحملها الدول الأفريقية تجاه الدول الأفريقية الأخرى التي تمرّ بضائقة؟

سمر البلوشي: بيّنت في الكتاب أن الإبادة الجماعية في رواندا مثّلت نقطة تحول بالنسبة للدول الأفريقية، حيث دفع الشعور الجماعي بالذنب عدداً كبيراً من القادة إلى الإيمان بأنهم مسؤولون أمام هذه السيناريوهات. تاريخياً، كانت الدول الأفريقية حذرة من التدخل في شؤون الدول الأخرى، وذلك بسبب قلقها من أن يفتح ذلك الباب أمام استعمار جديد، وتدخل من القوى العالمية. غير أنّ كل ذلك تغيّر بعد الإبادة الجماعية في رواندا، حيث انضم القادة الأفارقة إلى القادة في جميع أنحاء العالم الذين أيدوا مفهوم الأمم المتحدة المعروف باسم "مسؤولية الحماية".

ورغم أن مبدأ مساعدة الآخرين الذين يمرون بمحنة ما هو مبدأ جيد، فإن الاتجاه السائد هو ظهور تلك المساعدة في شكل تدخل عسكري، وذلك قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى تفاقم العنف والأذى. نحتاج إلى بدائل لهذه الأساليب، ونحتاج إلى التركيز على الحلول السياسية وليس العسكرية.

فيصل علي: اخترت أن تنهي عملك بنظرة على كيف ساعدت الصداقة بين شابين في التعامل مع الاعتقالات، والتهديد بالمراقبة، والاختطاف، وربما احتمال القتل. هناك أيضاً شيء من الفكاهة في هذا القسم. لم مهم إظهار هذا الجانب من الأمور؟

سمر البلوشي: الخطابات حول "التطرف" في كينيا تلحقها تهمةٌ جندرية وإثنيّة، بتركيزها بشكل أساس على الشباب المسلمين الرجال. يوجد افتراض مفاده أن حياة الشباب المسلمين الرجال تحكمها في المقام الأول المصالح السياسية أو الاقتصادية التي تتشكل في المجال العام. هذا ببساطة غير صحيح، وأعتقد أنه من المهم للباحثين تحدي هذا الافتراض من خلال استكشاف فضاء الصداقة. فالصداقة، فضلاً عن تقديمها الدعم العاطفي والتوجيه، توفر مساحة للتأمل والفكاهة وتعزيز الثقة وبناء الذات. من خلال وضع الصداقة في مركز تحليلي، كان أملي هو تحدي التمثلات السائدة التي تعيد إنتاج السرديات الاختزاليّة حول الشباب المسلمين الرجال. ومن خلال تسليط الضوء على أهمية النكات والفكاهة، أُظهر كيف استطاع الشباب الرجال هضم تجاربهم التي طبعتها المراقبة والتجريم، وكيف أعادوا تعريف أنفسهم بيننا هم يتطلعون إلى مستقبل مغايرٍ.