تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الأحد 20 أبريل 2025

  • facebook
  • x
  • tiktok
  • instagram
  • linkedin
سياسة

جيسكا في عامه الأول

17 مارس, 2025
الصورة
geeska cover
Share

تمر هذا الأسبوع الذكرى الأولى المتجددة لانطلاقة موقع جيسكا؛ نشر الموقع خلال سنة واحدة من عمره أكثر من 1170 مادة. أنتجهم كتاب أفارقة أو مهتمون بشؤون أفريقيا، باللغات؛ العربية والإنجليزية والصومالية. لم نكن نتوقع تحقيق هذه الأرقام خلال عام عند الانطلاقة. فقد كانت الفكرة الأساسية بسيطة: مساحة نضع فيها الأفكار والتعليقات عن الشأن السياسي، ليس فقط كصحفيين بل كمهتمين يدفعهم حس الانتماء نحو قراءة المشهد، وتملّك صوته، سعيا نحو تقديم سردية أفريقية مغايرة عن تنميط قضايا القارة وإشكالاتها، وفق المنظور الأوروبي- الغربي، أو حتى وفق الرؤى التابعة له.

كانت المصادر -ولا تزال شحيحة عن منطقة القرن الأفريقي، لذلك قررنا أن نساهم في صنعها. وكان الهم الأول هو تلبية الطموح الواسع الذي يحدونا؛ تقديم قراءة مختلفة بعيون محلية لما يحدث في المنطقة، بعيدًا عن التوصيفات الجاهزة والقوالب المألوفة في الصحافة السائدة عن أوضاع المنطقة.

أحد التحديات الأساسية في تكوين منصة بثلاث لغات هي إيجاد هذه الأرضية، من نوعية الخبراء والكتاب والصحافيين المختصين في المنطقة. حاولنا تفعيل الترجمة البينية، بعد عام من تجريب الفكرة، ونجاح جوانب منها ببراعة، إلا أن الأمر لم يخلو من عثرات تظل قيد الدرس والمراجعة. كما قد يلاحظ متصفح الموقع بلغاته الثلاثة، وجدنا ضرورة تفرض نفسها بتوجه كل قسم منه إلى جمهور محدد، حول نفس المواضيع، ما يفرض علينا التدخل في المادة لملائمة هذا القسم أو ذاك، سواء بالعنوان فقط، وفي بعض الأحيان استبعاد المادة من الأقسام الأخرى؛ مع ما يتطلب ذلك من صعوبات جمة، في بعض الأحيان، في إقناع الكتاب بالتدخل في نصوصهم لإعادتها بلغة جديدة، وكانت مختبرا لجماليات الترجمة وارتحالها.

خطت جيسكا طريقها لتصبح منصة مستقلة بنوافذ ثلاث لغات متمايزة، كل لديها حساسيتها الجمالية واللغوية، لكن بمضمون موحد، ما صيّرها مصدرا موثوقا، تقتبس منه مؤسسات أكاديمية مرموقة، بما فيها بعض الجامعات الأمريكية ومؤسسات بحثية ذات وزن تكتب عن المنطقة. وعزّز هذا التأثير توجه المنصة لتناول قضايا فكرية وتاريخية تعيد النظر في السرد السائد، وتدفع بالتالي لجدل عميق ربما يقود إلى التخلص من هيمنة المناظير المعرفة التي تُنتج من فوق.

رافقت الموقع منذ انطلاقة، أصوات مشجعة ومثيرة للاهتمام، كما واجهته في المقابل أمواج عاتية وتحديات حقيقية، ليس أولها أننا في منطقة منشطرة تسودها الانقسامات، في أشكالها الأكثر احترابًا، أملنا أن تواصل هذه الأصوات طرح الأسئلة الصعبة، مستثمرة هوامش النقاش الذي توسّع بالفعل، فالمنصة - حتى الآن - ملتقى لأكثر من 300 كاتبة وكاتبة، من أجيال وخلفيات ثقافية وسياسية بالغة التنوع والثراء يجمعهم جدية الطرح والتناول.

يرتفع سقف التوقعات، وما تفرضه ذائقة جمهور الموقع، التي لامست حدودًا جديدة للمنصة ومحتواها، وتتوارد الأسئلة في مصفوفة جوهرها السؤال عن حدود وإمكانيات المساهمة في إعادة تشكيل المشهد الثقافي والسياسي. الإجابة القطعية صعبة، لكن المنصة نجحت في كسر جدار الصمت، ونجحت أيضا في رفع السقف لدى كل من يفكر في تناول القرن الأفريقي بجدية، واجترحت آفاقا جديدة في التفكير خارج الصندوق عند مقاربة قضاياه، في قطيعة تامة لخطابات التبخيس والإحباط، وتحدي لردود الأفعال العدائية والرقابية.

كما مثلت الرؤية المنفتحة للمنصة على شتى الآراء والتوجهات القائمة على قراءة منضبطة، بغض النظر عن مدى الاتفاق أو الاختلاف معها، نافذة جديدة، نأمل أن تكتسب يومًا بعد يوم، مزيدًا من ثقة القارئ والمتخصص في التراكم المعرفي الذي تسعى المنصة لتحقيقه.

تشكر المنصة كل الذين صاروا جزءًا من مهمتها الصعبة، لكن غير المستحيلة بالنسبة لأولئك الذين آمنو بالفكرة، وبذلوا قصارى جهدهم من أجلها.

ونتطلع معًا خلال هذا العام، لإطلاق محاور فكرية جديدة، تتيح لأصحاب الخبرة تقديم رؤاهم عبر ملفات متخصصة. كما تطمح إلى توسيع دوائر التأثير، ليس فقط بالزيادة في المواد المنشورة، وإنما أيضا بتطوير محتوى أكثر شمولية، وتنويع أشكال وقوالب الطرح الصحافي الثقافي على شكل بودكاست ومرئيات وفعاليات ثقافية تواكب التطورات في المتابعة والانتشار لمحتوى الموقع.

السنة الأولى؛ هي البداية فقط.