تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

السبت 8 نوفمبر 2025

  • facebook
  • x
  • tiktok
  • instagram
  • linkedin
  • youtube
  • whatsapp
راهن

جيبوتي: إلغاء حدّ السن للرئاسة يمهّد لترشّح غيله لولاية سادسة

26 أكتوبر, 2025
الصورة
جيبوتي: إلغاء حدّ السن للرئاسة يمهّد لترشّح غيله لولاية سادسة
Share

صوّت البرلمان الجيبوتي، يوم الأحد، على تعديل دستوري يلغِي شرط السنّ الأقصى للمرشحين إلى رئاسة الجمهورية، في خطوة تمهّد قانونيًا أمام الرئيس إسماعيل عمر غيله، البالغ 77 عامًا، لخوض انتخابات أبريل/نيسان 2026. وجاء التصويت بأغلبية أعضائه، ما أنهى القيد الذي كان يمنع من تجاوزوا 75 عامًا من الترشح لمنصب الرئيس، وهو القيد الذي أُدخل عام 2010 بالتوازي مع إلغاء تحديد عدد الولايات.

وبحسب الصيغة المعتمدة داخل الجمعية الوطنية، قدّم مؤيدو التعديل حججًا من قبيل "توسيع حقّ الاختيار للناخبين" و"عدم تقييد الإرادة الشعبية بمعايير عمرية"، فيما لم تُسجَّل معارضة تُذكر داخل القاعة. غير أنّ توقيت التعديل، قبل نحو ستة أشهر من الانتخابات القادمة، أثار انتقادات قوى مدنية ومعارضة رأت أنّ "تفصيل القواعد على أعتاب الاستحقاق" يخلّ بتكافؤ الفرص ويعزّز "أفضلية الشاغل" في نظام سياسي تُمسك فيه السلطة التنفيذية بمفاصل الإدارة والإعلام العمومي.

على مدى ربع قرن، رسّخ غيله حضورًا انتخابيًا متواصلًا منذ عام 1999، إذ أُعيد انتخابه أعوام 2005 و2011 و2016 و2021. ويستند خطاب الرئاسة إلى سردية «الاستقرار» و«جذب الاستثمار» بوصفهما ثمرة موقع البلاد الاستراتيجي عند مدخل البحر الأحمر واحتضانها قواعد لقوى دولية، فيما تتّهم المعارضة ومنظمات حقوقية الحكومة بتقييد المجال العام وتقليص هامش التنافس الحقيقي. وجاء التعديل الحالي تتويجًا لمسار برلماني بدأ بدعوة إلى جلسة استثنائية لمناقشة مراجعات دستورية شملت شروط الأهلية، وسط توقعات مبكرة بأن يُفتح الباب أمام ترشّح الرئيس لولاية جديدة.

أهمية بند السنّ تنبع من أنه كان العائق القانوني الوحيد أمام ترشّح غيله مجددًا. فبعد إلغاء سقف عدد الولايات في 2010، بقيت عتبة الـ75 عامًا هي القاعدة الحاكمة لشروط الترشّح. ومع بلوغ الرئيس السابعة والسبعين، كان يتعيّن تعديل النص حتى يصبح الترشّح ممكنًا. ومع أنّ غيله تجنّب، في مقابلة صحفية خلال مايو/أيار الماضي، الإجابة الحاسمة عمّا إذا كان سيخوض السباق، فإنّ كثيرين قرؤوا تحفّظه بوصفه انتظارًا لمعالجة القيد الدستوري قبل إعلان الموقف النهائي.

اقتصاديًا وجيوسياسيًا، تراهن الحكومة على استمرار تدفقات الاستثمار في المرافئ واللوجستيات والطاقة، وتقديم جيبوتي بوصفها ممرًا تجاريًا وعسكريًا حيويًا. لكن مراقبين يحذّرون من أنّ صورة «الاستقرار الجاذب» قد تتأثّر سلبًا إذا جرت انتخابات مفصلية في بيئة تفتقر إلى ضمانات التنافس المتوازن. فالمؤسسات المانحة والمستثمرون باتوا يدقّقون على نحو متزايد في مؤشرات الحوكمة والشفافية، ويربطون التمويل ببيئة سياسية قابلة للتنبؤ ويُعتدّ فيها بقواعد اللعبة.

من زاوية الإجراءات، تبرز مجموعة شروط يعتبرها خبراء وانتقادات المعارضة معيارًا لقياس النزاهة، مثل استقلال فعلي لهيئة تنظيم الانتخابات بسلطات رقابية وعقابية؛ سجلّ ناخبين مُحدَّث ومتاح للتدقيق العام؛ تكافؤ وصول المرشحين إلى الإعلام العمومي والمنصات الرسمية؛ فصل صارم بين موارد الدولة والحملات؛ اعتماد واسع لمراقبين محلّيين ودوليين؛ ونشر فوري ومفصّل لنتائج كل مركز اقتراع. من دون هذه الضمانات، سيُقرأ التعديل بوصفه خطوة تمنح المعسكر الحاكم أفضلية تنظيمية وقانونية أكثر من كونه «توسيعًا لحقّ الاختيار» كما تقول الصيغة الرسمية.

سياسيًا، تتجه الأنظار إلى القصر الرئاسي لمعرفة موعد وحجم إعلان الترشيح المحتمل. إعلان مبكر قد يمنح الفريق الحاكم زمام المبادرة في التنظيم والتمويل، لكنه يحمل كلفة سياسية إذا لم يترافق مع رسائل تهدئة داخلية وإشارات انفتاح نحو منافسين جادّين. في المقابل، تواجه المعارضة، الموزّعة تاريخيًا بين أطر صغيرة ومتباعدة، تحديًا مضاعفًا لحشد قاعدة تتجاوز المدن الكبرى إلى الأقاليم، وتقديم برنامج واقعي ينافس خطاب «الاستمرارية».

في المحصّلة، يعيد إلغاء حدّ السنّ رسم قواعد انتخابات 2026 على نحو يمنح الرئيس القائم أفضلية قانونية وتنظيمية واضحة، ويُميل الملعب لصالح معسكر الحكم. فـ«الاتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية» يهيمن على البرلمان وأذرع الإدارة، فيما تعاني المعارضة، المجزأة تنظيميًا، من ضعف الوصول المتكافئ إلى الإعلام العمومي ومن تضييقٍ مستمر. لذلك تبدو الاستحقاقات المقبلة، في تقدير شريحة واسعة من الداخل وشركاء الخارج، أقرب إلى إدارة استمرارية سياسية منها إلى منافسة فعلية على التفويض.