تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الاثنين 23 يونيو 2025

  • facebook
  • x
  • tiktok
  • instagram
  • linkedin
حوارات

"حين تتعلّم الفتاة، تتغيّر الأمة".. نداء من قلب غرب أفريقيا

20 مايو, 2025
الصورة
نفيسة ديوب
Share

أطلق صندوق الأمم المتحدة للسكان، في ديسمبر/كانون الأول 2024، المرحلة الجديدة من مشروع تمكين نساء الساحل والعائد الديموغرافي (SWEDD)، الذي مكّن خلال العقد الماضي أكثر من مليوني فتاة في أفريقيا جنوب الصحراء. هذا المشروع الجديد، المسمى "SWEDD+" (تمكين نساء أفريقيا جنوب الصحراء والعائد الديموغرافي بلس)، والممول من البنك الدولي بميزانية قدرها 365 مليون دولار، يهدف إلى تعزيز التعليم والصحة الإنجابية والفرص الاقتصادية للفتيات. 

سيتم تنفيذ المشروع مبدئيًا في خمس دول: بوركينا فاسو وتشاد وغامبيا والسنغال وتوغو، إضافة إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ((ECOWAS في هذه المقابلة الحصرية، تشارك نفيسة ديوب، مديرة مشروع "SWEDD" في المكتب الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان في السنغال، رؤاها حول ضرورة زيادة الاستثمارات في تعليم الفتيات وتمكين النساء.

أروكاينو أوموكورو: هل يمكن أن تقدّمي لنا لمحة عامة عن مشروع "SWEDD+"؟

نفيسة ديوب: تم إنشاء مشروع "SWEDD" (تمكين نساء الساحل والعائد الديموغرافي) سنة 2013 بمبادرة من ستة رؤساء دول أفريقية، بعدما أدركوا أن معدلات الخصوبة في أفريقيا مرتفعة للغاية، وأن القارة تشهد تزايدًا سكانيًا شابًا في ظل معدلات بطالة مرتفعة، وتحديات في مجالي التعليم والرعاية الصحية. ومن أبرز هذه التحديات أن عددًا كبيرًا من الفتيات كنّ يتزوجن قبل سن 18 عامًا. فعند بلوغهن الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة سنة، يمكن أن تبدأ في الإنجاب، مما يرفع من معدل الخصوبة لديها، ويؤدي ذلك بدوره إلى ارتفاع في وفيات الأمهات، حيث تموت الكثيرات أثناء الولادة.

أما الفتيات غير الملتحقات بالمدارس، فقد حرص المشروع على تزويدهن بالتعليم المجتمعي غير النظامي، إضافة إلى تمكينهن من الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، بما يمنحهن القوة والقدرة على مقاومة العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك الزواج المبكر. هذه كانت الأسس التي انطلق منها مشروع "SWEDD".

أما "SWEDD+"، فهو بداية مرحلة جديدة تمتد لعشر سنوات، تهدف إلى توسيع أثر المشروع من خلال تمكين عدد أكبر من الفتيات من الوصول إلى التعليم، والخدمات الصحية الأساسية والإنجابية، والفرص الاقتصادية، بما يسرّع من وتيرة تمكينهن، ويعزز التقدم نحو تحقيق المساواة بين الجنسين في المنطقة.

ما يميز "SWEDD+" عن المرحلتين السابقتين، هو التركيز المتزايد على قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك زواج الأطفال، وتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، إضافة إلى مواجهة التغير المناخي والأزمات الإنسانية الناتجة عن انعدام الأمن والتمرد في بعض المناطق.

لقد أثبتت التجربة أن الجمع بين التعليم والصحة والفرص الاقتصادية – بدل التعامل مع كل منها على حدة – يحقق نتائج أكبر. نهدف إلى تفكيك الأعراف الاجتماعية السلبية التي تعيق تمكين النساء والفتيات، ليتسنى لهن تحقيق إمكاناتهن الكاملة. فالرؤية الشاملة لمشروع "SWEDD" تقوم على نهج متعدد القطاعات يعالج الأسباب الجذرية لعدم المساواة بين الجنسين، ويؤمّن التعليم والتمكين للفتيات كي يسهمن فيما نسميه بالعائد الديموغرافي. وإذا لم ننجح في هذا، فإن النمو الاقتصادي والازدهار في أفريقيا سيكونان مهددين. حوالي 50٪ من سكان أفريقيا من الإناث، وإذا تُركت هذه الفئة خلف الركب، فلن نحقق النمو الاقتصادي المنشود.

أوموكورو: ما أبرز آثار مشروع "SWEDD" خلال السنوات الماضية؟

ديوب: خلال السنوات العشر الماضية، نفذ مشروع "SWEDD" تدخلات كان لها أثر ملموس على حياة الفتيات المراهقات والنساء والمجتمعات. على سبيل المثال، قمنا بإنشاء أكثر من 8,000 مساحة آمنة للنساء والفتيات عبر تسع دول. كما دعم المشروع حوالي مليون فتاة لمواصلة تعليمهن من خلال تقديم منح دراسية ووجبات غذائية ومواصلات، وغيرها من التدخلات، مما ساعد على كسر دوائر الزواج المبكر في بعض الحالات.

كذلك، وفّر المشروع فرصًا اقتصادية لأكثر من 150,000 امرأة شابة. كما تمكّنا من تأمين خدمات تنظيم الأسرة الحديثة لأكثر من مليون مستخدمة جديدة لوسائل منع الحمل، بدعم من أزواجهن، وقد بدأن بتأجيل الحمل التالي بشكل طوعي وواعٍ.
تُظهر استطلاعاتنا أننا نحقق تقدمًا واضحًا من خلال الاستثمار في هذه الفئة الشابة من الفتيات والنساء، مما يعزز العائد على الاستثمار، وتحسن المؤشرات المرتبطة بالعائد الديموغرافي.

أوموكورو: ما رؤيتك لمستقبل الفتاة في أفريقيا؟

ديوب: مع زيادة فرص التعليم، فإن المستقبل واعد ومشرق. أجرينا مؤخرًا دراسة في ست دول، وركزنا على الفتيات اللواتي استفدن من تدخلات المشروع قبل نحو ست أو سبع سنوات، فوجدنا أن حياتهن، وحياة أسرهن ومجتمعاتهن قد تحسنت بشكل ملحوظ. يكفي أن يتلقى فرد أو اثنان في مجتمع محلي أو قرية ما عددًا من التدخلات، حتى ينعكس ذلك على المحيط بأكمله. 

نقوم حاليًا بإجراء رسم خرائط لتحديد الفرص الاقتصادية المتاحة للفتيات، بما في ذلك التعليم والتكوين المهني وغير ذلك. كما لاحظنا أن الفتيات أصبحن أكثر مقاومة للأعراف الاجتماعية السلبية، مثل زواج القاصرات. وأصبحن أكثر جرأة في مواجهة العنف القائم على النوع الاجتماعي والختان، وغيرها من الممارسات الضارة. أيضًا، أصبحن يعتمدن وسائل تنظيم الأسرة، ويساهمن اقتصاديًا بشكل أكبر لدعم أنفسهن وأسرهن من خلال ريادة الأعمال ووسائل أخرى. وكما هو معروف، حين تملك المرأة المال، فهي لا تحتفظ به لنفسها، بل تصرفه على أسرتها وأطفالها والجميع من حولها.

أوموكورو: ما الذي ينبغي على الحكومات الأفريقية أن تفعله من أجل الفتاة؟

ديوب: ينبغي على الحكومات الأفريقية أن تستثمر أكثر في تعليم الفتاة. وأود أن أوضح هنا أن المقصود ليس فقط التعليم النظامي للفتيات داخل المدارس، بل أيضًا التعليم غير النظامي للفتيات اللواتي لم يلتحقن بالمدارس أو انقطعن عنها. لا يمكننا ترك هؤلاء خلف الركب، فهن أكثر عرضة للهشاشة والتهميش.

نحن بحاجة إلى اهتمام خاص بهذه الفئة من الفتيات غير المتمدرسات. فالتعليم بمختلف أنواعه هو المفتاح. كما ينبغي أن تشمل الاستثمارات مجالات الصحة، والخدمات الصحية الإنجابية والجنسية. فنحن نتحدث عن «حزمة متكاملة من التدخلات والفرص الاقتصادية»، وهذه الحزمة أثبتت نجاعتها. تشمل هذه الحزمة:

  • التعليم النظامي وغير النظامي.

  • تعليم المهارات الحياتية.

  • التثقيف في الحقوق الإنسانية.

  • خدمات الصحة الإنجابية والأمومة والولادة.

  • خدمات التخطيط الأسري.

  • الفرص الاقتصادية.

كل هذه الجوانب ينبغي دمجها ضمن رؤية شاملة، تضمن إحداث تأثير إيجابي على مستقبل أفريقيا وازدهارها.

أوموكورو: هل هذه زيارتك الأولى إلى نيجيريا؟

ديوب: لا، هذه هي زيارتي الثانية. في المرة الأولى، مكثت لمدة خمسة أيام، أما هذه المرة فقد أمضيت حوالي عشرة أيام.

أوموكورو: ما أكثر ما أعجبك في نيجيريا؟

ديوب: أستمتع كثيرًا بالطعام النيجيري. أحب «حساء الإيغوسي». أما الأمر الثاني الذي يعجبني كثيرًا، حتى قبل زياراتي لنيجيريا، فهو الموسيقى. أحب الموسيقى النيجيرية، التقليدية منها والحديثة. أعتقد أن النيجيريين أبدعوا في تطوير فن الأفروبيت.

أوموكورو: من هم فنانوك المفضلين في نيجيريا؟

ديوب: أحب موسيقى "فيلا كوتي" و"كينغ سوني أدي"، فقد نشأت وأنا أستمع إليهما عندما كنت فتاة صغيرة. أما من الجيل الجديد، فيعجبني "ريما" و"دافيدو" و"بي سكوير"، وهناك العديد من الفنانين الرائعين. لكن فنانتي المفضلة هي «ييـمي ألادي». نحن نلقبها بـ"ملكة أفريقيا"، لأنها تمثل المرأة الأفريقية القوية، وتُجسّد صورة أفريقيا بكل فخر.

أوموكورو: هل شعرتِ بصدمـة ثقافية عند زيارتك الأولى؟

ديوب: ليس كثيرًا، لأننا، في غرب أفريقيا، نتشارك العديد من القواسم الثقافية. لكن هناك بعض الاختلافات الطفيفة في أنماط التعبير والتواصل. على سبيل المثال، أحببت كثيرًا طريقة التحية في نيجيريا، والتي تتسم بالاحترام الشديد، مثل: "صباح الخير يا سيدتي، كيف حالكِ يا سيدتي"، وقد سمعتها في المطار ومنذ لحظة الوصول. هذا أسلوب أقدّره كثيرًا... وأتمنى أن أزور نيجيريا مرة أخرى، ولكن هذه المرة في عطلة خالية من العمل، لأتفاعل أكثر مع الناس المحليين.

أوموكورو: بعيدًا عن حساء الإيغوسي، ما الأطعمة النيجيرية الأخرى التي جربتها؟

ديوب: تناولت "جولوف رايس". ومن المثير أن نعرف أننا في السنغال لدينا طبق جولوف أيضًا. لذلك كنت فضولية لأعرف من هو النيجيري الذي ذهب إلى السنغال وعاد بنسخة مُعدّلة من "جولوف رايس" (ضاحكة).

كما زرت غانا سابقًا، وهناك دائمًا ذلك الجدل حول من لديه أفضل جولوف رايس: نيجيريا أم غانا؟ لكنني دائمًا أقول لهم: في النهاية، السنغال لديها أفضل جولوف رايس!

المقال منشور هنا