تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الاثنين 24 مارس 2025

  • facebook
  • x
  • tiktok
  • instagram
  • linkedin
سياسة

هل يؤثر سدّ النهضة على النشاط الزلزالي في إثيوبيا؟

6 يناير, 2025
الصورة
geeska cover
Share

تشهد إثيوبيا العديد من الزلازل والهزات الأرضية بالتزامن مع الإعلان عن انتهاء اكتمال بناء سدّ النهضة، مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2023. سجلت البلاد نحو 34 هزة أرضية منذ بداية شهر يناير/ كانون الثاني، حتى منتصف اليوم الخامس منه، وبلغ إجمالي الهزات المُسجلة على مدار الثلاثين يومًا الماضية نحو 78 هزة أرضية، بلغت أقصاها 5,7 درجة على مقياس ريختر.
دفع هذا بخبراء إلى الحديث عن احتمالات وجود تأثير لسدّ النهضة، نظرًا لسعة خزانه الهائلة، والتي تبلغ ما بين 71 – 74 مليار متر مكعب كحد أقصى، وبحسب تصريحات حكومية بلغ حجم التخزين الفعلي نحو 62,5 مليار متر مكعب، أي ما يساوي في الوزن نحو 62.5 مليار طن. يعزز هؤلاء افتراضاتهم بعاملين؛ الأول مرور الأخدود الأفريقي العظيم في وسط إثيوبيا، ما يجعلها منطقة نشطة من حيث الزلازل وثورات البراكين، والثاني وجود ارتباط بين تسرب المياه من بحيرة سدّ النهضة وازدياد حركة الألواح التكتونية بفعل انسيابية الماء.
على النقيض من افتراضات الخبراء، تكشف بيانات النشاط الزلزالي في إثيوبيا خلال العقود الماضية أنّ كثرة وتتابع الزلازل لا يعد حدثًا جديدًا، فقد شهد عام 2005 وحده نحو 171 هزة أرضية، في حين بدأ العمل في بناء سدّ النهضة في عام 2011.


 

سجل زلازل اثيوبيا

تكشف بيانات الهزات الأرضية المُسجلة في إثيوبيا منذ عام 1961 أنّ 2005 يعتبر الأكثر من حيث العدد حتى الآن، بواقع 171 هزة أرضية، يليه 2024 بواقع 58 هزة أرضية، ثم 2012 بواقع 43 هزة أرضية. كما أنّه خلال الأعوام من 2012 إلى 2023 لم يتجاوز مجموع الهزات المسجلة نحو 34 هزة، في حين سجل عام 2011 وحده نحو 43 هزة أرضية.

 

سجل زلال اثيوبيا

 

بشأن تتابع الهزات وتعددها في فترة زمنية قصيرة، يظهر من البيانات تسجيل نحو 164 هزة أرضية في شهر سبتمبر/ أيلول 2005، كان نصيب يومي 24 و25 أكثر من النصف، وبالتالي فلا يعتبر موضوع تتابع الهزات الأرضية، أو حتى تسجيل رقم كبير خلال وقت قصير، بغريب عن النشاط الزلزالي في إثيوبيا.
سجلت البلاد في الرابع من يناير/ كانون الثاني هزة أرضية بقوة 5,7 درجة على مقياس ريختر، على بعد 56 كلم من مدينة أبسوما في إقليم أمهرا، وتعتبر الأقوى منذ عقود. وسُجلت بالقرب من أبسوما نحو 10 هزات أرضية تفوق قوتها أربع درجات، ونحو 60 هزة أرضية بداية من قوة 1,5 درجة خلال الأيام السبعة الماضية، التي تعتبر الأكثر تسجيلًا للهزات الأرضية على مدار 365 يومًا. سُجل أقوى الزلازل عام 1906، بقوة 6,5 على مقياس ريختر، في إقليم أوروميا، يليه زلزال عام 1938 في إقليم عفار، بقوة 6,4 درجة.


سجل زلازل اثيوبيا

كما شهدت إثيوبيا نحو 78 هزة أرضية فوق قوة خمس درجات على مقياس ريختر، وتصدر عاما 1989 و2005 بعدد 14 هزة أرضية. وقعت معظم الهزات في المكان نفسه، بحسب البيانات التي تعود إلى العام 1961، حول الأخدود الأفريقي، في أقاليم أوروميا وأمهرا وعفار، وبالقرب من الحدود مع جيبوتي وإريتريا، ضمن المنطقة النشطة زلزاليًا في شمال شرق القرن الأفريقي.

 


 

يرتبط النشاط الزلزالي في إثيوبيا، حسب الخريطة، بمنطقة صدع شرق أفريقيا، حيث تبتعد ثلاث صفائح عن بعضها البعض، وهي الصفيحة العربية وجزأين من الصفيحة الأفريقية (الصفيحة النوبية والصفيحة الصومالية). 
لا يقع سدّ النهضة بالقرب من مراكز النشاط الزلزالي التي تعود إلى 50 مليون عام مضت، فهو يبعد عنها 560 كلم، ولم يشهد إقليم بني شنقول – جوموز الذي يقع السدّ في أراضيه سوى عدد قليل من الهزات الأرضية مقارنةً ببقية أقاليم البلاد، وأحدثها هزة بقوة 4.4 على مقياس ريختر، في عام 2023. بالإضافة إلى هذا، أخذت الشركات التي صممت ونفذت بناء السدّ الطبيعية الجيولوجية لإثيوبيا في الاعتبار، ويتمتع السدّ كغيره من المنشآت العملاقة بعوامل الأمان، التي تأخذ بعين الاعتبار المخاطر الطبيعية المحتملة، وخاصة النشاط الزلزالي لإثيوبيا.
من زاوية أخرى، تسببت الهزات الأرضية في دمار أكثر من 30 منزلًا في إقليم عفار، بحسب مصادر محلية، وقال السكان إن العديد من المباني من بينها مدارس تضررت، بفعل الهزات التي تشهدها المنطقة منذ أيلول/ سبتمبر الماضي. وأجْلت لجنة إدارة مخاطر الكوارث أكثر من 20 ألفاً إلى مناطق أكثر أمانًا في عفار وأوروميا، من إجمالي أزيد من 51 ألفًا في مناطق معرضة للخطر. كما توجد مؤشرات على احتمال ثوران بركان في جبل دوفان في منطقة عفار، الذي يقع في إحدى المناطق التي تأثرت بنشاط الزلازل الأخيرة.
تمت علاقة وطيدة بين البراكين والزلازل، فأحدهما قد يسبب الآخر، حيث يمكن أن يكون سبب الزلزال تحرك الكتل والحمم الملتهبة في باطن الأرض، وضغطها على الأجزاء الضعيفة في القشرة الأرضية، كما قد يكون الزلزال سببًا للبركان في حالة الاهتزاز الشديد الذي قد يسبب تهيج الحمم البركانية والحمم في باطن الأرض. 
وقد تحدث الزلازل قبل البركان أو أثناء حدوثه أو بعد ثورانه؛ فخروج المواد المنصهرة من باطن الأرض نحو سطحها يترتب عليه هزات زلزالية، كما أنه بعد ثوران البركان تحدث هزات زلزالية، لأن الطبقات الباطنية التي خرجت منها المصهورات البركانية تتحرك لأحداث التوازن فتحدث الهزات الزلزالية.
استنادًا إلى ما سبق، لا يمكن الحديث عن صلة بين سدّ النهضة والنشاط الزلزالي في إثيوبيا، دون إجراء دراسات وأبحاث معمقة، وهو ما تحدث عنه الباحث في وكالة ناسا عصام حجي، الذي وصف ربط النشاط الزلزالي بسدّ النهضة أو الحديث عن احتمالات انهيار السدّ بأنّها "تهويل".