تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الاثنين 17 مارس 2025

  • facebook
  • x
  • tiktok
  • instagram
  • linkedin
سياسة

هل بدأ أفول نجم داعش في الصومال حقا؟

4 مارس, 2025
الصورة
Geeska cover
Share

"كيف دخل تنظيم داعش جبال "علمسكاد"؟ ومتى بدأت القصة؟ وماذا عن الوجود التنظيم في المستقبل، في ظل الصراع الدائر حاليا بين تنظيم داعش وبين حكومة بونتلاند في سلسلة جبال "علمسكاد"؟
في قلب الصومال، وتحديدًا في سلسلة جبال "علمسكاد" الوعرة ببونتلاند، تدور رحى صراع محموم بين قوات حكومة بونتلاند وتنظيم داعش. فكيف بدأت قصة هذا التنظيم في الصومال؟ وما هي العوامل التي ساهمت في انتشاره؟ والأهم من ذلك، ما هو مستقبل وجوده في ظل هذه المواجهات الشرسة؟

بداية القصة.. المال والسلاح والعشائر

بدأ ظهور تنظيم داعش في الصومال بانشقاق مجموعة صغيرة من حركة الشباب، في أكتوبر/تشرين الأول 2015، بقيادة عبد القادر مؤمن، الذي استغل الفراغ الأمني وعدم الاستقرار في المنطقة، لتأسيس فرع لتنظيم داعش، معلنًا ولاءه للتنظيم الأم في العراق وسوريا. اتخذ التنظيم من سلسلة جبال "علمسكاد" في بونتلاند معقلًا له، نظرًا لطبيعتها الوعرة وصعوبة الوصول إليها. فقد وفرت هذه الجبال ملاذًا آمنًا للمقاتلين ومخازن للأسلحة، مما ساعد التنظيم على ترسيخ وجوده في المنطقة.
لم تكن وعورة التضاريس العامل الوحيد الذي ساعد داعش على التمدد، بل استغل التنظيم ضعف السلطة المركزية والفراغ الأمني في بونتلاند لتجنيد المقاتلين، وتشكيل شبكات دعم. كما تلقى دعمًا ماليًا من مصادر خارجية، واستفاد من شبكات تهريب الأسلحة المرتبطة بالقاعدة في اليمن. 
لعبت الروابط العشائرية دورًا محوريًا في دعم التنظيم، حيث ينتمي معظم قادته إلى عشيرة علي سليمان ودشيشي. واستغل التنظيم هذه الروابط لتجنيد المقاتلين، وتأمين الدعم اللوجستي. 


اتخذ التنظيم من سلسلة جبال "علمسكاد" في بونتلاند معقلًا له، نظرًا لطبيعتها الوعرة وصعوبة الوصول إليها. فقد وفرت هذه الجبال ملاذًا آمنًا للمقاتلين ومخازن للأسلحة، مما ساعد التنظيم على ترسيخ وجوده في المنطقة


أما شبكات تجارة الأسلحة، فكانت شريان حياة للتنظيم، حيث اعتمد على شبكة واسعة من التجار الذين يقومون بتهريب الأسلحة من اليمن إلى بونتلاند، مما مكنه من تنفيذ عملياته العسكرية. فوفقا لبيان وزارة الخزانة الأمريكية، يعتمد تنظيم داعش في الصومال على شبكة واسعة من تجار الأسلحة الذين يقومون بتهريب الأسلحة من اليمن إلى بونتلاند.
وبحسب المراقبين تضم هذه الشبكة أفرادا من قبائل مختلفة، بما في ذلك علي سليمان ودشيشي. وكان يقوم هؤلاء التجار بتوفير الأسلحة والذخائر والمتفجرات للتنظيم، مما يمكنه من تنفيذ عملياته العسكرية.

مستقبل التنظيم: أفول نجم

يواجه تنظيم داعش تحديات جمة، حيث يخوض صراعًا متزايدًا مع حكومة بونتلاند، ويتلقى ضربات جوية أمريكية إماراتية موجعة. وقد شنت حكومة بونتلاند عدة عمليات عسكرية ضد التنظيم في جبال "علمسكاد"، وتمكنت من التقدم إلى معاقله بعد معارك طاحنة.
يرى المحللون أن نجم داعش قد بدأ بالأفول في بونتلاند، خاصة بعد سقوط معقليه "تسجيع" و"شيباب"، وتقدم قوات بونتلاند نحو معقله الأخير في "علمسكاد". وفي تصريحات حصرية لقناة "غيلن ميديا" كشف- آدم عبد حاشي-  قائد قوات الدفاع في بونتلاند عن تطورات ميدانية حاسمة، مؤكدًا أن سقوط معاقل تنظيم الشباب، يمثل مؤشرًا قويًا على أن تنظيم داعش يلفظ أنفاسه الأخيرة في المنطقة. 

 


أكد القائد العام لقوات الدفاع أن المسافة المتبقية للوصول إلى آخر معاقل التنظيم في كل من قرى "ديسات"، وأفعدو"طادان" لا تتعدى 60 كلم فقط. وهذا التقدم السريع يضع تنظيم داعش على شفا الهاوية، ويهدد بإنهاء وجوده في شرق الصومال

وفي تصريح إعلامي آخر، أعلن القائد الميداني البارز الجنرال، يوسف يولح، عن تحقيق انتصار كبير على مقاتلين من 32 دولة حول العالم، من بينهم عناصر من المغرب وسوريا والسعودية وإثيوبيا ومالي والسودان. وتم القضاء على أكثر من 300 مقاتل. وأكد يولح على عدم وجود قتلى صوماليين في صفوف العدو، مشيراً إلى أن التحديات الجغرافية للمنطقة، بما في ذلك وجود تحصينات طبيعية يستغلها العدو، لم تثنِ القوات عن التقدم. وأضاف أن القوات أصبحت على مشارف المعقل الرئيسي للتنظيم، متوقعاً القضاء عليه تماماً.


هذا وحققت قوات بونتلاند تقدمًا ملحوظًا في السيطرة على مناطق كانت خاضعة لتنظيم داعش، وخاصة في سلسلة جبال "علمسكاد" الوعرة، التي تشمل مواقع استراتيجية، مثل: تسجيع وغاتر وأودن وشيباب. وقد نجحت القوات في السيطرة على مساحة تقدر بـ 300 كلم، مما يشير إلى تراجع كبير في نفوذ التنظيم. 
كما أكد القائد العام لقوات الدفاع أن المسافة المتبقية للوصول إلى آخر معاقل التنظيم في كل من قرى "ديسات"، وأفعدو"طادان" لا تتعدى 60 كلم فقط. وهذا التقدم السريع يضع تنظيم داعش على شفا الهاوية، ويهدد بإنهاء وجوده في شرق الصومال بشكل كامل. 

وثائق سرية وخطة "مثلث الموت"

حسب تصريح لقائد قوات الدفاع، نجحت قوات بونتلاند في اقتحام ثاني أكبر معقل لتنظيم داعش، والذي شهد مصرع أحد قادته البارزين، عبد الله التونسي. ولم يكن هذا الاقتحام مجرد نصر عسكري، بل كان بمثابة كنز معلوماتي ثمين، حيث عثرت القوات على وثائق مكتوبة وأجهزة كمبيوتر تكشف عن خطة متكاملة كان التنظيم يجهز لتنفيذها. 
وثائق لا تقدر بثمن، فهي تكشف عن نوايا التنظيم الخفية واستراتيجياته المستقبلية، حيث كشفت معلومات تفصيلية عن حقيقة تنظيم داعش وهيكله التنظيمي وموارده. كما كشفت عن حجم ترسانة التنظيم ونوعية الأسلحة التي يمتلكها، مما يقدم صورة واضحة عن قدراته الحقيقية. وتدل هذه الوثائق دليلًا قاطعًا على الهزيمة التي مني بها التنظيم. فتركهم لهذه الوثائق السرية يدل على حالة الارتباك واليأس التي انتابتهم أثناء الهروب.
في سياق متصل، يحذر ضابط في قوات الأمن في بونتلاند، رفض الكشف عن اسم في حديث لموقع "جيسكا"، من احتمال لجوء داعش إلى خطة "مثلث الموت" التي نفذها في سوريا والعراق، والتي تتمثل في التمركز في مناطق وعرة، وزرع الألغام واستهداف القوات. ويرجح أن التنظيم قد يلجأ إلى هذه الخطة في قرية "طادان" والمناطق الوعرة المحيطة بها. ومع ذلك، يؤكد قادة الجيش أن لديهم خطة محكمة لفهم أسرار الحرب وتداعيات البيئة المضطربة، وأنهم عازمون على إنهاء وجود داعش في شرق الصومال بشكل نهائي.

السيناريو المتوقع... هل تتكرر تجربة الفلبين وتركيا في بونتلاند؟

يرى عبد النور إفتن، الخبير في شؤون الشرق الأوسط والجماعات المتطرفة، في تحليل مثير أن بونتلاند على أعتاب تحقيق نصر حاسم في معركتها ضد داعش. هذا الانتصار، بحسب رؤيته، سيضع نهاية لقصة داعش في المنطقة، على غرار ما حدث في الفلبين وتركيا. 


من جهته، يرى محمد يوسف، أستاذ كلية الدراسات الأمنية بجامعة فرونتير، في حديثه لموقع "جيسكا" أن تجربة التحالف الدولي في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في العراق وسوريا كان لها تأثير إيجابي على جهود مكافحة التنظيم في الصومال، وساهمت تلك التجربة في دحر قوة التنظيم في مناطق، مثل جبال "علمسكاد". 


النجاح الذي حققه التحالف الدولي في تقويض قوة تنظيم الدولة في العراق وسوريا، قد وفر دروسًا قيمة للقوات الأمنية في مناطق أخرى تواجه التنظيم، ويؤكد أن الدراسات الأمنية التي حللت أساليب التنظيم


كما أن الدراسات الأمنية التي تناولت تكتيكات التنظيم، وخاصة في مجال زراعة الألغام، ساعدت القوات الأمنية في بونتلاند على فهم أساليب العدو. وأدى ذلك إلى تفتيت قوة التنظيم بشكل أسرع في شرق الصومال. 
يشير محمد يوسف إلى أن النجاح الذي حققه التحالف الدولي في تقويض قوة تنظيم الدولة في العراق وسوريا، قد وفر دروسًا قيمة للقوات الأمنية في مناطق أخرى تواجه التنظيم، ويؤكد أن الدراسات الأمنية التي حللت أساليب التنظيم، خاصة فيما يتعلق بزراعة الألغام، كانت مفيدة للغاية للقوات الأمنية في بونتلاند. وأنتج هذا فهما ساعد القوات الأمنية على اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة التنظيم، مما أدى إلى تفتيت قوته بسرعة.
يتوقع نتيجة للتعاون الوثيق بين حكومة بونتلاند وشركائها الدوليين، والدعم الشعبي الكبير، أن يتم القضاء على وجود تنظيم داعش في جبال علميسكاد بمحافظة باري في القادم من الأيام.