تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الثلاثاء 11 نوفمبر 2025

  • facebook
  • x
  • tiktok
  • instagram
  • linkedin
  • youtube
  • whatsapp
تحليلات

دولةُ الظلّ لحركة الشباب: لماذا تَكْسَبُ الحركةُ شرعيةً متنامية؟

3 أكتوبر, 2025
الصورة
دولةُ الظلّ لحركة الشباب: لماذا تَكْسَبُ الحركةُ شرعيةً متنامية؟
Share

في أسواق مقديشو، يُطالَب أصحابُ الأعمال بدفع الضريبة مرتين؛ مرّةً للحكومة الاتحادية المعترف بها دوليًا، ومرّةً أخرى لحركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي يعدّها معظمُ دول العالم تنظيمًا إرهابيًا. ورغم أن العاصمة خاضعةٌ اسميًا لسلطة الحكومة، فإن جبايةَ حركة الشباب أكثرُ كفاءةً، حتى إن كثيرًا من التجار يفضّلون التعاملَ مع مقاتليها.

يقول مديرُ منظمةٍ غير حكومية مقرّه مقديشو، عمل طويلًا في الأرياف الصومالية، طالبًا عدم ذكر اسمه ليتمكّن من الحديث بحرية: "نظام الضرائب لدى حركة الشباب متوقَّع وشفّاف. المبالغُ محدّدةٌ سلفًا، ويمكنك حتى الطعنُ في قراراتهم أمام محاكمهم. وعلى الحواجز في الطرق الريفية يمنحونك إيصالاتٍ تُجنّبك الازدواج الضريبي".

يقارن المسؤولُ ذاته ذلك بنقاط تفتيش الحكومة "حيث تدفع عمليًا رشوةً متغيّرةً للمرور. تُحشَر الأموالُ في جيوب الجُباة، ما يعني أنك ستُجبى من جديد عند الحاجز التالي". رأي يؤكّده بحثٌ أكاديمي تناول «سياسات نقاط التفتيش» في جنوب الصومال.

يتجاوز نفوذُ الحركة معاقلَها الريفية بكثير؛ فهي تدير مباشرةً قرابةَ ربعِ مراكز المديريات في البلاد، وتتقاسم إدارةَ معظم المناطق التي تُعَدّ -اسمًا- تحت سيطرة الحكومة الاتحادية خارج إقليم بونتلاند شبهِ الذاتي وجمهورية صوماليلاند المعلَنة من طرف واحد. وتُظهر دراساتٌ حديثةٌ صادرةٌ عن مؤسساتٍ مستقلة -مثل «معهد هيرال»، و«سايفرورلد»، و«مجموعة الأزمات الدولية»- أن الصوماليين يرون حَوْكَمةَ الحركة أكثرَ كفاءةً مقارنةً بالنظامٍ الاتحاديٍّ الذي ينخره الفساد.

هذه الحقيقةُ المزعجة -أن تنظيمًا مُصنَّفًا إرهابيًا يتفوّق على الحكومة الصومالية في أبسط وظائف الإدارة- تتقاطع كذلك مع خبرتي حين عملتُ نائبًا لمدير «المنظمة الدولية لسلامة المنظمات غير الحكومية» (INSO) في الصومال بين 2016 و2018، ومع بحوثٍ ميدانيةٍ موسّعة أجريتُها لدرجة الدكتوراه بين 2019 و2022.

لماذا تنجح حَوْكَمةُ حركة الشباب؟

شيّدت الحركةُ نجاحَها الإداري على منظومةٍ شاملةٍ تتجاوز السيطرةَ العسكرية البحتة. تُظهر مقاربتُها كيف يمكن للإدارة الفعّالة أن تنشأ من فهمٍ دقيقٍ للاحتياجات المحلية، وتنفيذِ سياساتٍ ثابتة. وهي تُكرِّر هيكلياتِ حكم مفصّلةً من مستوى القرى إلى المستوى «الوطني»، مع هَرَمياتٍ واضحة وآلياتِ مساءلةٍ منسّقة.

في صُلب جاذبيتها يَقَع نظامُ العدالة لديها. فقد حازت محاكمُ الحركة -حتى في نظر منتقديها- تقديرًا لقدرتها على إصدار أحكامٍ سريعةٍ حاسمة تُنفَّذ فعلًا في أراضيها. وعلى خلاف المحاكم الاتحادية، حيث قد تتعطّل القضايا لسنوات، وتُحسمُ بالوساطات أو الرشاوى، يعمل قضاةُ الحركة وفق جداولَ تدويرٍ صارمة، وتُخفى هويتُهم القَبَلية لضمان الحياد. ويُرسِّخ مصداقيةَ النظام غيابُ الإفلات من العقاب: حتى كبارُ المنتسبين للحركة يُحاكَمون أمام محاكمها إن اتُّهِموا بتجاوزات.

يمثّل "الأمن" ركيزةً أخرى في نموذج الحوكمة هذا؛ ففي مناطق نفوذهم نَدَرَت الجريمةُ والعنفُ بين العشائر. وتحتكر الحركةُ احتكارًا كاملًا استخدامَ العنف، حتى إن حيازةَ سلاحٍ غير مسجّل تُعدّ مخالفةً معاقَبًا عليها. وهذا "العائدُ الأمني" -مع أنه يتخذ في المناطق الحكومية صورةَ "حمايةٍ" مفروضة- يُتيح للنشاط الاقتصادي اليومي أن يزدهر، ويُمكّن السكان من العيش بسلامٍ ما داموا يقبلون لوائح الحركة الصارمة. كما أن حظرَ الحركة لمنبّهاتٍ شائعة مثل: القات والتبغ -رغم تذمّر المستخدمين- يحظى بتقديرٍ لدى كثيرٍ من النساء القَلِقات من النزف المالي الذي تُحدثه في ميزانيات الأسر.

أما سياساتُها الاقتصادية فتشي بفهمٍ متقدّم للتحدّيات البنيوية في الصومال. تشجّع الحركةُ على الاعتماد على الذات، وتفضّل استهلاكَ الأغذية المحلية على الواردات مثل الأرزّ والمعكرونة، وتنظرُ بعين الريبة إلى الأطعمة المصنّعة والمشروبات الغازية المليئة "بالمواد الكيميائية" بوصفها منتجاتٍ أجنبيةً غيرَ صحية. كما تنظّم صادراتِ "المحاصيل النقدية" كي لا يقوِّض الإنتاجُ الموجَّهُ للتصدير الأسواقَ المحلية. وسجّلَت بعضُ المديريات تحت سيطرتها نموًا أسرع من مناطقَ مجاورةٍ بيد الحكومة.

يتجاوز نفوذُ الحركة معاقلَها الريفية بكثير؛ فهي تدير مباشرةً قرابةَ ربعِ مراكز المديريات في البلاد، وتتقاسم إدارةَ معظم المناطق التي تُعَدّ -اسمًا- تحت سيطرة الحكومة الاتحادية خارج إقليم بونتلاند شبهِ الذاتي وجمهورية صوماليلاند

تُعدّ "حمايةُ البيئة" إحدى مفاجآت هذا النموذج؛ إذ أقرّت الحركةُ لوائحَ بيئيةً شاملة -منها حظرُ قطع الأشجار، وإنتاج الفحم النباتي، واستعمال الأكياس البلاستيكية. ورغم سخرية مراقبين دوليين في البداية، فإن هذه السياسات تُعالج تدهورًا بيئيًا خطيرًا في بلدٍ يعاني إزالةَ غاباتٍ وأزمةً إيكولوجية. وفي اتفاقاتٍ حديثة مع عشائر محلية، جعلت الحركةُ حمايةَ البيئة شرطًا للسماح باستمرار الإدارة العُرفية، بما يُظهر كيف تُدْمِجُ "الحفظَ البيئي" في مشروعها السياسي الأوسع.

بهذا كلّه، تُنشئ الحركةُ "حلقةَ شرعيةٍ تتعزّزُ ذاتيًا": خدماتٌ فعّالة تُراكم القبولَ المجتمعي، فيُتيح ذلك إدارةً أكثر تطوّرًا، فتُمكّن سياساتٍ أكثر طموحًا. والنتيجةُ منظومةُ حكمٍ -رغم رفضها المعاييرَ الليبرالية الديمقراطية- تُلَبّي كثيرًا من الاحتياجات العملية التي عجزت الحكومةُ المدعومةُ دوليًا عن تلبيتها.

المعضلةُ الإنسانية

طوّرت حركةُ الشباب قدراتٍ إنسانيةً ملحوظة تعمل بمعزلٍ عن منظومات المعونة الدولية. ففي مجاعة 2011-2012 التي حصدت رُبعَ مليون إنسان، منعَت الحركةُ كثيرين من الوصول إلى المساعدات الدولية، ما أثار سخطًا واسعًا وأضعف شعبيتها. ومنذئذٍ حسّنت قدراتِها على إيصال العون، ممولةً أساسًا من الزكاة التي تجبيها محليًا، ومسنودةً بجمعياتٍ إسلاميةٍ خليجية.

أثناء جفاف 2017 الذي هدّد بظروفِ مجاعةٍ شاملة، لم تُسجَّل وفيّاتُ جوعٍ في مناطق سيطرة الحركة، في دلالةٍ على أن توزيعَهم كان فعّالًا لا مجرّد دعاية. ومع ذلك، تبقى تدخلاتُها الإنسانيةُ والإنمائيةُ أقلَّ كثيرًا من الحاجات، وغالبًا ما تُمارَس بإكراهٍ (إلزامُ السكان بالعمل)، وقد يُقصَر الوصولُ إلى الماء والغذاء على القادرين على الدفع أو المستعدين للخضوع لسلطتها. لذا يميل صوماليون ومراقبون دوليون إلى عدِّ هذه الجهود أداةَ دعاية. لكنها، في الوقت نفسه، تعكس نقدَ الحركة لاعتماد البلاد على المعونة؛ إذ يجادل مسؤولوها بأن "المعونةَ الغذائية الغربية" تُعطّل الأسواق المحلية وتُثبِّط الإنتاج الزراعي الصومالي.

بالنسبة للمنظمات الإنسانية، يطرح هذا النموذج معضلةً مركّبة. فالحركةُ تُحكم قبضتَها على العمل الإغاثي في مناطقها، وتُصرّ على أن تشتري المنظماتُ الغذاء من المزارعين الصوماليين بدل استيراد فوائض زراعية غربية، وإن لم يتوافر غذاءٌ محلي فليُستورد عبر تجارٍ محليين. وتزعم أن "المعونة المجانية تُكسِلُ الصوماليين"، وتَشُكّ في أن المساعدة الإنسانية "خطةٌ غربية" لتعميق تبعية المجتمع.

كما أن حيادَ المنظمات غير الحكومية موضعُ تساؤلٍ فعلًا؛ فكثيرًا ما يوجّه المانحون الغربيون المساعدات بهدف زيادة قبول الحكومة الاتحادية وسط السكان -وهو ما يُسمّى "الاستقرار"- في المناطق التي حُرِّرت حديثًا من الحركة أو المتنازع عليها. ويُقدَّمُ الوصولُ إلى التعليم والصحة والإغاثة الغذائية وغيرها من الخدمات الأساسية -الموفَّرة عبر هذه المنظمات- بوصفه "ميزةً" للعيش تحت حكم الحكومة الاتحادية.

النتيجةُ منظومةُ حكمٍ -رغم رفضها المعاييرَ الليبرالية الديمقراطية- تُلَبّي كثيرًا من الاحتياجات العملية التي عجزت الحكومةُ المدعومةُ دوليًا عن تلبيتها

وهناك معضلةٌ عمليةٌ إضافية: الحركةُ تُلزِمُ الهيئاتَ الإغاثية بإعادة التسجيل، وتقديمِ السير الذاتية للموظفين، وتقاريرِ الأنشطة والجرد، ودفعِ رسومٍ إدارية. وغالبًا ما تتعارض هذه المتطلبات مع مبادئ الحياد وعدم التسييس لدى المنظمات نفسها، كما تصطدم بقوانين تمويل مكافحة الإرهاب التي تحظر التعاملات مع كياناتٍ مُصنَّفة إرهابية. والنتيجةُ أن معظم المنظمات الدولية تتجنّب مناطقَ الحركة -على الرغم من أنها تضمّ أعدادًا كبيرةً من المحتاجين، وتتمتّع غالبًا بمزيدٍ من الأمن والانضباط التنفيذي.

تحدّي العشيرة

ربما كان أبرزَ ما حققته الحركةُ إدارتَها للبنية الاجتماعية الصومالية القائمة على العشيرة. فمنذ ما قبل قيام الدولة وبعد الاستقلال عام 1960، هيمنت الهويةُ العشائرية على السياسة وأسهمت في انهيار الدولة سنة 1991 وعَرقلت جهودَ إعادة البناء لاحقًا. وقد وضعت الحركةُ "الشريعة" فوق "القانون العُرفي" الصومالي (xeer) لأول مرةٍ في التاريخ الصومالي الحديث، ما مثّل تحوّلًا جذريًا من "المسؤولية الجمعية للعشيرة" إلى "المساءلة الفردية" -وهو تغييرٌ يرى حتى منتقدوها أنه قد يكون تحويليًا.

تستميل الحركةُ الشيوخَ التقليديين أو تعيّنهم وتُدوّرهم، وتُنظّمهم على أساسٍ جغرافيٍّ لا نسَبي، فتُضعِف الروابطَ بين المجتمعات المحلية والعائلات العشائرية الكبرى، وتقوّي الصلاتِ بين عشائرَ مختلفةٍ داخل المنطقة الواحدة. يقول حسين شيخ علي -المديرُ السابق لمركز التفكير «هيرال»: "بهذا المعنى تُعدّ حركةُ الشباب قوّةً «تحديثية»، إذ تُعرِّض الصوماليين لحُكم «سيادة القانون». نحن نواجه مجتمعًا ما قبل-حديث؛ معظمُ الناس لم يتعاملوا قط مع قوانين حديثة، ولا شعروا أصلًا بأنهم محكومون".

شرعيةٌ بلا شعبية

على الرغم من هذا النجاح الإداري الظاهر، تواجه الحركةُ مفارقةً أساسية: "شرعيةٌ بلا شعبية". فالصوماليون قد يعترفون بكفاءة إدارتها ويوافقون -إلى حدٍّ ما- على أُطُرها الأيديولوجية، لكن غالبيةً لا ترغب في العيش تحت حكمها. تنال الحركةُ تأييدًا بسبب نزعتها "الوطنية" ورغبتها في تحرير البلاد من النفوذ الأجنبي المتغوِّل -سواء كان غربيًا أو تركيًا أو إماراتيًا أو إثيوبيًا أو كينيًا- وبديلِها القائم على "الاكتفاء الذاتي". وفي المقابل، "لا ولاءَ للحكومة الاتحادية لأنها تفتقر إلى برنامجٍ واضحٍ أو أيديولوجيا -على خلاف حركة الشباب"، كما يوضح عبد الرحمن عبد الشكور ورسمة، زعيمُ حزب «ودجر» المعارض.

يعترف ممثّلون عن منظماتٍ إنسانيةٍ وإنمائيةٍ بأن الحركةَ قد تكون «شريكًا» أكثر فاعليةً من الحكومة الاتحادية لتحقيق الأمن الغذائي، وإنشاء مرافق صحية، والتخفيف من آثار تغيّر المناخ، وتحسين البنية التحتية

لكنّ التشددَ الفقهي للحركة، ونزعتها «التكفيرية» (الاعتقاد بأن تفسيرها وحده صحيحٌ وأن سائر المسلمين «غير مؤمنين»)، وحصصَ التجنيد القسري المفروضة على المجتمعات، والقيودَ على التعليم -لا سيما تعليم الفتيات- وتحكّمَها بالمعلومات والإنترنت، فضلًا عن هجماتها العشوائية في مناطق الحكومة؛ كلّ ذلك يُولّد سخطًا واسعًا. والأهمّ أن الصوماليين يدركون أن حكمَ الحركة سيعزلهم عن المجتمع الدولي، ويقطع فرصَ السفر والتعليم والتنمية، وهو هَمٌّ يشتدّ لدى النخب والمستفيدين من المعونة الخارجية.

ومع هذا، تُظهر بعض الدراسات أن غالبيةَ الصوماليين -مع رفضهم مزاعمَ الحركة «الدينية» وتكتيكاتِها العنيفة- لا يرفضون مشاركتَها السياسية في المجتمع؛ إذ يعتقد معظمُهم أن الحلَّ المستدام يمرّ عبر «التفاوض» لا استمرار المواجهة العسكرية.

دلالاتٌ على السياسة الدولية

تطرح هذه الخلاصات أسئلةً محرِجة على مقاربة المجتمع الدولي للصومال. فكثيرٌ من أهداف بناء الدولة -ترسيخ سيادة القانون، تقليص الفساد، تجاوز "السياسة العشائرية"، وتعزيز المسؤولية الفردية- يُحقّقه "إرهابيون"، فيما تظلّ وتيرةُ تقدّم الحكومة الاتحادية في هذه المجالات بطيئةً مُنهِكة. فـ"سيادة القانون" الاتحادية تكاد تكون "على الورق"، وتُوزَّع المناصبُ التشريعية والتنفيذية على أساس عشائري بدل الانتخابات والاستحقاق، ويُقْتَسَمُ قدرٌ كبير -إن لم يكن معظم- المعونةِ الدولية أو يُخصَّص وفق الخطوط العشائرية ذاتها.

التواصلُ مع حركة الشباب ينطوي على مخاطر إضفاء الشرعية على تنظيمٍ مُصنَّف إرهابيًا، وربما مخالفةِ قوانين مكافحة الإرهاب. لكن تجاهُل واقع سيطرتها الإدارية يكرّس نظامًا موازيًا قد يثبت، في المحصلة، أطولَ عمرًا من الحكومة الاتحادية المدعومة دوليًا.

لقد أثبتت الاستراتيجيةُ الراهنة -التي تتعامل مع الحركة بوصفها «تنظيمًا إرهابيًا» ينبغي القضاءُ عليه عسكريًا- قصورَها طيلة ما يقرب من عقدين. فالحركةُ صمدت أمام ضغطٍ مستمرٍّ من قوات الاتحاد الأفريقي، وقواتِ الحكومة الصومالية، وضرباتِ الطائرات المسيّرة الأميركية؛ وظلّت تتكيّف وتحافظ على قبضتها على معظم السكان في وسط البلاد وجنوبها. أما الهجماتُ الأخيرةُ التي شنّتها حكومةُ حسن شيخ محمود -رغم نجاحاتها الأولى- فقد خَبَا زخمُها مع إعادة الحركة بسطَ سيطرتها على مناطق «محرّرة»، وبقيت المجتمعاتُ المحلية متشكّكةً في قدرة الحكومة على البقاء، محافظةً على صِلاتها بالحركة على أي حال.

هكذا تتجدّد المعضلةُ لصانعي السياسات والفاعلين الإنسانيين: فالتواصلُ مع الحركة يهدّد بشرعنة تنظيمٍ مُصنَّفٍ إرهابيًا، وقد يخرقُ القوانين، بينما يُطيل تجاهُلُ واقع سيطرتها عمرَ النظام الموازي الذي قد يغلب الحكومةَ الاتحادية في الديمومة.

وفي الأحاديث الخاصة، يعترف ممثّلون عن منظماتٍ إنسانيةٍ وإنمائيةٍ بأن الحركةَ قد تكون «شريكًا» أكثر فاعليةً من الحكومة الاتحادية لتحقيق الأمن الغذائي، وإنشاء مرافق صحية، والتخفيف من آثار تغيّر المناخ، وتحسين البنية التحتية. غير أن ذلك يستلزم «شطبَ» حركة الشباب من قوائم الإرهاب، وفكَّ الارتباط بين الأهداف السياسية -المتمثّلة في إقامة ديمقراطيةٍ ليبرالية- وبين الأهداف التنموية والإنسانية الرامية إلى تحسين شروط حياة السكّان في الصومال.