الأحد 9 نوفمبر 2025
في تحرك جديد لإحياء المسار السياسي بشأن السودان، تستعد بعثة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا لاستضافة اجتماعات تمتد ما بين 6 و10 أكتوبر/تشرين الأول، تجمع نحو خمسين ممثلاً عن قوى المجتمع المدني والأحزاب السودانية، في محاولة لإعادة "زمام المبادرة" إلى الأطراف المدنية بعد أشهر من تعثر المساعي الدولية. يأتي الاجتماع في مقر الاتحاد الأفريقي، مع رهان متزايد من المنظمة القارية على ائتلافات مدنية قادرة على بلورة مخرج من الأزمة.
تتزامن هذه الخطوة مع مسار وساطة تقوده الولايات المتحدة بصورة شبه منفردة منذ فترة، فيما يراهن الاتحاد الأفريقي وشركاؤه على أن إشراك الطيف المدني بصورة أوسع سيمنح أي تفاهمات سياسية مصداقية داخلية، ويحدّ من منطق التسويات بين القوى المسلحة فقط. وقد رحّبت مؤسسات أفريقية، بينها الاتحاد الأفريقي و"إيغاد"، بمخرجات "الرباعي" (مصر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة) الداعي إلى هدنة إنسانية، تعقبها مفاوضات لانتقال مدني، ما يعكس محاولة تنسيق بين المسارات القائمة.
مع ذلك، أبدت قوى سياسية ومدنية سودانية تحفظات على آليات الحوار المرتقب لدى الاتحاد الأفريقي خلال اجتماع تمهيدي عُقد في 22 سبتمبر/أيلول بأديس أبابا؛ إذ طالبت هذه القوى بضمانات لإدارة عملية شاملة وشفافة، وبمزيد من الوضوح حول جدول الأعمال ومعايير المشاركة.
على الضفة الأخرى، اشترطت كتل مدنية وسياسية متحالفة مع الجيش مشاركتها في حوار أكتوبر/تشرين الأول باستبعاد "تحالف التأسيس" المحسوب على قوات الدعم السريع، ملوّحة بمقاطعة أي مسار يحضره هذا الائتلاف الذي لا يحظى –بحسب بيانها– باعتراف من مجلس الأمن أو مجلس السلم والأمن الأفريقي أو جامعة الدول العربية. هذه المواقف تعكس عمق الانقسام داخل الطيف المدني ذاته، واحتمال انتقال الخلافات إلى قاعة الحوار.
على المستوى القاري، يواصل الاتحاد الأفريقي إبراز أولوية "عملية سودانية شاملة تقودها مدنيون"، مع تكرار الدعوات لوقف دائم لإطلاق النار وحماية المدنيين، وهو ما أكدته بياناته طوال العام الجاري، إلى جانب اجتماعات آلياته الموسعة الخاصة بملف السودان في أديس أبابا. يأتي الانفتاح على منظمات المجتمع المدني – ومنها شبكات نسائية أفريقية – في سياق محاولة توسيع قاعدة الشرعية لأي مسار تفاوضي مقبل.
بينما تتقدّم التحضيرات لاجتماع الأسبوع المقبل في العاصمة الإثيوبية، تبدو فرص نجاح المسار مرهونة بقدرة الاتحاد الأفريقي على طمأنة الأطراف المتحفظة، وضبط معايير المشاركة، وربط أي تفاهمات بالمسارات الدولية القائمة، ولا سيما مبادرة "الرباعي" والاتصالات الأممية. ويُرتقب أن يشكّل إشراك المجتمع المدني اختباراً لمعادلة جديدة تعيد الاعتبار للمدنيين في هندسة التسوية، بعيداً عن منطق اقتسام النفوذ بين القوى العسكرية المتحاربة.