لعلنا لن نكون مخطئين إن قلنا إن هجرة الأدمغة الأفريقية ليست مجرّد حركة بشرية غير ذات أثر، وإنما كانت - في أحد أبرز وجوهها - نتيجةً بنيوية لمسارٍ تاريخي فرضه الاستعمار؛ لقد قامت مشاريع الإدارة الاستعمارية، منذ القرن التاسع عشر، على تفكيك البنى التعليمية المحلية، واستقطاب الفئات الأكثر تأهيلاً نحو…
لعلنا لن نكون مخطئين إن قلنا إن هجرة الأدمغة الأفريقية ليست مجرّد حركة بشرية غير ذات أثر، وإنما كانت - في أحد أبرز وجوهها - نتيجةً بنيوية لمسارٍ تاريخي فرضه الاستعمار؛ لقد قامت مشاريع الإدارة الاستعمارية، منذ القرن التاسع عشر، على تفكيك البنى التعليمية المحلية، واستقطاب الفئات الأكثر تأهيلاً نحو…
لعل الحديث عن التحوّل الرقمي في أفريقيا اليوم، يقودنا للحديث عن تحوّل حضاري عميق يعيد رسم علاقة القارة بذاتها وبالعالم. فالتكنولوجيا نظام رمزي جديد يُعاد عبره إنتاج السلطة والمعرفة، ويُعاد ترتيب الوعي والخيال الجمعي داخل مجتمعاتٍ ما زالت تحمل آثار التاريخ الاستعماري في بنيتها العميقة، وليست مجرد…
لعل الحديث عن التحوّل الرقمي في أفريقيا اليوم، يقودنا للحديث عن تحوّل حضاري عميق يعيد رسم علاقة القارة بذاتها وبالعالم. فالتكنولوجيا نظام رمزي جديد يُعاد عبره إنتاج السلطة والمعرفة، ويُعاد ترتيب الوعي والخيال الجمعي داخل مجتمعاتٍ ما زالت تحمل آثار التاريخ الاستعماري في بنيتها العميقة، وليست مجرد…
تهتز مدينة طنطا هذه الأيام على وقع الاحتفال السنوي بمولد السيد أحمد البدوي، أحد أشهر الأولياء في الذاكرة الروحية المصرية. تتقاطع الطرق المؤدية إلى قلب المدينة كما لو كانت أوعية دموية تضخ الحياة في موسم يتجاوز الطقس الاحتفالي إلى فعل انتماء جماعي متجذر في وجدان الناس. تتزاحم الخيام التي تنصبها الطرق…
تهتز مدينة طنطا هذه الأيام على وقع الاحتفال السنوي بمولد السيد أحمد البدوي، أحد أشهر الأولياء في الذاكرة الروحية المصرية. تتقاطع الطرق المؤدية إلى قلب المدينة كما لو كانت أوعية دموية تضخ الحياة في موسم يتجاوز الطقس الاحتفالي إلى فعل انتماء جماعي متجذر في وجدان الناس. تتزاحم الخيام التي تنصبها الطرق…
اعتمدت مجتمعات أفريقية كثيرة قبل الاستعمار الأوروبي وبعده على الأعراف بوصفها الإطار الناظم للحياة الاجتماعية. لم يكن هذا القانون مدوّنًا أو مقننًا لدى مؤسسات رسمية، بل كان منغرسًا في نسيج الحياة اليومية — في علاقات القرابة، والروايات الشفوية، والطقوس الجماعية. وكان في هذا السياق أقرب إلى منظومة…
اعتمدت مجتمعات أفريقية كثيرة قبل الاستعمار الأوروبي وبعده على الأعراف بوصفها الإطار الناظم للحياة الاجتماعية. لم يكن هذا القانون مدوّنًا أو مقننًا لدى مؤسسات رسمية، بل كان منغرسًا في نسيج الحياة اليومية — في علاقات القرابة، والروايات الشفوية، والطقوس الجماعية. وكان في هذا السياق أقرب إلى منظومة…
حين ألقت القوات الاستعمارية أوزارها وأعلامها من على قصور العواصم الأفريقية خلال ستينيات القرن الماضي، بدا وكأن التحرر قد بلغ كمالا ليس بعده كمال. وبينما كانت الساحات تمور بالحشود مورا، والأناشيد الوطنية ترتفع في الفضاء كأنها تعيد ترتيب العالم على إيقاع جديد؛ كُتبت الدساتير، وأُعلنت الجمهوريات،…
حين ألقت القوات الاستعمارية أوزارها وأعلامها من على قصور العواصم الأفريقية خلال ستينيات القرن الماضي، بدا وكأن التحرر قد بلغ كمالا ليس بعده كمال. وبينما كانت الساحات تمور بالحشود مورا، والأناشيد الوطنية ترتفع في الفضاء كأنها تعيد ترتيب العالم على إيقاع جديد؛ كُتبت الدساتير، وأُعلنت الجمهوريات،…
تخيل أن امرأة في قرية رواندية تختبئ مع طفلها خلف جدار طيني، تسمع وقع الأقدام يقترب، وصوت مذياع يبث نداءً صريحاً: "اقطعوا الأشجار الطويلة". لم تكن تعرف أن هذا الشعار الرمزي يعني قتل جيرانها من التوتسي، ولا أن تلك اللحظة ستتحول إلى علامة فارقة في التاريخ الحديث، حيث انطلقت واحدة من أسرع الإبادات…
تخيل أن امرأة في قرية رواندية تختبئ مع طفلها خلف جدار طيني، تسمع وقع الأقدام يقترب، وصوت مذياع يبث نداءً صريحاً: "اقطعوا الأشجار الطويلة". لم تكن تعرف أن هذا الشعار الرمزي يعني قتل جيرانها من التوتسي، ولا أن تلك اللحظة ستتحول إلى علامة فارقة في التاريخ الحديث، حيث انطلقت واحدة من أسرع الإبادات…
ما كان الشعر الأفريقي الحديث مجرد ترف جمالي، بل كان – منذ النصف الأول من القرن العشرين – صرخةً وجودية وصوتًا للمقاومة، ومجالًا لإعادة صياغة هوية القارة بأسرها. لقد جاء في لحظة تاريخية مفصلية كانت فيها أفريقيا ترزح تحت نير الاستعمار الأوروبي، وتبحث في الوقت ذاته عن سبل استعادة كرامتها، وتحرير وعيها…
ما كان الشعر الأفريقي الحديث مجرد ترف جمالي، بل كان – منذ النصف الأول من القرن العشرين – صرخةً وجودية وصوتًا للمقاومة، ومجالًا لإعادة صياغة هوية القارة بأسرها. لقد جاء في لحظة تاريخية مفصلية كانت فيها أفريقيا ترزح تحت نير الاستعمار الأوروبي، وتبحث في الوقت ذاته عن سبل استعادة كرامتها، وتحرير وعيها…
لنتخيّل أن تقديم كوب ماء لعابر سبيل، أو ذبح شاة لإكرام ضيف غريب، لم يكن يومًا فعلًا استثنائيًا أو مبادرة فردية، بل قاعدة ملزمة تنظّم العلاقات وتؤسس للتوازن بين الأفراد والجماعات. هذا ما عرفته المجتمعات التقليدية في أفريقيا، كما عرفه العربي حسبما ترويه كتب الآداب وتاريخ الشعر الجاهلي: الكرم لم يكن…
لنتخيّل أن تقديم كوب ماء لعابر سبيل، أو ذبح شاة لإكرام ضيف غريب، لم يكن يومًا فعلًا استثنائيًا أو مبادرة فردية، بل قاعدة ملزمة تنظّم العلاقات وتؤسس للتوازن بين الأفراد والجماعات. هذا ما عرفته المجتمعات التقليدية في أفريقيا، كما عرفه العربي حسبما ترويه كتب الآداب وتاريخ الشعر الجاهلي: الكرم لم يكن…
إذا ما استحضرنا نماذج لمدن تاريخية، مثل فاس العتيقة بمآذنها وأزقتها الملتوية التي تفيض بحياة الحرفيين والأسواق، أو مراكش برياضاتها وحدائقها التي تعكس فلسفة معمارية تجعل من الطبيعة جزءًا من نسيج البيت، أو تونس العتيقة ببيوتها ذات الأفنية الداخلية التي تحقق الخصوصية والانفتاح في آن واحد، أو القيروان…
إذا ما استحضرنا نماذج لمدن تاريخية، مثل فاس العتيقة بمآذنها وأزقتها الملتوية التي تفيض بحياة الحرفيين والأسواق، أو مراكش برياضاتها وحدائقها التي تعكس فلسفة معمارية تجعل من الطبيعة جزءًا من نسيج البيت، أو تونس العتيقة ببيوتها ذات الأفنية الداخلية التي تحقق الخصوصية والانفتاح في آن واحد، أو القيروان…
كيف يمكن لمشاريع التنموية المحلية أن تنجح إذا كانت صياغتها بلغة لا يفهمها أصحابها؟ عادة ما تُناقش الخطط والتوجيهات وتُعرض الأرقام والإحصاءات بلغات أجنبية مثل: الفرنسية أو الإنجليزية أو الإيطالية... وغيرها، في قاعات الاجتماعات المكيّفة، بينما يتواصل الناس في حقولهم ومعاملهم وأسواقهم بلغات محلية…
كيف يمكن لمشاريع التنموية المحلية أن تنجح إذا كانت صياغتها بلغة لا يفهمها أصحابها؟ عادة ما تُناقش الخطط والتوجيهات وتُعرض الأرقام والإحصاءات بلغات أجنبية مثل: الفرنسية أو الإنجليزية أو الإيطالية... وغيرها، في قاعات الاجتماعات المكيّفة، بينما يتواصل الناس في حقولهم ومعاملهم وأسواقهم بلغات محلية…