الأربعاء 19 نوفمبر 2025
منذ بداية يونيو/ حزيران 2024، شهدت العاصمة الصومالية مقديشو تصاعدًا ملحوظًا في محاولات الاستيلاء على الأراضي العامة المملوكة للدولة، وسط موجة من الإجراءات المتسارعة التي أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط المحلية، تُعدّ هذه الأراضي موطنًا لآلاف المواطنين الذين استقروا فيها لأسباب متباينة، تراوحت بين البحث عن مأوى والاستقرار الدائم وتلبية احتياجاتهم المعيشية المختلفة، في ظل هذا المشهد، خرجت القوى المعارضة لتؤكد أن عمليات إخلاء الأراضي جرت خارج الأطر القانونية المعتمدة، محذّرة من أن لجوء السلطة القائمة إلى استخدام القوة سيعمّق الأزمة القائمة.
منذ أن تولّى الرئيس الحالي حسن شيخ محمود مقاليد الحكم في البلاد، شهدت قضية الأراضي العامة تحوّلًا ملحوظًا لتصبح إحدى أبرز القضايا المثيرة للجدل نظرًا لما تحمله من أبعاد اقتصادية وسياسية واجتماعية، كما يعكس أسلوب تعامل الحكومة مع هذا الملف بعض الغموض والضبابية، سواء في إدارة الأراضي والآليات المتبعة لإخلائها أو بيعها إذا اقتضت الحاجة، هذا الوضع يثير العديد من التساؤلات بشأن مدى الشفافية والمساءلة، خصوصًا أن هذه الأراضي من المفترض أن تكون ملكًا للدولة، ومخصصة لتنفيذ المشاريع والخدمات العامة.
جهود استعادة وإخلاء الأراضي وأملاك الدولة في مقديشو ليست وليدة اللحظة، بل تعود إلى محاولات الحكومات السابقة التي سعت إلى معالجة هذه القضية المعقدة، إلا أن معظم تلك الجهود باءت بالفشل، ولم تحقق النتائج المرجوة، نتيجة لنقص الجدية في التنفيذ وغياب التخطيط المتكامل والرؤية الشاملة التي تأخذ بعين الاعتبار مختلف أبعاد المشكلة وتأثيراتها.
منذ عام 1990، تعاقبت الحكومات في الصومال، وهي تضع ضمن أولوياتها مسألة استعادة الأراضي والمباني الحكومية التي استحوذ عليها فئات معينة من السكان. ورغم صدور العديد من القرارات الرسمية التي تدعو إلى إخلاء تلك المنشآت، إلا أن معظمها افتقر إلى الجدية والتخطيط الاستراتيجي، ولم يراعِ الأبعاد الإنسانية والاجتماعية للأسر التي اتخذت من تلك المباني مأوى لها. كما أن الظروف التي كانت تمر بها البلاد لم تسمح بتنفيذ هذه القرارات دون وجود بدائل واقعية، ونتيجة لذلك، ظلت هذه القرارات حبرًا على ورق، دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ الفعلي على أرض الواقع.
من خلال هذا الفشل المستمر، يتضح أن المشكلة لا تقتصر على ضعف مؤسسات الدولة وغياب سلطتها، بل يُضاف إلى ذلك الفساد الإداري المتفشّي، وتداخل المصالح الشخصية مع المصالح العامة، كل هذه العوامل جعلت من استعادة أراضي الدولة في مقديشو مهمة صعبة للحكومات السابقة، خاصة مع انشغالها بقضايا أكثر إلحاحًا وأولوية، مثل استعادة الأمن وتعزيز هيبة الدولة في البلاد.
تُعد أملاك الدولة في مقديشو ركيزة أساسية لخدمات الحكومة ومصالحها العامة، ومع بدء مرحلة إعادة بناء الدولة الصومالية، برزت الحاجة الماسة إلى معالجة هذا الملف المعقد الذي يمسّ سيادة الدولة وهيبتها، يُعاني هذا الملف من صعوبات جوهرية في تحديد حجم الأملاك الحقيقية نتيجة لنقص البيانات الدقيقة والمتاحة، مما يزيد من تعقيد إدارتها وتنظيمها.
تُشير التقديرات إلى وجود حوالي مئة منشأة حكومية أو مرفق عام في مقديشو، يستقر فيها آلاف الأسر والمواطنين، وتشمل هذه المنشآت مقرات وزارية، قواعد عسكرية تابعة للجيش وقوات الأمن، إلى جانب مبانٍ كانت مخصصة للسفارات الأجنبية التي أُغلقت بعد انسحاب الدبلوماسيين والأجانب إثر اندلاع الحرب الأهلية.
يتضح أن المشكلة لا تقتصر على ضعف مؤسسات الدولة وغياب سلطتها، بل يُضاف إلى ذلك الفساد الإداري المتفشّي، وتداخل المصالح الشخصية مع المصالح العامة، كل هذه العوامل جعلت من استعادة أراضي الدولة في مقديشو مهمة صعبة للحكومات السابقة
هذا الواقع يعكس تحديات كبيرة في إعادة ضبط ملكية وإدارة الأراضي والممتلكات الحكومية، مما يستدعي جهودًا مكثفة لتنظيمها وضمان استغلالها، بما يخدم استقرار الدولة وتنميتها. من المفترض أن تعالج الحكومة هذه الإشكاليات بشكل إداري وقانوني، إلا أن هذه الأمور لم تُعالج حتى الآن، وقد تفاجأ المتابعون بهذا الأمر، خاصةً مع مطالبات إخلاء الأراضي دون وجود حاجة ملحة للدولة، التي تواجه صعوبة في بناء وتوسيع مقرات الوزارات التي تستخدمها حالياً.
لقد تحوّلت أراضي الدولة في مقديشو إلى أداة سياسية تُستخدم لبناء شبكة من الولاءات بين رجال الأعمال والطبقة الحاكمة، بدلاً من أن تُستثمر في التنمية العامة.
تشير دراسة صادرة عن معهد PeaceRep بعنوان "شراء وبيع الولاء: منطق السوق والتمويل السياسي في الأراضي الصومالية" إلى أن عملية بيع الأراضي العامة – بما في ذلك المقابر العامة والمعسكرات العسكرية السابقة – تجري في مخالفة واضحة للدستور والقوانين الوطنية. ووفقًا للدراسة، تُباع هذه الأراضي لرجال أعمال بعد عمليات إخلاء قسري للسكان الأصليين، وتُوجَّه عائداتها لتمويل الحملة الانتخابية للرئيس حسن شيخ محمود. ويُظهر ذلك تحول الولاء السياسي إلى سلعة تُشترى وتُباع لمن يدفع أكثر، الأمر الذي يثير تساؤلات جادة حول نزاهة المؤسسات الحكومية وقدرتها على صون حقوق المواطنين.
- مقبرة الشرطة الأكاديمية في مقديشو
منتصف عام 2024، كانت مقبرة أكاديمية الشرطة الواقعة في حي "حمر جب جب" بالعاصمة مقديشو أول قضية ظهرت بشكل علني، بعد صدور أوامر من مسؤولين في إقليم بنادر والأجهزة الأمنية الفيدرالية بنقل رفات موتى من المقبرة، مما أثار استياءً واسعًا بين الحكومة والمعارضة والرأي العام، مع انتشار أنباء تفيد بأنه سيتم بناء فندق خمس نجوم ومنتزه على هذه الأراضي، بتمويل من أحد رجال الأعمال الصوماليين.
قوبل إعلان الحكومة برد فعل عنيف من المجتمع، الذي يعتبر المقبرة موقعا مقدسا لا يمكن تعويضه، وطالب الكثير بإعادة النظر في الأمر، مشيرين إلى التأثيرات العاطفية والثقافية. تُعد هذه الحادثة جزءًا من سلسلة عمليات إخلاء قسري لأراضي الدولة في مقديشو، كما أعربت القوى المعارضة وبعض منظمات حقوق الإنسان عن انتقاداتها للعملية، التي اعتبرتها انتهاكًا لحرمة الموتى وحقوق السكان المحليين. لجأت الحكومة إلى الحصول على فتوى دينية لتبرير قرارها بنبش القبور ونقل الرفات، بعد أن أدركت حساسية القضية، لكنها فشلت في إدارة الأزمة. كما لم تنجح الفتوى في تهدئة الجدل، إذ تعاملت الحكومة مع الموضوع كمسألة دينية بحتة، متجاهلة أبعاده السياسية والاجتماعية والإنسانية.
تتسبب هذه العمليات في توترات بين المواطنين والسلطات وتحديات اقتصادية كبيرة للسكان المتضررين، ورغم أن الإخلاءات تهدف رسميًا إلى تنظيم الأراضي والقضاء على العشوائيات
وبررت الحكومة هذا الإجراء بأن هذه الأرض ملك للدولة، ولم يُخصص استخدامها كمقبرة، لذا قررت الحكومة بناء مركز لقيادة القوات البحرية وخفر السواحل في الموقع، وفقًا لما قاله وزير الدفاع في الحكومة الفيدرالية آنذاك، السيد عبد القادر محمد نور.
في نهاية المطاف، اضطر أهالي مقديشو إلى نقل رفات ذويهم إلى أماكن أكثر أمانًا، بعد أن طُلب منهم دفع ما بين 20 و25 دولارًا أمريكيًا للحصول على تصريح رسمي لنبش قبور أقاربهم في المقبرة.
أعرب كلٌّ من شريف شيخ أحمد وحسن علي خيري عن قلقهما من خطة الحكومة لهدم المقبرة ونبش القبور، معتبرين أن القرار يفتقر للمبرر ويصعب معه تحديد هوية المدفونين، أن المدفونين في المقبرة هم مسؤولون وضباط ضحوا بحياتهم من أجل الوطن، داعيًا الحكومة إلى وقف تنفيذ القرار فورًا وتقديم اعتذار رسمي لأسر الضحايا وللشعب الصومالي.
- منطقة "دبدمسك"
تقع منطقة "دبدمسك" في مديرية ودجر، وقد أصبحت مؤخرًا إحدى المناطق التي شملتها عمليات الإخلاء القسري في العاصمة مقديشو، في 8 يوليو/ تموز 2024م، داهمت قوات الشرطة الصومالية المنطقة برفقة عدد من الجرافات، وقامت بهدم منازل يسكنها مدنيون، بشكل عشوائي، بذريعة إزالة المباني غير النظامية المشيدة على أراضٍ حكومية.
وفي مؤتمر صحفي، صرح المتحدث باسم الشرطة، عبد الفتاح آدم حسن، قائلًا: "لقد وجهنا إنذارًا مسبقًا للسكان بمغادرة منطقة دبدمسك، واليوم جاء دورنا لإزالة البنايات غير القانونية". وأضاف أن الهدف من هذه الإجراءات هو تمهيد الأرض لبناء أو تجديد محطة إطفاء، ضمن ما وصفه بـ"الحل الدائم" لمشكلة الحرائق المتكررة في مقديشو، وقد بررت الشرطة هذه العملية بأنها جزء من جهود الحكومة لتنظيم استخدام الأراضي العامة.
- منطقة كالونكا
تلقى سكان منطقة كالونكا أوامر بالإخلاء في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2024، في هذه المنطقة السكنية القديمة التي تعود إلى عهد حكومة المركز، وتعد ملجأ لآلاف الأسرى ممن يشكل الإخلاء القسري تهديدًا كبيرًا لهم، نظرًا لعدم قدرتهم على تحمل تكاليف السكن البديل. مما يزيد من معاناتهم ويعرض استقرار حياتهم المعيشية للخطر، نظمت عشرات العائلات في كالونكا احتجاجًا رفضًا للإخلاء القسري، متوجهين بنداء إلى الرئيس حسن شيخ لمنع إخراجهم من منازلهم.
لجأت الحكومة إلى الحصول على فتوى دينية لتبرير قرارها بنبش القبور ونقل الرفات، بعد أن أدركت حساسية القضية، لكنها فشلت في إدارة الأزمة. كما لم تنجح الفتوى في تهدئة الجدل، إذ تعاملت الحكومة مع الموضوع كمسألة دينية بحتة، متجاهلة أبعاده السياسية والاجتماعية والإنسانية
يُوضح المهندس عبدي علي، الموظف بوزارة الثروة السمكية، أن المنازل الواقعة بالقرب من مطار آدم عدي في مقديشو، والتي تملكها الوزارة، قد بُنيت خلال الفترة ما بين 1977 و1978، بهدف توفير السكن لضباط وخبراء من الاتحاد السوفيتي السابق، الذين كانوا يعملون مستشارين في مشروع تطوير السواحل في ذلك الوقت.
في فبراير/ شباط 2025، أطلق محافظ بنادر وعمدة مقديشو، محمد أحمد أمير، مشروع تحويل منطقة "كالونكا" – التي أُخليت قسرًا – إلى حديقة عامة باسم "الأمة في مقديشو"، ورغم أن المشروع يهدف إلى تحسين البيئة الحضرية وتوسيع المساحات الخضراء، فقد أثار جدلًا سياسيًا حول ملكية الأرض ومدى استفادة السكان المحليين، وسط اتهامات ببيعها لرجال أعمال يمولون المشروع. وتبقى التساؤلات قائمة حول كيفية تحقيق التوازن بين التنمية والمصلحة العامة وضمان عدم استغلال المبادرات الحكومية لأغراض خاصة.
- منطقة "إكس-عرود"
في 22 يناير/كانون الثاني 2024، شهدت منطقة إكس-عرود في مديرية هدن بمقديشو، والتي كانت سابقًا موقعًا للساحة الوطنية للمعارض والفعاليات العامة، حدثًا مهمًا، تمثل في دعوة رئيس مديرية هدن، علي فهلي، سكان المنطقة إلى مغادرتها بسبب خطة لإعادة التطوير، مؤكداً أن القرار نهائي. اتهم النائب عبد الرحمن عبد الشكور الأجهزة الأمنية بتنفيذ عمليات إخلاء قسرية، محملاً الحكومة الفيدرالية مسؤولية حماية المواطنين، وأشار إلى تورط رجل أعمال في شراء هذه الأراضي لتحويلها إلى أحياء سكنية تخدم مصالح خاصة، متسائلاً عن المستفيدين من عملية إعادة التطوير.
احتج مئات السكان في منطقة "إكس-عرود" ضد إخلاء حكومي غير قانوني، معبرين عن رفضهم لبيع الأراضي لرجال أعمال أثرياء. ورفع المحتجون شعارات ضد الحكومة وقرأوا آيات من القرآن الكريم، معربين عن حزنهم لعدم وجود بديل للسكن، طالبوا الحكومة الصومالية وعمدة مقديشو بالتدخل لحل الأزمة، مشيرين إلى أنهم يعيشون في المنطقة منذ عام 1990.
سوق "سيناَي"
في 4 أغسطس/آب 2025، شهد سوق سيناَي في مديرية ورتا بمقديشو إخلاءً قسريًا من قبل السلطات المحلية بمساندة قوات أمنية وجرافات تمهيدًا لهدم السوق وبيع أراضيه. كما اتهم أصحاب محلات تجارًا كبارًا بالاستيلاء على الأراضي، وأطلقوا نداءات استغاثة احتجاجًا على التعدي على حقوقهم ومصدر رزقهم. استنكر ياسين عبد الله محمود، نائب في البرلمان الفيدرالية الاستهداف والإقصاء الممنهج للسكان المحليين، وحذر التجار من الانخداع بصفقات بيع الأراضي، مطالبًا الحكومة بالتدخل الفوري لوقف الانتهاكات وحماية المواطنين.
استمرت قضية الإخلاءات القسرية التي طالت سوق سيناَي خلال الأشهر الأخيرة، حتى تصاعدت إلى اشتباكات مسلحة بين قوات الأمن الحكومية وحرس عدد من قادة المعارضة، من بينهم الرئيس الصومالي الأسبق شريف شيخ أحمد، وقد أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن شخصين.
- سوق "بلاجو عرب"
أقدمت الحكومة الصومالية في7 أغسطس/آب 2025، على هدم سوق بيلاجو-عرب التاريخي في مقديشو، بحجة تنفيذ مشاريع تطويرية في مديرية شيبيس مقديشو، وقد أُغلقت جميع الطرق المؤدية إلى السوق، ومنع الوصول إليه، بينما وقف التجار والمارة مذهولين، يشاهدون كيف تحولت عقود من العمل والرزق والإرث التجاري إلى أنقاض خلال ساعات قليلة، في أعقاب ذلك، نظم العشرات من بائعي السوق احتجاجاً سلمياً، متهمين الحكومة بمحاولة الاستيلاء على الأرض بالقوة، ومعبّرين عن استيائهم من تجاهل السلطات لدعواتهم المتكررة للحوار.
- منطقتان: "ترابونكا وأفريكان فيليج"
شهدت العاصمة مقديشو، في 14 أغسطس 2025، اندلاع اشتباكات مسلحة بين القوات الحكومية وسكان الأراضي المستهدفة، مطالبة إياهم بالإخلاء أثناء تنفيذ قرارات إزالة المنازل، وامتدت المواجهات من محيط "القرية الأفريقية" وصولاً إلى منطقة ترابُنكا، وأسفرت الاشتباكات عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، وسط توتر أمني متصاعد، دفع السلطات إلى تعزيز انتشارها العسكري في المنطقة لضبط الموقف.
تُعد منطقة ترابُنكا أرضًا حكومية كانت تستخدم سابقًا لأغراض عسكرية، لكنها تحولت بعد انهيار الحكومة المركزية إلى مأوى لأسر من العسكريين وعناصر الشرطة مؤخرًا، نفذت السلطات عمليات إخلاء قسري لاستعادة هذه الأراضي، وهو ما اعتبره السكان تهجيرًا فرض عليهم، تسبب في معاناة واسعة وفقدان المأوى، وأظهر فجوة واضحة بين السياسات الحكومية في إدارة الأراضي وحقوق السكان المحليين في السكن والاستقرار.
شملت عمليات الإخلاء القسري مناطق متفرقة من العاصمة مقديشو، مثل: منطقة 'أودوينه' وحي 'سونا كي' ومنطقة 'راديلكا'، في مديريات داينيلي وهودان، تحت ذريعة تنظيم أراضي الدولة والقضاء على العشوائيات المنتشرة في المدينة. ورغم أن هذه الإجراءات تأتي في إطار خطة رسمية لتطوير العاصمة، وتحسين التخطيط العمراني، إلا أنها غالبًا ما تصطدم باحتجاجات السكان المتضررين، الذين يطالبون بضمان حقوقهم وتوفير بدائل سكنية مناسبة.
اتهم رؤساء الصومال السابقون الحكومة الفيدرالية بنهب الأراضي والممتلكات العامة بشكل مخالف للقانون، وطالبوا الرئيس حسن شيخ محمود بإيقاف هذا الانتهاك، وإعادة الأراضي للدولة، واتباع الإجراءات القانونية عند بيعها، محذرين المواطنين ورجال الأعمال من المشاركة في هذه العمليات، وذلك بعد خروج الحكومة ببعض المواطنين قسرًا وبيع أراضيهم، مما أدى إلى اشتباكات وإصابات.
أدانت منصة المجتمع المدني الصومالي (SONSA) بيع الأراضي العامة في مقديشو، محذرة من تأثيره السلبي على الفئات الضعيفة كالنازحين والأسر محدودة الدخل، مشيرة إلى أن هذه الأراضي كانت تُستخدم لخدمات اجتماعية أساسية، وأن البيع أدى إلى تهجير الأسر وتعطيل تعليم الأطفال، كما انتقدت غياب الشفافية في عملية البيع، وما يترتب عليه من تقويض الثقة العامة.
تؤدي عمليات الإخلاء القسري في مقديشو إلى فقدان السكان لمساكنهم ومصادر رزقهم، وتفكك المجتمعات المحلية، وزيادة الضغوط النفسية والاجتماعية، أصبحت مئات العائلات في مقديشو مشردة بعد أن نفّذت الحكومة حملات هدم واسعة طالت الأحياء العشوائية في مختلف أنحاء العاصمة. كما تتسبب هذه العمليات في توترات بين المواطنين والسلطات وتحديات اقتصادية كبيرة للسكان المتضررين، ورغم أن الإخلاءات تهدف رسميًا إلى تنظيم الأراضي والقضاء على العشوائيات.
شهدت مقديشو ارتفاعًا كبيرًا في أسعار إيجار المساكن، خصوصًا في أحياء ذوي الدخل المحدود، بسبب إخلاء أسر من أراضٍ مملوكة للدولة، حيث ارتفع إيجار منازل من الصفائح من 30 إلى 50 دولارًا شهريًا. يعيش السكان في ظروف سكنية صعبة، بما في ذلك اكتظاظ المساكن أو الانتقال لمناطق نائية تفتقر للخدمات، ونزح نحو 142 ألف شخص هذا العام، ويطالب السكان والحكومة بوضع خطة لتوفير سكن مؤقت وتنظيم الأسعار لضمان سكن ملائم وبأسعار معقولة.
تُبرّر الحكومة عمليات الإخلاء بأنها ضرورية لتحسين الأمن وتطوير المدينة على سبيل المثال، أطلقت خطة لإعادة فتح 52 طريقًا مغلقًا في مقديشو بهدف تحسين حركة المرور وتعزيز السيطرة الأمنية إلى تنفيذ رؤية شاملة لتحسين الوضع الحضري والأمني بالعاصمة.