الأربعاء 9 أكتوبر 2024
"لقد سألني بعضهم عن أهمية البحث في هذا الماضي الاستعماري خصوصاً والأمر يبدو أنَّ الحرب قد وضعت نهاية للاستعمار. بل و هناك آخرون يتذكرون باعتزاز ذلك الصومال الناطق بالإيطالية بعد تلك الحرب المُدَمِّرة وذلك عندما يتعلق الأمر بالوضع الحالي في الصومال بسبب مجرمي الحرب، أياً كان من يعتقدون أنهم هم المجرمون. لقد أصبحت الحرب بداية ونهاية التاريخ في خيالنا الجمعي من نواح متعددة" إيمان محمد
تعمل إيمان محمد حالياً كباحثة دكتوراة بقسم التاريخ بجامعة هارفارد. وتدرس في مشروعها للدكتوراة تاريخ العمل في الصومال الإيطالي والطرق التي شكلت بها فئات العمل مفاهيمنا عن روح ما تعنيه أن تكون صومالياً (أو الصومالينيمو).
تغطي اهتمامات إيمان البحثية القانون العرفي الصومالي (xeer)، واستعمار الإيطاليين للصومال وتبعات هذا الاستعمار على الصومال الإيطالي، وكذلك التاريخ الشفهي. وبينما هي منشغلة بأطروحتها المهمة، تكرمت وسمحت إيمان محمد بإجراء مقابلة مع جيسكا لتجيب عن تساؤلات حول عملها و عن ماضي ومستقبل الدراسات الصومالية و كذلك تساؤلات حول كتابة التاريخ الصومالي، وفقدان الذاكرة الاستعمارية وما وراءها، وما يتصل بذلك من تفاصيل. كما تطرق الحوار لقضايا أخرى ذات صلة بتاريخ الصومال وحاضرها. إنني بالنيابة عن جيسكا ممتن لإيمان محمد لمنحنا هذه الفرصة. (لقد نشرنا أيضاً ترجمة صومالية وأخرى عربية لمقالتها الثرية "الصومال الإيطالي، الماضي والحاضر").
عبدالعزيز مهدي: تعملين للحصول على الدكتوراه في التاريخ، وتتخصصين في تاريخ الاستعمار الإيطالي للصومال. ومن الملاحظ أنَّ الأبحاث المنشورة حول هذا الموضوع محدودة، خاصة باللغتين الإنجليزية والصومالية. هل يمكن أن تعطينا المزيد من المعلومات حول مجال اهتمامك وما الذي دفعك إلى اختيار هذا المجال البحثي؟
إيمان محمد: في المرحلة الجامعية كتبت أطروحتي لمرتبة الشرف عن الأحزاب السياسية في الصومال في الأربعينيات من القرن العشرين، وحاولت وقتها تجاوز النموذج الأساسي للمقاوم/المتعاون الذي غالباً ما يضع رابطة الشباب الصومالي والأحزاب السياسية الصومالية الموالية لإيطاليا في مواجهة بعضها البعض. وأثناء البحث في هذا الموضوع أدهشني وصدمني قلة الأبحاث المنشورة حول هذه الأحزاب التي ساهمت في إنهاء الاستعمار في الصومال (كان ذلك قبل نشر كُتُب محمد عيسى ترنجي وعبدي إسماعيل سمتر). وهنا أُقدِّر جدا مساعدة سعيد محمد وأفياري عِلمي اللذان أعطياني تقرير لجنة القوى الأربع لعام 1947. فقدتضمن هذا التقرير جلسات الاستماع والبيانات السياسية للأحزاب، وهو أمر لا يُقدَّر بثمن بالنسبة لأطروحتي. وكنت محظوظة أيضاً لأنني تعلَّمت على يد أساتذة متخصصين في تاريخ أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا؛ فمنهم تعلَّمت عن تاريخ الإمبريالية البريطانية وكذلك الفرنسية. ولكن ما أذهلني أثناء كتابتي لأطروحتي هو النقص الهائل في العمل التاريخي الأكاديمي حول الاستعمار الإيطالي للصومال. لقد كنت أحاول الكتابة عن إنهاء الاستعمار، لكن كيف يمكنك فهم تلك العملية دون معلومات كافية عن ماهية الاستعمار وكيف أثر على المُسْتَعْمَرين؟ كيف يتيسر ذلك علماً بأنَّه منذ عام 1966 لم تكن هناك دراسة واحدة عن أي جانب من جوانب الاستعمار الإيطالي في الصومال؟ لذا فقد أصبح هذا أحد دوافعي للحصول الدكتوراه في التاريخ. ولذلك تركز أطروحتي للدكتوراة على تاريخ العمل في الصومال الإيطالي، والطرق التي شكلت بها فئات العمل مفاهيمنا عن الصومالالينيمو، أو روح ما يعنيه أن تكون صومالياً. تتتبَّع أطروحتي هذا التاريخ من خلال حياة ما بعد العبودية، وأنظمة العمل بعد التحرر، وكذلك علم العِرق الاستعماري.
عبدالعزيز مهدي: هل يُمكنكِ كمؤرخة تقديم ملخص لنمو وتطور مجال دراسة تاريخ الصومال؟ وأين يقف حالياً فهمنا لتاريخنا ؟
إيمان محمد: في فترة ما بعد الاستقلال تركَّز اهتمام كبار المفكرين والمؤرخين الصوماليين بتطوير سردية تاريخية وهوية وطنية متماسكة توحِّد المواطنين الصوماليين. وقد وُلدِت هذه العملية من رحم النضال ضد الاستعمار لإنهاء الإمبريالية الأوروبية في القرن الأفريقي وتوحيد الأراضي الصومالية الخمسة المُمثَّلة في العَلَم الوطني. فقد جمَّعَ هؤلاء العلماء والمفكرون، وخاصة في الأكاديمية الصومالية للفنون والعلوم والآداب، رموز الأمة الجديدة؛ فقد أنتجوا مجموعات شعرية، وأبحاثاً عن السيد محمد عبدالله حسن وكذلك عن الدراويش. كما قاموا بجمع التاريخ الشفهي والشعر حول الثقافة الصومالية. طوَّروا أيضاً قواعد إملائية للغة الصومالية. وعند تجميعهم لهذه الرموز وكتابة التاريخ أكَّدوا قبل كل شيء على تجانس ووحدة الشعب الصومالي. ولم يظهر الاستعمار في أي من هذه القصص، باستثناء دوره في إحباط مقاومة كلاً من الدراويش ورابطة الشباب الصومالي.
وهذه ليست حالة فريدة في كتابة الأفريقي لأن معظم الدول الأفريقية ما بعد الاستعمار، وكذلك المؤرخين الأفارقة العاملين في عالم الشمال سعوا إلى التأكيد على التاريخ العظيم لمرحلة ما قبل الاستعمار والذي يتضمَّن مقاومة الشعوب الأفريقية ضد الإمبريالية الأوروبية. ويمكن تلخيص ذلك بالفكرة التي تبناها جيه إف آدي أجايي عميد مدرسة إبادان للتاريخ الأفريقي والتي تقول بأنَّ الاستعمار كان مجرد "حلقة" في التاريخ الأفريقي. وارتبطت مدرسة دار السلام للتاريخ الأفريقي في أماكن أخرى من القارة ارتباطاً وثيقاً بفكرة أنَّ الدول الأفريقية الجديدة تحتاج إلى ماضٍ يمكن استخدامه للتأكيد على الفاعلية الأفريقية. وكما هو الحال مع التواريخ الأفريقية الأخرى أُحيل التاريخ الصومالي إلى مسائل تتعلق بالماضي القابل للاستخدام، أي أنواع التواريخ التي يمكن تخصيصها لتحقيق غايات قومية. فتاريخ التجربة الاستعمارية لم يكن ليتناسب أبداً مع هذه المهمة جزئياً لأنه أولا: لم يُصبح تاريخاً بعد لأن معظم هؤلاء المثقفين الأوائل قد عاشوا خلال الحكم الاستعماري؛ وثانيا: كان هناك "غياب مجموعة مشتركة من المعرفة الاستعمارية"، أي أنه لم تكن هناك تجربة استعمارية مشتركة وحَّدت الصوماليين، وبالتالي لا يمكن تعبئة الماضي الاستعماري إلا لتحقيق أهداف قومية محدودة. لذلك لم يكن الاستعمار وما يتعلق به من سخط على جدول أعمال البحث في واقع العديد من الباحثين والناشطين الصوماليين.
أما العامل الآخر في كتابة الصومالي فهو دور الدولة في تحديد وتقييم أنواع معينة من التواريخ. فكانت أي دراسة تاريخية لا تتماشى مع أجندة الدولة يُنظر إليها بعين الريبة. ومن الأمثلة التي أذكرها في هذا الصدد أنه قيل لي أن السبب وراء عدم نشر أطروحة الباحث علي عبد الرحمن حرسي الرائعة بعنوان "العامل العربي في تاريخ الصومال" ككتاب هو أنه قال بأنَّ الصوماليين ليسوا عرباً بشكل قاطع، وذلك في الوقت الذي كانت تُنمِّي فيه الصومال علاقات وثيقة مع الدول العربية وكانت قد انضمَّت لتصبح عضواً في جامعة الدول العربية. وأقول أنه لا يمكنني أن أجزم بصحة هذا الأمر، لكن ذلك لم يكن مفاجئاً بالنسبة لي. ومثيل ذلك مناطق الصومال الجنوبية وكذلك مدن بنادير بتنوعها اللغوي المذهل وتاريخها المختلف المرتبط بساحل شرق إفريقيا الأوسع، وقواعدها الزراعية والتجارة الحضرية، فإنها لم ترقَ أبداً لمستوى التاريخ الوطني، واعتُبرت هذه مجرد مناطق وبقيت الرموز الوطنية رعويةً حصراً.
يختلف تاريخ الصومال عن باقي التاريخ الإفريقي في موضع محدد وهو أنه قد بدأ العديد من الأفارقة والباحثين في الشئون الإفريقية في إعادة النظر في الفترة الاستعمارية في أعقاب كلا من التعديل الهيكلي، ونهاية الحرب الباردة والعديد من الأزمات الأخرى التي خيبت آمال الناس بشأن دولة ما بعد الاستعمار في الصومال. ودخل الصومال في هذه الفترة أيضاً في أزمة الحرب الأهلية؛ وبالتالي فإن هذه الأنواع من الأطروحات المتعلقة بالاستعمار لم تكن ممكنة. فلم تدمر هذه الحرب حياة الكثيرين فقط، بل أجبرت الناس على الهجرة أو النزوح الداخلي، وصعَّبت أيضاً بل جعلت من المُحال إجراء أي نوع من البحث التاريخي في الصومال. فقد انهارت الدولة ودُمِّرت كافة مؤسساتها من جامعات، ومكتبات، ومتاحف، ودور الأرشيف. ومع ذلك فأنا على يقين من أنَّ هناك طلابًا صوماليين قد كتبوا أطروحات وأبحاثاً تاريخية، بحسب ما سمعت، لكنَّ أبحاثهم لم تر النور بعد. وكذلك فإن اللذين كانوا منخرطين في عملية الكتابة قد تعطَّلوا بسبب الحرب. ولكن هناك أعمال ترجع إلى تلك الفترة مثل كتاب أحمد دوعاله جامع المعنون بـ" أصول مقديشو وتطورها من 1000 إلى 1850 م" وأقول أننا لم نرَ دراسة أثرية لمقديشو كهذه الدراسة منذ فترة طويلة جداً. وهناك أيضاً كتاب حسن عثمان أحمد المُعّنْون بالإيطالية " Morire a Mogadiscio " (وهو ما يعني "الموت في مقديشيو") والذي بدأ كمذكرات عن معيشته خلال الحرب بعد قدومه إلى البلاد لإجراء بحث أطروحته عن ماركا في القرن التاسع عشر. ومن المحزن حقاً أنه قد توفي العديد من كبار السن بسبب الحرب أو لبلوغهم أجلهم، فوهؤلاء كانوا مصدراً للتاريخ الشفهي لا يُقدَّر بثمن؛ وبوفاتهم يضيع هذا التاريخ إلى الأبد إذا لم يكونوا قد نقلوه إلى الجيل القادم. أما في الوقت الحالي فإننا نشهد لحظة اهتمام كبير بنهاية الاستعمار في الصومال. ولدي شعور بأنَّ هذا الاهتمام قد يكون بسبب مشاكل لحظتنا المعاصرة؛ فنحن نعيد النظر في مُخَطِّطي صومال ما بعد الاستعمار أثناء بحثنا عن إجابة التساؤلات المتعلقة ببناء الأمة وإعادة الإعمار. فربما يشعر الناس بخيبة أمل ويريدون العودة إلى الوعود الممكنة. فقد كُتب في العقد الأخير عدد من الكتب، والمقالات، والرسائل العلمية حول الفترة من 1940 إلى م1969. وأشير إلى أنَّ الحرب أيضاً أتاحت إعادة النظر في العديد من الافتراضات الأساسية للقومية الصومالية، ويتجلى ذلك في الكتاب الذي يحمل عنوان "اختراع الصومال" (" The Invention of Somalia") والذي حرَّره علي جمعالي أحمد. وهنا تجدر الإشارة أيضاً إلى ازدهار صناعة الكتب وانتشار معارضها في كافة أنحاء الأراضي الصومالي، وهو ما يُبرز اهتمام الصوماليين بالكتابة والقراءة عن الماضي؛ ولذلك أحرص في كل مرة أزور المنطقة على الذهاب إلى المكتبات لاستكشاف ما تنشره المطابع المحلية. وحتى ينتج هذا الاهتمام بالقراءة والكتابة المزيد الإنتاج العلمي فإنَّ الأمرَ يتوقف على الموارد المتاحة و الدعم المؤسسي.
عبدالعزيز مهدي: يناقش بحثك الأخير المنشور في المجلة الدولية لدراسات ما بعد الاستعمار مفهوم "فقدان الذاكرة الاستعمارية" والبقايا المادية للاستعمار الإيطالي في مقديشو. و العديد من الكتاب الصوماليين الإيطاليين، مثل إيجيبا سيجو وكاها محمد آدن، ناقشوا ظاهرة "فقدان الذاكرة" فيما يتعلق بالعلاقة بين إيطاليا والصومال. فلماذا هذا النسيان موجود، وكيف يؤثر على العلاقة بين البلدين ودولتيهما؟.
إيمان محمد: لقد نتج فقدان الذاكرة الاستعمارية في كل من إيطاليا والصومال عن الظروف الهيكلية لإنهاء الاستعمار. فعندما خسرت إيطاليا مستعمراتها في الحرب العالمية الثانية واستعادت الصومال كإقليم تحت وصاية الأمم المتحدة، أتاح ذلك للقادة الديمقراطيين الإيطاليين إقناع أنفسهم وشعبهم بأن إيطاليا كانت دائماً خَيِّرةً في مستعمراتها (“Italiani, brava gente”) وأنها سوف تستمر على هذا النهج بصفتها وصيةً على الصومال. وبالنسبة للصوماليين فإنه بمجرد اتخاذ قرار منح إيطاليا الوصاية على الصومال من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، أفسحت القومية الصومالية المناهضة للاستعمار الإيطالي في الأربعينيات الطريق لبرنامج أكثر واقعية للتعاون مع الإيطاليين حتى يتسنى للقوميين الانتفاع من الوصاية الإيطالية. وهنا قررت شخصيات مثل عبد الله عيسى وعدن عبد الله عثمان اتِّباع نهج أكثر تصالحية مع الأوصياء الإيطاليي، وذلك تحديداً بحلول منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، في حين تم تهميش القوميين الأكثر تطرفًا والمناهضين لإيطاليا مثل محمد حاج حسين بل حتى تم طردهم من قِبَلِ رابطة الشباب الصومالي. وبعد الاستقلال، تأثر الجيل الأول من الصوماليين بعمق بإيطاليا ودعمها المالي المستمر للدولة الوليدة، وهذا على السواء بالنسبة لمن هم من صوماللاند البريطانية السابقة أو من الصومال الإيطالي سابقاً. فلسنوات عديدة يُعتبر استثمار إيطاليا في الصومال لم يسبق له مثيل ، وخاصة في مجال التعليم. كما بدأت الجامعة الوطنية الصومالية (باسم المعهد الجامعي) خلال فترة الوصاية وظل أساتذة إيطاليون يعملون في العديد من كلياتها حتى الحرب الأهلية. لذا فقد تأثرت النُخب الحاكمة في الصومال التي تعيش في العاصمة السابقة للصومال الإيطالي تأثراً عميقاً بالثقافة واللغة الإيطالية ومن نواحٍ عديدة. حتى أنَّ الرئيس محمد سياد بري قد بدأ حياته المهنية كضابط في قوات الشرطة الإيطالية خلال الفترة الاستعمارية. و عندما جاء النظام الثوري (Kacaan)كان واضحاً جداً مع السياسيين والصحفيين الإيطاليين مؤكِّداً بأنه لن يكون له أي تأثير على علاقات الصومال مع إيطاليا. فهذا النظام الثوري لم يُقصد به أن يكون انقلاباً مناهضاً للاستعمار، وذلك على الرغم من تأميم بعض الصناعات المملوكة لإيطاليا خلال فترة حكمه. ولذلك ما كان لِتَذَكُّر الاستعمار أو التعامل معه أي فائدة سياسية حقيقية، خصوصاً في هذا السياق. وأما الأشخاص الذين كانوا يتذكرون الفترة الاستعمارية أو قد شكَّلتهم الثقافة الإيطالية في مقديشو فإنهم قد قُتلوا أو غادروا البلاد بعد الحرب. كما أنَّ كل رموز الاستعمار الإيطالي إما دُمرت، مثل المباني، أو اختفت تدريجيا، مثل اللغة الإيطالية. وهنا أُشير إلى أنه قد سألني بعضهم عن أهمية البحث في هذا الماضي الاستعماري خصوصاً والأمر يبدو أنَّ الحرب قد وضعت نهاية للاستعمار. بل وهناك آخرون يتذكرون باعتزاز ذلك الصومال الناطق بالإيطالية بعد تلك الحرب المُدَمِّرة وذلك عندما يتعلق الأمر بالوضع الحالي في الصومال بسبب مجرمي الحرب، أياً كان من يعتقدون أنهم هم المجرمون. لقد أصبحت الحرب بداية ونهاية التاريخ في خيالنا الجمعي من نواح متعددة. ومن ناحية أخرى ففي إيطاليا قد أثارت العقود الثلاثة الأخيرة من الهجرة اهتماماً جديداً بتاريخ إيطاليا الاستعماري. ومع ذلك لا تزال هذه النهضة في الدراسات الاستعمارية الإيطالية غارقة في تساؤلات حول كيفية تأثير الاستعمار على الإيطاليين بدلاً من تأثيره على من وقع الاستعمار عليهم. فقد جعلت الظروف المؤسفة للحرب وعدم الاستقرار مهمةَ الباحثين لإجراء الأبحاث في المستعمرات الإيطالية السابقة في الصومال وليبيا أمراً عسيراً؛ لذا فإنَّ هذا التركيز على إيطاليا وحدها أمرٌ منطقي. وأذكر أنني عندما كنت أعيش في روما، وكان هناك عدد من المبادرات الجديدة لاكتشاف الاستعمار الإيطالي ومحاسبته، وذلك مثل اليوم الجديد لإحياء ذكرى ضحايا الاستعمار الإيطالي في روما وذلك يوم 19 فبراير. ولكن تأتي هذه الجهود في ظل حكومة يمينية؛ مما يخلق ردود فعل عنيفة من أولئك الذين يعتقدون أنَّ إيطاليا عملت على تحضُّرَ من استعمرتهم وأنها لم تفعل شيئاً سوى بناء الطرق وتشييد المدارس، وينبغي أن يكون هؤلاء المُسْتعمرون شاكرين لإيطاليا (وهذه الأسطورة لاتزال في الواقع سائدة في إيطاليا). فعلى سبيل المثال اعْتَذَرَ أحد المتاحف في تورينو لعائلة سيزار ماريا دي فيتشي (أول حكومة فاشية في الصومال) وذلك لأنَّ المتحف قد وصف سياسات العمل التي انتهجتها هذه الحكومة في جنالي بأنها أقرب إلى العبودية. ولا تزال تدور معارك ثقافية حول تاريخنا الاستعماري، ورغم ذلك لا يوجد إلا القليل من المساهمة في هذا المجال من جانب من استُعمرت بلادهم.
عبدالعزيز مهدي: يرى البعض، مثل الراحل الدكتور محمد آدن شيخ في مذكراته "العودة إلى مقديشو"، أن الإرث الاستعماري الإيطالي أثَّرَ بشكل كبير على السياسة الصومالية، بما في ذلك إدخال الصيغة السياسية القائمة على العشيرة. وفي الوقت نفسه أنتِ تدرسين الجانب الثقافي للتراث الاستعماري. ما هي وجهة نظرك حول هذه المسألة؟
إيمان محمد: لقد كان الدكتور محمد آدن شيخ مُحِقَّاً تماماً في تقييمه لجذور السياسة العشائرية في الصومال. وأنا سعيدة لأنكَ ترجمتَ كتابه إلى اللغة الصومالية لأنَّ كثيراً من الناس بحاجة إلى قراءة أعماله.
أسَّسَ الإيطاليون نظام حكم غير مباشر في الصومال بمعنى أنَّهم أخذوا نظام العشائر وتبنوه في هيكلهم الإداري. فقد عُيِّن شيوخ ورؤساء العشائر كموظفين دولة الاستعمار ليعملوا كوسطاء بين الجماهير المُسْتَعْمَرة وتلك الدولة المُسْتَعْمِرة، وهو ما يُسمى بالإيطالية "capi stipendiati" أي "زعماء مأجورين". وتتمثل مهمتهم في ضمان ولاء عشيرتهم للسلطة الاستعمارية، و توفير العمال إذا ما طُلِبَ منهم ذلك، وجمع الضرائب أو الغرامات عندما كانت تتقاتل عشيرتهم مع مجموعات أخرى. ومن كان من هؤلاء الزعماء لا يمتثل ويُنَفِّذ ما تأمره به دولة الاستعمار فإنه يُستبدل ويأتي من لديه الرغبة في الطاعة. وكان الزعيم هناك لقمع أي مقاومة، وإن انضم هو إلى المقاومين، فإنه سُيسحق من قِبَلِ جيش الاستعمار وقوة الشرطة المُكوَّنة من العسكريين الصوماليين والعرب والإريتريين ، والشرطة المحلية المسماة zaptiè والقوة المسماة gogle. وبمرور الزمن أصبح هؤلاء القادة المأجورين جزءاً لا يتجزأ من النظام الاستعماري مستمدين سلطتهم من كلاً من نفوذ رجال عشيرتهم ومن دعم دولة الاستعمار لهم.
لقد صممت الدولة الاستعمارية هذا النظام لأنه سهّل على الأقلية الإيطالية حكم غالبية السكان وذلك عن طريق تفريقهم. فلم يكن تفاعل أي فرد مع الدولة الاستعمارية يُعامل كفرد بل كعضو في عشيرة. فالتعامل مع عشيرة على أنها معزولة عن جيرانها يجعل تحريضهم ضد بعضهم البعض أمراً في غاية السهولة حين يُرجى من وراء ذلك مصلحة. كما تضمن هذه الطريقة أيضاً عدم ارتباط الأشخاص ببعضهم البعض على أساس المصالح المشتركة. فعلى سبيل المثال عندما ذهبت دولة الاستعمار إلى الحرب ضد سلطنتي ماجيرتين وهوبيو في الشمال، قامت دولة الاستعمار بتجنيد الرجال الذين ينتمون إلى العشائر التي لديها خلافات تاريخية مع هاتين السلطنتين لخوض الحرب نيابة عنها. وفعلت دولة الاستعمار الشيء نفسه في حربها مع الدراويش. فقد قامت حكومة الصومال الإيطالي بتسليح العشائر التي تعيش في المناطق الشمالية الشرقية لتجعلها منطقة عازلة ضد الدراويش. وكثيراً ما استغل الزعماء المأجورين النفوذ الذي منحته لهم دولة الاستعمار وكانوا فاسدين جداً في استخدام سُلطتهم المُطْلقة. ولذلك فإنَّ رابطة الشباب الصومالي كانت متمسكة برأيها فيما يتعلق باستخدام السلطات الاستعمارية لنظام العشيرة لتفريق الصوماليين ومن ثمَّ تستطيع حُكْمهم. ولأجل ذلك فإنهم في قَسَمِهم يتعهد الأشخاصُ ألا يكشفوا عن عشيرتهم في العلن وألا يكون هناك تمييز بين الناس على أساس عشائرهم. وبالتأكيد كان هناك فرق بين الأفكار المثالية التي تبنتها رابطة الشباب الصومالي وبين ما تم تطبيقه في النهاية على أرض الواقع، ولكن في سياق القضاء الاستعمار والوصاية يعتبر رفض المجاهرة بالعشيرة موقفاً جريئاً.
ولا تزال سياسات "فرِّقْ تَسُدْ" التي تبناها الإيطاليون منذ قرن من الزمان تؤثر في الصيغة السياسية الصومالية القائمة على العشائرية إلى الآن، مثل نظام 4.5. فالعشائرية في السياسة هي أداة أيديولوجية فعَّالة تستخدمها النُخَب الصومالية تماماً كما استخدمتها دولة الاستعمار في ظروف مختلفة من قبل.
ولا تزال سياسات "فرِّقْ تَسُدْ" التي تبناها الإيطاليون منذ قرن من الزمان تؤثر في الصيغة السياسية الصومالية القائمة على العشائرية إلى الآن، مثل نظام 4.5. فالعشائرية في السياسة هي أداة أيديولوجية فعَّالة تستخدمها النُخَب الصومالية تماماً كما استخدمتها دولة الاستعمار في ظروف مختلفة من قبل.
عبدالعزيز مهدي: توجد كمية كبيرة من المواد الأرشيفية حول الأمة والدولة الصومالية باللغة الإيطالية، وهي لغة لم تكتسب شعبية بين القراء الصوماليين في مرحلة بعد الحرب الأهلية. ولكن أُتيح لكِ الوصول والاطلاع على هذه المواد الأرشيفية. كيف يمكننا سد هذه الفجوة المعرفية في اعتقادَكِ؟ وما هو أكثر شيء ألهمكِ اكتشافه أثناء بحثك في الكتابات الإيطالية حول الصومال؟
إيمان محمد: أتمنى لو كان لدي حلاً! فلا أستطيع أن أفعل شيئا بمفردي تجاه هذه المشكلة، وفي الحقيقة لا أنتوي ذلك. فبمجرد الانتهاء من أطروحتي آمل أن أقدم المزيد من الكتابة للجمهور العام إضافة إلى مواصلة عملي الأكاديمي. وأتَمنَّى أيضًا أنْ يشارك الناس اليوم وكذلك الأجيال القادمة في هذا البحث التاريخي. وأذكر هنا أنَّ كلاً من حاجز اللغة وكون معظم هذه الأرشيفات مُستضافة في إيطاليا يمثلان تحديان حقيقيان أمام الباحثين الصوماليين الحاليين والمستقبليين. ولكن لحسن الحظ هناك أرشيف رائع على الإنترنت أتاحه مركز الدراسات الصومالية بجامعة روما تري (Centro Studi Somali at Roma Tre University) والذي يحتوي على العديد من الوثائق التي ترجع إلى الحقبة الاستعمارية. ولكن أُذكِّر مرة أخرى بأنَّ هذه الوثائق مكتوبة باللغة الإيطالية؛ ومن ثَمَ لا يوجد الكثير من الصوماليين خارج إيطاليا الذين يمكنهم قراءتها. وربما تُغَيِّر البرامج الحديثة لتعليم اللغة الإيطالية في مقديشو هذا الوضع. علينا أن ننتظر ونرى.
من الصعب أن أشير إلى اكتشاف مُلْهِم محدد وذلك لضخامة الأرشيف الاستعماري ولكثرة اكتشافاتي اليومية، والتي غالبًا ما تكون صادمة ومثيرة للتأمل في آن واحد. لكن من الأشياء التي استمتعت بها حقًا، خاصة عندما كنت أعيش في إيطاليا، هو العثور على الكثير من الثقافة المادية الصومالية الموجودة في الأرشيف والمتاحف، مثل المنسوجات التقليدية والمجوهرات والأدوات والأسلحة وما إلى ذلك. أعرف أن التغيرات السياسية والاقتصادية والمناخية خلال القرن الماضي جعلت الكثير من هذه الأشياء منقرضة أو نادرة الإنتاج في الصومال، وهو أمر محزن لأنها تعكس الكثير من تاريخنا وطرق حياتنا. وأتمنى أن تعود هذه الأشياء مرة أخرى في نهاية المطاف إلى بلادنا.
عبدالعزيز مهدي: يجدر بنا أن نعترف بأنَّ ليس كل ما حدث في الحقبة الاستعمارية كان بالضرورة سلبياً. فقد كانت هناك حالات للحفاظ على التراث والتطوير الحضري. كيف نضمن الحفاظ على هذه الجوانب ونعمل على تطويرها دون أن نُمجِّدَ الإرث الاستعماري.
إيمان محمد: لا أظنُ أنَّ هناك فائدة في أن نعتقد بأنَّ الاستعمار كان "جيداً"؛ لأننا عندئذ نقع في الفخ الأبوي العنصري الذي يقول بأنَّ "الاستعمار كان لمصلحة السكان الأصليين".لم يكن أبداً مشروع التنمية الحضرية في العواصم الإمبراطورية مثل مقديشو من أجل مصلحة من استُعْمِرت بلادهم، بل كان لمنفعة المُسْتَعْمِر نفسه. فمنذ بدايات أقدم الخطط الحضرية ونحن نجد أن دولة الاستعمار كانت تسعى إلى تهجير السكان الأصليين الذين يعيشون في وسط المدينة. لقد وضعوا قوانين منعت الناس من إعادة إصلاح منازلهم المُتَصَدِّعة بل كانوا ملزمين بالانتقال إلى ضواحي المدينة إذا ما انهارت هذه المباني القديمة. لقد شهدت مقديشو الاستعمارية فصلاً عنصريًا وفق ما كان يقتضيه تصميمها؛ فقد صُممت "أحياء محلية" حول محيط المدينة القديمة لإيواء الصوماليين فيها. وكانت مُخططاً أن يُخَصَصَ وسطُ المدينة والمناطق المحيطة بالشواطئ في نهاية المطاف للإيطاليين فقط. لقد كره الإيطاليون على وجه الخصوص رؤية المنازل الصومالية التقليدية لدرجة أنهم حظروا بناء المنازل التي على طراز الكوخ (cariish-style)في المناطق الإيطالية.
ونحن الآن بصدد التفكير في التنمية الحضرية في فترة إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الصراع فإنَّ أمامنا الكثير لنتأمَّله من هذه الأنماط السابقة. وهنا نشير إلى أنه المثير للقلق أن نموذج معظم مشاريع التطوير التجاري أو السكني يعتمد على هدم المباني القديمة وبناء مباني جديدة للطبقات الحضرية الراقية. وتتجه معظم مشاريع تشييد المباني لخدمة هذه الطبقات، ويبدو أنه لا يوجد اهتمام لدى الدولة بمعالجة أزمات الإسكان التي يواجهها أفقر سكان مقديشو. فمن يسكن منهم في مخيمات النازحين الداخلية في المستوطنات الحضرية فإنهم معرَّضون للنقل بكل سهولة إلى ضواحي المدينة ومن ثمَّ نسيانهم. وهذه التنمية الحضرية لا تختلف كثيراً عن تلك التي كان فرضها الاستعمار، والاختلاف الوحيد هو أنها لم تعد تنمية مركزية وموجَّهة من قبل الحكومة. الآن توزّعت السلطة بين الأفراد والشركات، وهو ما لا يسمح إلا بالقليل من مسائلة وتنظيم نشاطهم. ودعنا نتسائل: أين ذهبت كل المساحات العامة من الحدائق، والمتاحف، والمكتبات في بلدنا؟ من المؤسف أنَّ قلة قليلة من جيلنا من يمكنهم حتى تذكر وقت ما كانت تلك الأماكن موجودة.
دعنا نقول أننا حقاً في أزمة فيما يتعلق بالحفاظ على التراث التاريخي. فكيف يمكن أن تكون جهود إعادة الإعمار في العاصمة فقط مُخَصَّصة للآثار التي بُنيت في السبعينيات أو مركَّزة على قنطرة تعود إلى زمن الاستعمار وكانت قد بُنيت لإحياء ذكرى أمير إيطالي؟ وعند إصلاح المباني التاريخية فإنَّ الناتج يكون بشعاً كما هو الحال في مسجد الأربعة ركن. كما أهملت الدولة أحياءً تاريخية مثل Xamarweyne و Shangaani بتركها للمُضاربين الذين يشترون ما فيها من عقارات ويحولونها إلى مبانٍ سكنية. فقد عَلِمتُ من أحدهم أنه أثناء حفر أساس أحد هذه المباني في Shangaani كانوا يعثرون تحت الأرض على قطع أثرية تاريخية وأشياء ترجع إلى الحضارات السابقة. وبطبيعة الحال فإنَّ ذلك لم يمنعهم من مواصلة البناء؛ فلا توجد جهة حكومية تُنَظِّم مثل هذه الأمور. ولا جديد في هذا، فقد بُني فندق أوروبا فوق أساسات قصر المُظَفَّر القديم. ولك أن تتخيل ما يمكن العثور عليه إذا ما أُجريت هناك حفريات أثرية اليوم.
يمثِّل الجانب المالي جزءاً من المُشكلة، لكن هناك أيضاً غياب تام للإرادة السياسية أو الاهتمام. وبالنسبة للشعب فيبدو أنه يُقدِّس أسلافنا وتقاليدنا بطرق عديدة، وفي الوقت نفسه نرفض النظر إلى الماضي إلا في روايته الأكثر طائفية. لا زالنا محاصرين بروايات الدولة الفاشلة و روايات"نهضة الصومال"، ونفترض أن الماضي ليس سوى رماد وأننا فقط الرواد أو المستوردون الوحيدون للمستقبل (فالأسواق الضخمة الجديدة المبهرة المليئة بالمنتجات المستوردة، والمساجد والفنادق المصممة لتبدو وكأنها في دبي أو اسطنبول). ولكن الماضي ليس مجرد حطام! فلم تأت مجتمعاتنا من لا مكان، ولا يمكننا الوصول إلى أي مكان إذا لم نأخذ تاريخنا في الاعتبار. فيجب إعادة بناء مقديشو وعيننا على تاريخها وذلك عندما يتعلق الأمر بتصميم المباني الجديدة أو الحفاظ على المواقع التاريخية. ولا يعني هذا أنه ينبغي أن لا يكون هناك شيئاً جديداً أو مختلفاً. لكن الجديد لا ينبغي له أن يمحو القديم بالضرورة.
عبدالعزيز مهدي: وختاماً أسأل ما هي العوامل التي تعتقد أنها ستؤثر في مساعي المؤرخين الصوماليين فيما يتعلق باستكشاف هذا الفصل الذي يبدو "مهملًا" من تاريخنا؟ وكيف تنظري إلى دور كل من الأكاديميين والمثقفين في هذا السياق؟
إيمان محمد: الأسئلة التي يطرحها المؤرخون حول الماضي هي في الغالب بنتُ الواقع المُعاش. فأسئلتنا التي نطرحها اليوم ربما هي مغايرة للأسئلة التي كان يطرحها الجيل الذي عايش الاستعمار. وبينما تشهد الفترة الحالية أزمة في الخيال السياسي بشأن مستقبل الصومال، لجأ المفكرون إلى النظر في ظروف فترة التحرر من الاستعمار. و أعتقد أن المشروعات الفكرية لأمثال عبدي إسماعيل سمتر، ومحمد ترنجي، وصفية عيديد هي مشروعات جديرة بالثناء عليها لأنها ترسم مسارًا مختلفًا للسياسة الصومالية من خلال استعراض ما كان ممكنًا من قبل، وأين مواطن الخلل التي وقعت فيها الأجيال السابقة، وما هي ظروف هذا النوع من الخيال السياسي؟ وما الذي يمكن أن يكون ممكناً في المستقبل؟ وكذلك وضع أمثال علي جمعالي أحمد، وعبدي كوسو، ومحمد إينو، وعمر إينو أسساً حيوية لإعادة تصورنا لقصة الأمة الصومالية. فقد فتحوا أبواباً مغلقة وطرحوا استفسارات جديدة يمكن أن نسألها الآن حول ماضينا وحاضرنا.
وفيما يتعلق بدور المثقف فإنني سأعطي الكلمة الأخيرة لإدوارد سعيد الذي يرى (مُستلهماً أنطونيو غرامشي) أن المثقف يجب أن يكون "شخصاً مثيراً للأسئلة المُحْرجة علناً، وأن يواجه الأفكار السائدة والعقائد الراسخة (بدلاً من أنْ ينتجها)". وذلك حتى يكون شخصًا لا يمكن بسهولة أن يتم اختياره قبل الحكومات أو الشركات، ويكون سبب وجوده هو تمثيل كل هؤلاء الأشخاص والقضايا التي عادة ما تُنسى أو تُتتجاهل." ولا يسعنا إلا أن نأمل أن يسعى مفكرونا إلى الارتقاء إلى مستوى هذا المثل الرفيع.
ترجمة: يُسري السعدواي