تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الأربعاء 19 نوفمبر 2025

  • facebook
  • x
  • tiktok
  • instagram
  • linkedin
  • youtube
  • whatsapp
راهن

الفاشر: “الدعم السريع” يعلن السيطرة على المدينة وقيادة الفرقة السادسة… واتهامات بإعدامات ميدانية

26 أكتوبر, 2025
الصورة
الفاشر: «الدعم السريع» تعلن السيطرة على المدينة وقيادة الفرقة السادسة… واتهامات بإعدامات ميدانية
Share

أعلنت قوات «الدعم السريع» أنها سيطرت على مقرّ قيادة الفرقة السادسة مشاة في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، ثم أعلنت لاحقًا «بسط السيطرة» على المدينة بأكملها. ونشرت الحركة مقاطع مصوّرة تُظهر مقاتلين يرفعون أعلامها داخل منشآت عسكرية ومدنية. ولم يصدر عن الجيش السوداني، حتى لحظة النشر، تأكيد أو نفي للخبر، فيما تعذر التحقق الميداني المستقل بسبب شدّة القتال وتعطل الاتصالات في أجزاء واسعة من المدينة.

مصادر إعلامية دولية قالت إن التحقّق الجغرافي لبعض المقاطع المنشورة يشير إلى أنها صُوّرت أمام لافتات مقرّ الفرقة السادسة، من دون إمكانية الجزم بتاريخ التصوير أو تسلسل الأحداث داخل الأحياء. في المقابل، تؤكد مصادر محلية متحالفة مع الجيش أن الاشتباكات ما زالت دائرة في عدة محاور داخل الفاشر ومحيطها، وأن «سقوط مقرّ القيادة» لا يعني حسم السيطرة على كامل المدينة.

تزامنت التطورات الميدانية مع اتهامات خطيرة طاولت «الدعم السريع» بارتكاب إعدامات ميدانية بحق عناصر وأسرى موالين للجيش داخل الفاشر. مصادر طبية ومحلية تحدثت عن حالات قتل خارج القانون خلال الساعات التالية لاقتحام مقرّ الفرقة، من دون تأكيدات رقمية قاطعة حتى الآن. «الدعم السريع» لم تُصدر ردًا تفصيليًا على هذه المزاعم، فيما يطالب ناشطون وهيئات حقوقية بتحقيق مستقل وشامل حول ملابسات الانتهاكات المحتملة.

استراتيجيًا، يُعدّ مقرّ قيادة الفرقة السادسة عقدة عسكرية لوجستية لإدارة عمليات الجيش في شمال دارفور. وإذا ثبتت السيطرة عليه وترسّخت داخل أحياء الفاشر، فسيكون لذلك أثر مباشر على موازين القوة في الإقليم، مع احتمال ترسيخ «تقسيم أمر واقع» بين مناطق نفوذ الطرفين؛ الجيش في الشرق والوسط، وقوات «الدعم السريع» على مساحات واسعة من دارفور. غير أن هذا السيناريو يظل مشروطًا بقدرة القوة المهاجمة على تثبيت خطوطها وتأمين الإمداد، وبما إذا كانت هناك جيوب مقاومة قادرة على استنزافها داخل المدينة وأطرافها.

على المستوى الانساني، تقف الفاشر على حافة كارثة انسانية. فقد عانت المدينة شهورًا من الحصار ونقص الغذاء والدواء وتعطل المرافق الصحية وانقطاع طرق الإغاثة. منظمات إنسانية وأممية حذرت مرارًا من أن عشرات الآلاف من المدنيين، بينهم أعداد كبيرة من الأطفال، عالقون بين نيران القصف وضربات المسيّرات والاشتباكات القريبة من الأحياء السكنية. أي تبدّل في خرائط السيطرة لن يبدّد المخاطر تلقائيًا ما لم تُفتح ممرات آمنة، ويُسمح بدخول منتظم للقوافل الطبية والغذائية، وتُفعّل آليات إجلاء المصابين والمرضى الأكثر هشاشة.

في موازاة الميدان، تدور معركة الصور والمعلومات والسرديات المتعارضة على المنصات الرقمية. تسعى «الدعم السريع» إلى تكريس صورة «الحسم» عبر بثّ لقطات من داخل مواقع رسمية في المدينة، بينما يلتزم الجيش خطابًا مقتضبًا يركز على «صدّ هجمات متعددة المحاور» واستمرار القتال. ويستبعد مراقبون إمكان حسم السردية قبل توفّر أدلة موثقة من الطرفين وشهادات مستقلة، محذرين من أن التضليل المعلوماتي المجتزأ قد تزيد من ضبابية المشهد وتفاقم الخطر على المدنيين.

على المستوى القانوني والحقوقي، تضيف مزاعم الإعدامات الميدانية طبقة جديدة إلى سجلّ الانتهاكات الموثقة في دارفور. وتقع على عاتق الطرف الذي يعلن السيطرة مسؤولية قانونية مباشرة عن حماية السكان ومنع الانتقام وتأمين النظام العام، وفق قواعد القانون الدولي الإنساني. كما أن توثيق أي قتل خارج القانون أو استهداف للمرافق المدنية سيؤثر في مواقف المجتمع الدولي وشروط أي مسار تفاوضي لاحق، وقد يفتح الباب أمام مطالبات بمساءلة جنائية.

في المحصلة، ستنعكس نتيجة معركة الفاشر على تموضع الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش، وعلى مسارات الوساطات الإقليمية ومساعي وقف الأعمال العدائية. كما أن أي تصعيد غير منضبط، خصوصًا إذا اقترن بانتهاكات جسيمة، سيزيد من عزلة الأطراف المتورطة ويعقّد ترتيبات التهدئة.