الأحد 16 نوفمبر 2025
سجّلت موجات الهجرة الصومالية إلى أوروبا قفزة لافتة هذا العام؛ إذ تفيد بيانات مصفوفة تتبّع النزوح (DTM) للفترة من يناير/كانون الثاني إلى أغسطس/آب 2025 وصول أكثر من 5,000 صومالي عبر طرق بحرية وبرية متعددة، بزيادة تُناهز ثلاثة أضعاف مقارنةً بالفترة نفسها من 2024، وتشير الأرقام إلى أنّ الصوماليين يمثّلون نحو 4٪ من إجمالي الوافدين إلى أوروبا منذ بداية العام الحالي.
توزّع وصول الصوماليين عبر المسارات الثلاثة الرئيسة إلى جنوب أوروبا: «المتوسط الأوسط» نحو السواحل الإيطالية (وهو الطريق الأكثر استخدامًا)، و«المتوسط الغربي» إلى إسبانيا، و«المتوسط الشرقي» نحو اليونان وقبرص. كما سُجّلت حالات بلوغٍ لجزر الكناري عبر الأطلسي على طول الساحل الغربي لأفريقيا. وتوضح المادة أنّ جزءًا من الحصيلة اعتمد على بيانات الوصول في إيطاليا وإسبانيا، بينما لم تكن إحصاءات اليونان مكتملة بعد، ما يعني أن الرقم الإجمالي مرشَّح للارتفاع عند دمج المعطيات النهائية.
وتعزو قراءات الهجرة هذا الارتفاع إلى حزمة عوامل متداخلة في الداخل الصومالي، أبرزها انعدام الأمن وتقلّبات الاقتصاد وفرص العمل المحدودة، فضلًا عن تصاعد الضغوط على شبكات الخدمات الأساسية. وفي هذه البيئة، ترى عائلات كثيرة أن أوروبا تمثّل ممرًا إلى "ملاذ وفرص أفضل" رغم ارتفاع المخاطر على الطرق، خصوصًا في «المتوسط الأوسط» الذي يوصف بأنه الأخطر على المهاجرين الأفارقة.
وتلفت المعطيات إلى أثر سياسي داخلي لهذه الموجة؛ إذ يحمّل بعض المعارضين الحكومة مسؤولية الإخفاق في تحسين المؤشرات الاقتصادية، بينما تؤكد السلطات أن برنامج إعادة بناء الدولة يمر بمرحلة انتقالية حسّاسة تتطلب وقتًا ومواردا، وأن ضبط الأمن ومكافحة حركة «الشباب» وتطوير البنية التحتية الشرطية والخدمية تتقدّم على جدول الأولويات. غير أنّ المحصلة الميدانية لدى المنظمات الدولية تفيد في استمرار تدفّق الصوماليين عبر «ممرات خطرة» خلال 2025 مقارنة بالعام الماضي.
إنسانيًا، تحذّر وكالات الهجرة والإغاثة من أن ارتفاع الأعداد عبر مسارات عالية المخاطر يُفاقم احتمالات الفقدان في البحر والاتجار والاستغلال، وتدعو إلى مقاربة مزدوجة تشمل تعزيز سُبل العيش والحماية داخل الصومال وعلى طول طرق العبور، وتوسيع قنوات الهجرة النظامية والمسارات الإنسانية في بلدان الاستقبال لتقليل الاعتماد على المهرّبين. كما يُوصي خبراء بقراءة موجات الهجرة ضمن مؤشرات الاقتصاد الكلي والأمن الغذائي والتغير المناخي، لا باعتبارها ظاهرة أمنية فحسب.