الأحد 16 نوفمبر 2025
خرج آلاف السكان في أحياء متفرقة من العاصمة الصومالية مقديشو، ولا سيما في دينيلي (Dayniile) وهودن، للتظاهر رفضًا لما وصفوه بـ«استيلاء منظم على الأراضي» وسياسات الإخلاء القسري التي تطال منازل يملك أصحابها وثائق رسمية. وشهدت بعض نقاط التجمّع توترًا لافتًا؛ إذ استخدمت قوات الأمن الرصاص الحي لتفريق المحتجين قرب أكاديمية «جالي سياد» العسكرية، ما أسفر عن مقتل متظاهر وسقوط جرحى، بحسب ما أفادت منصات محلية.
وأظهرت مقاطع من موقع الأحداث حشودًا تهتف ضد الحكومة، وتراشقًا بالحجارة بين متظاهرين وعناصر الأمن مع امتداد التوتر حتى ساعات المساء. ونقلت تقارير أن بعض المسؤولين الأمنيين حضّوا المحتجين على الاستمرار في مطالبهم وعدم الرضوخ للقمع، في مؤشر على انقسام داخل الأجهزة بشأن كيفية التعامل مع الملف.
تأتي هذه التعبئة الشعبية بعد أوامر متتالية بالإخلاء في عدد من الأحياء، يقول سكانها إنهم يمتلكون سندات ملكية صادرة عن جهات حكومية. ويتهم الأهالي رجال أعمال مقربين من الرئيس حسن شيخ محمود بالسعي إلى شراء الأراضي المتنازع عليها بأسعار متدنية، لإعادة بيعها بأرباح كبيرة، فيما تحدث بعض أصحاب المنازل عن محاولات «ابتزاز» مالية لوقف الهدم. ولم يتسن الحصول على تعليق حكومي فوري بشأن تلك المزاعم.
وردّت شخصيات معارضة سريعًا على سقوط قتيل خلال تفريق الاحتجاجات؛ فقدّم رئيس الوزراء الأسبق حسن علي خيري والرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد العزاء لعائلة الضحية، ونددا باستخدام القوة المميتة ضد المدنيين، داعيين السلطات إلى الاستماع لغضب الشارع بدلًا من التصعيد. في المقابل، حاولت حركة الشباب استثمار حالة الاحتقان، مهدِّدة بمعاقبة المتورطين في الاستيلاء على الأراضي، في خطاب دعائي دأبت الجماعة على توظيفه لتقويض الثقة بالدولة.
يعيد مشهد السبت إلى الأذهان حوادث مماثلة خلال الأسابيع الماضية. ففي 14 سبتمبر/أيلول، انتشرت قوات أمنية ترافقها جرافات في حي «أودوينه» بمقديشو لوَسم منازل تمهيدًا لهدمها، ما فجّر احتجاجات قُتلت خلالها امرأة وأُصيب عدد من الأشخاص، وفق شهادات سكان محلّيين. كما شهدت العاصمة منذ أوائل آب/أغسطس اشتباكات دامية على خلفية عمليات الإخلاء، أودت بحياة ثلاثة أشخاص على الأقل في منطقة «ترابُنكا»، بحسب تقارير مستقلة.
وتؤكد السلطات، عند تعليقها على ملفات سابقة، أن حملات الإزالة تستهدف مباني شُيِّدت «على أراضٍ عامة» أو ممتلكات حكومية سابقة، وأن الهدف هو إعادة التطوير الحضري وتنظيم الملكيات. غير أن معارِضين ونوابًا ينتقدون افتقار الإجراءات إلى الشفافية، ويحذرون من سنّ سابقة تُقوّض الثقة في سندات الملكية الرسمية وتزيد هشاشة الفئات الأضعف - لا سيما النازحين داخليًا الذين يستقر كثير منهم في أحياء عشوائية قرب الأسواق الرئيسية. وتدعو أصوات حقوقية إلى تعليق الإخلاءات القسرية ما لم تُرفق بتعويضات كافية ومسارات قانونية واضحة لتسوية النزاعات على الملكية.
وتشير الاحتجاجات الأخيرة إلى تزايد الاحتقان حول إدارة الدولة لملف الأرض وسيادة القانون في العاصمة، وإلى اتساع الفجوة بين متطلبات التنمية الحضرية وحقوق السكان في السكن الآمن والملكية الموثقة. ويطالب قادة محليون ومنظمات مدنية بفتح حوار علني يضمّ ممثلين عن الحكومة والمجتمعات المحلية والقطاع الخاص؛ لوضع إطار شفاف لتسوية النزاعات، وتثبيت السجلات العقارية، بما يمنع تكرار المآسي ويحول دون استغلال الملف لمآرب سياسية أو دعائية.