الأحد 9 نوفمبر 2025
في 2 أكتوبر/تشرين الأول، افتتح رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد رسمياً المرحلة الأولى من مشروع الغاز الطبيعي المسال (LNG) في الأوجادين بمنطقة «عالوب» في الإقليم الصومالي، بطاقة إنتاجية سنوية تبلغ 111 مليون لتر. كما أطلق رئيس الوزراء المرحلة الثانية من المشروع، التي يُتوقع أن ترفع الإنتاج بمقدار 1.33 مليار لتر سنوياً وتدعم توليد 1,000 ميغاواط من الكهرباء.
ونشر آبي أحمد على حسابه الرسمي في منصة «إكس» أن الحدث «مناسبة تاريخية لكل الإثيوبيين»، مضيفاً: «اليوم نضع أحجار الأساس لمشروعين تحوليين: مصنع سماد اليوريا — ستطوره الشركة الإثيوبية القابضة للاستثمار (EIH) بالشراكة مع مجموعة دانغوتي — ومصفاة غودي للنفط، التي ستنشئها مجموعة غولدن كونكورد المحدودة (GCL).» وشدّد على أن هذه المبادرات «تجسّد أكثر من مجرد تقدّم صناعي؛ فهي تعبير عن مسؤوليتنا المشتركة في اقتناص الفرص وتعزيز التعاون وترسيخ السلام»، داعياً الإثيوبيين إلى «مواصلة التعبئة بوحدة من أجل التقدّم، بما يرفع مكانة إثيوبيا على الساحة الدولية».
ومن المقرر أن تعالج «مصفاة غودي» — التي ستطوّرها GCL — 3.5 ملايين طن من النفط الخام سنوياً من حقل «هيلالا». في المقابل، سيبلغ إنتاج مصنع اليوريا — الذي ستطوّره EIH بالتعاون مع مجموعة دانغوتي — ثلاثة ملايين طن سنوياً، اعتماداً على غاز طبيعي من حقول «كلوب» عبر خط أنابيب بطول 108 كيلومترات. وقال أليكو دانغوتي، مؤسس المجموعة ورئيسها ومديرها المتقاعد منذ يوليو/تموز، خلال الفعالية: «أؤمن إيماناً راسخاً بأنه مع هذا المشروع ستصبح إثيوبيا خلال خمس سنوات الدولة الزراعية الأولى في القارة الأفريقية»، مضيفاً: «نحن لا نتشارك إلا مع الحكومات الجادّة، وعندما نتحدث عن الحكومات الجادّة فإن إثيوبيا في صدارة القائمة.»
وفي أغسطس/آب 2025، وقّعت EIH ومجموعة دانغوتي اتفاق تطوير مشترك بقيمة 2.5 مليار دولار لإنشاء مجمّع الأسمدة، تمتلك فيه EIH حصة 40% ومجموعة دانغوتي 60%. وتُعد مجموعة دانغوتي — التي أسسها دانغوتي عام 1981 — من أكبر التكتلات الصناعية في أفريقيا، مع أنشطة تمتد إلى الأسمنت والطاقة والتصنيع.
وتزخر حوض الأوجادين، الواقع في الإقليم الصومالي وتبلغ مساحته نحو 350 ألف كيلومتر مربع، باحتياطيات كبيرة من النفط والغاز، ويُعد أكثر مناطق إثيوبيا الواعدة هيدروكربونياً، خصوصاً في حقلي «كلوب» و«هيلالا». وتقدَّر احتياطيات الغاز الطبيعي المثبتة في إثيوبيا بنحو 2,800 بيتا جول (2.6 تريليون قدم مكعّب) — وهي كمية تكفي، وفق وزارة المناجم، لتغذية إنتاج الأسمدة وتوليد الكهرباء وصناعات بترولية أخرى لأكثر من خمسة عقود. تعود اكتشافات الغاز في «كلوب» و«هيلالا» والحقول القريبة إلى سبعينيات القرن الماضي، إلا أن التطوير التجاري تعثّر طويلاً بسبب الاضطرابات السياسية وضعف البنية التحتية والهواجس الأمنية، رغم قيام عدة شركات دولية — منها السويدية «لوندين» — بأعمال استكشاف على مدى عقود.
وعلى الرغم من ضخامة الموارد، ظلّ التطوير متأخراً تاريخياً. فقد أُلغي عام 2022 مشروع ضخم للتصدير كان يقوم على خط أنابيب بطول 767 كيلومتراً يربط حقول الأوجادين بجيبوتي، بسبب تحديات التمويل وبطء التنفيذ، وهو ما أكّده لاحقاً تقرير «آفاق الطاقة الإثيوبية 2025». وكان المشروع قد أُسند عام 2013 إلى مجموعة «بولي–جي سي إل» للبترول، لكنه واجه تأجيلات متكرّرة؛ وسحبت الحكومة الإثيوبية رخصته في 2022 بسبب الإخلال بالمواعيد، قبل أن تعيدها في يونيو/حزيران 2024 بعد إظهار تقدّم جزئي. ورغم تأكيد شركة أمريكية احتياطياً يقدَّر بسبعة تريليونات قدم مكعّب، اعتُبر نموذج التصدير في نهاية المطاف غير قابل للتنفيذ. وبالمثل تعثّر مشروع مشترك في 2021 مع مجموعة «OCP» المغربية لبناء مصنع أسمدة في «دير داوا».
وتنفق إثيوبيا حالياً أكثر من 4 مليارات دولار سنوياً على واردات المنتجات النفطية، وتسعى الاستراتيجية الحكومية الجديدة إلى تقليص الاعتماد على الاستيراد عبر تطوير ومعالجة واستغلال موارد الغاز الطبيعي المحلية. غير أن تحديات الحوكمة والأمن ما زالت قائمة؛ إذ شهد الإقليم الصومالي صراعات طويلة مع «جبهة تحرير أوغادين الوطنية» (ONLF)، ورغم أنّ الجبهة ألقت السلاح ووقّعت اتفاق سلام مع الحكومة الفدرالية في 2018، ظهرت انقسامات داخلية مؤخراً، فيما تتهم بعض الأجنحة أديس أبابا بالتدخل في شؤونها.
اقتصادياً، تقف مشروعات غاز الأوجادين والغاز الطبيعي المسال في قلب مسعى إثيوبيا للتصنيع وتنويع مصادر الطاقة. فاستغلال الاحتياطيات المحلية يمكن أن يساهم في خفض فاتورة الوقود المستورد وخلق آلاف الوظائف. وتأتي هذه الجهود ضمن موجة أوسع من الطموح الوطني؛ ففي الأسابيع الأخيرة فقط دشّنت إثيوبيا «سد النهضة الإثيوبي الكبير» — مشروعاً بمليارات الدولارات يُتوقع أن ينتج أكثر من 5,000 ميغاواط — ووقّعت اتفاقاً مع روسيا لبناء أول محطة نووية في البلاد.